77 عاماً على النكبة… والفلسطينيون يواجهون نكبات متواصلة

أمد/ في مثل هذا اليوم من كل عام، تستعد المخيمات الفلسطينية لإحياء ذكرى النكبة، ورغم الشوارع المزدحمة والأزقة الضيّقة، فإن صور الجيل الأول من اللاجئين يحملون مفاتيح العودة كانت تشكّلها جدران البيوت المتلاصقة، غير أن هذا العام في ذكرى النكبة سيكون مختلفاً، حيث دمّرت إسرائيل
المخيمات الثلاثة، جنين ونور شمس وطولكرم، وهجّرت أهلها الذين كانوا يعتبرون أنفسهم في محطات مؤقتة للعودة.
77 عاما والنكبة لم تتوقف، بل ما تزال مستمرة بأشكال مختلفة من التهجير والتدمير والسيطرة على الأرض والسكان.
قطاع غزة يُمثّل اليوم رمزاً واضحاً لما تعنيه النكبة المستمرة، منطقة محاصرة يعيش فيها أكثر من مليوني فلسطيني في ظروف كارثية، يُحرمون من الحد الأدنى من مقومات الحياة، المياه ملوثة، الكهرباء شحيحة، الاقتصاد مشلول، والآفاق معدومة.
ومع كل هذا، تستمر “إسرائيل” في فرض سيطرتها عبر القصف والاغتيالات وإحكام الخناق، بينما العالم يكتفي بالتنديد أو الصمت، في الواقع، القطاع لا يُفهم إلا كجزء من سردية كبرى بدأَت في عام 1948، ولم تنتهِ يوماً.
إن الفلسطينيين لا يخوضون فقط معركة بقاء، بل معركة سردية تاريخية. الصراع لم يعد محصوراً في حدود 1967، بل عاد ليتصل بجذور 1948.
والمأساة ليست فقط في الاحتلال العسكري، بل في نزع الحق في الوجود، وفي محو التاريخ والهوية. كل حجر يُهدم، وكل بيت يُقصف، وكل لاجئ يُحرم من العودة، هو امتداد لجريمة الأصل.
ولهذا، فإن العدالة الغائبة منذ 77 عاماً، ستظلّ تطارد هذا الصراع، وتحول دون طيه، مهما بلغت “إسرائيل” من تفوق.
في النهاية، يثبت الواقع أن “إسرائيل”، رغم ما تملكه من قوة، لم تُفلح في إنهاء ما بدأته، المشروع الذي أُسِّس على الطرد والسيطرة، يتعثر أمام شعب يرفض الانصياع، وأمام حقيقة أن النكبة لا تموت بالزمن.
الحرب على غزة كشفت من جديد هذا الواقع: لن تمحو الطائرة الإسرائيلية ذكر الفلسطينيين ولا وحيهم. والنتيجة، أن النكبة مستمرة، ليس فقط لأن الفلسطينيين يتعرضون للقتل والتشريد، بل لأن العالم يتواطأ في نسيان جريمتهم الأصلية.