اخر الاخبار

يَوْمُ الأَرْضِ: نِضَالُ الأَحْرَارِ وَفَاءٌ لِلْوَطَنِ

تظل الأرض رمزًا للكرامة والشرف، فهي أرض الشهداء وأرض السلام، تلك البقعة المقدسة المباركة التي احتضنت أجساد من بذلوا أرواحهم فداءً لها. ليست فلسطين مجرد قطعة من الأرض، بل هي وطن نابض في قلوب أبنائه، يستمدون منه الحياة والكرامة والأمل، وهي تراث متجذر في تاريخ الأجداد وأحلام الأحفاد. ويأتي يوم الأرض ليجسد التعلق العميق واللامحدود بهذه الأرض المباركة، التي لا يمكن لأي قوة أن تفصلنا عنها أو تنزع محبتها من قلوبنا.
لقد نمت أقدامنا فوق ترابها، واستنشقت أرواحنا هواءها الطلق، وغذتنا خيراتها، وحمتنا ظلالها. ومهما كانت الظروف، لا يمكن لنا أن ننسى هذا الوطن الذي يشكل جزءًا من كياننا. فالوطن ليس مجرد مكان نعيش فيه، بل هو هوية وانتماء، وحبنا له هو ما يحفزنا على العطاء بلا حدود، لأنه يسكن فينا ويمنحنا القوة والعزيمة لنواصل الحياة.
وحين يتعرض الوطن للمحن والنكبات، يصبح التمسك بالوطنية أكثر ضرورة، إذ لا حياة لشعب دون وطن. في أوقات الأزمات، عندما يتوارى الوطن خلف ضباب الفتن والصراعات، يترك أبناءه في حالة من الضياع والقلق، لكن الوطنية الحقة تبقى شعلة لا تنطفئ، فهي ليست شعورًا عابرًا، بل قيمة عليا تتجسد في الولاء للأرض، والتمسك بالوحدة، والقدرة على مقاومة أي محاولة لتقسيمه أو تفتيته. إن الوطن هو العزة التي لا تُفرط فيها، والشرف الذي لا يُنتقص منه.
حيث ما يهدد المجتمع أكثر من أي شيء آخر هو انعدام الوطنية بين أفراده، مما يؤدي تراجع الانتماء إلى ضعف الأمة وهوانها، ويجعلها عرضة للتمزق والضياع. وفي الحالة الفلسطينية، لم تكن الحرب والصراعات السياسية سوى جزء من هذا التراجع، إذ تسبب الانقسام الداخلي بين الفصائل في تراجع قيم الانتماء والحرية، وخلق فجوة بين أبناء الشعب الواحد، مما انعكس ليس فقط على الحياة السياسية، بل على السلم المجتمعي أيضًا، فتفاقمت مشاعر عدم الأمان، وانتشرت الفتنة بين الناس.
لكن رغم ذلك، يبقى الأمل معلقًا بوحدة الشعب الفلسطيني ونضاله المستمر، فالوطن لا يُحرَّر بالأماني وحدها، بل بوحدة الصف، وصمود أبنائه، وإرادتهم القوية في مواجهة الاحتلال. ففلسطين لن تتحرر إلا عندما يقف جميع أبنائها في خندق واحد، يحملون راية النضال والصمود، ويقدمون الغالي والنفيس من أجل تحرير الأرض، وإعادة بناء الوطن على أسس من العدالة والمساواة والوحدة.
إن حب الوطن ليس مجرد مشاعر جياشة، بل يتجلى في أفعال ملموسة تسهم في تقدمه وحمايته. هذا الحب هو الدافع الأساسي للعمل بجد واجتهاد في مختلف المجالات، سواء في العلم أو السياسة أو الاقتصاد، لضمان أن يكون الوطن في أيدٍ أمينة، وينعم بالنماء والازدهار. وتعزيز القيم الوطنية يعني أيضًا تعزيز مفهوم الوحدة الوطنية، التي تقوم على احترام التنوع والاختلاف، والابتعاد عن كل ما يؤدي إلى الفرقة والتشتت. فلا مجال للتمييز الفئوي أو المذهبي، ولا مكان لثقافة الكراهية التي تسعى لتقسيم المجتمع.
ولا يمكن للمواطن أن يدّعي حب وطنه إلا إذا احترم قوانينه، وساهم في استقراره وأمنه، وعمل بجد للحفاظ على مصالحه. فحب الوطن لا يعني السعي وراء المصالح الشخصية، بل يتطلب العمل من أجل المصلحة العامة، والحرص على أن تبقى فلسطين كما كانت، أرض الشهداء والسلام.
وختاماً، من واجبنا جميعًا أن نغرس هذه القيم في نفوس أبنائنا، ونزرع فيهم حب الوطن والانتماء إليه، ونعمل على تعزيز السلوكيات التي تحميه من أي تهديد. فالواجب تجاه الوطن لا يتوقف عند الكلمات، بل يتطلب أفعالًا وجهودًا حقيقية لتحقيق طموحات شعبنا في الاستقلال والحرية. يجب أن نكون نحن الأمل الذي يعيد للوطن عزته، ويحافظ على قوته. وحيث يبقى الوطن هو الأساس الذي تُبنى عليه الطموحات والأحلام، ولن يستطيع أي شخص أو قوة أن تنتزع حب فلسطين من قلوبنا، مهما اشتدت التحديات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *