يوميات الحرب العدوانية على قطاع غزة مستمرة.. مجازر ونزوح متواصل
أمد/ غزة: تواصل دولة الاحتلال حربها العدوانية على قطاع غزة لليوم الخامس والسبعين في العام الثاني، خلفت أكثر من 180 ألفا بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين، جراء إغلاق المعابر، ورغم قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات اعتقال دولية بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ووزير جيشها السابق يوآف غالانت، لمسؤوليتهما عن “جرائم حرب” و”جرائم ضد الإنسانية”.
ارتفاع حصيلة الضحايا..
أعلنت مصادر طبية يوم الجمعة، ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، إلى 45,206 شهداء و107,512 مصابا، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وأضافت المصادر الطبية، أن قوات الاحتلال ارتكبت ثلاث مجازر ضد العائلات في قطاع غزة، أسفرت عن استشهاد 77 مواطنا وإصابة 174 آخرين، خلال الساعات الـ 24 الماضية، مشيرة إلى أن آلاف الضحايا ما زالوا تحت الركام وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم.
مجازرمتواصلة..
استشهد 10 مواطنين، جراء قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي مساء يوم الجمعة، منزلا في جباليا النزلة، شمال قطاع غزة.
وقالت مصادر محلية إن طائرات الاحتلال قصفت منزلا لعائلة خلة في جباليا النزلة، ما أدى لاستشهاد 10 مواطنين، بينهم 7 أطفال، وإصابة آخرين.
استشهد سبعة مواطنين، مساء يوم الجمعة، في قصف للاحتلال الإسرائيلي على مخيم النصيرات، وسط قطاع غزة.
وأفادت مصادر محلية بأن طائرات الاحتلال استهدفت شقة سكنية في مخيم النصيرات، ما أدى لاستشهاد سبعة مواطنين بينهم طفلان، وإصابة آخرين، جرى نقلهم إلى مستشفيي العودة في النصيرات، وشهداء الأقصى في دير البلح.
استشهد مواطن وزوجته وابنتيهما، صباح يوم الجمعة، في غارة شنتها طائرات الاحتلال الإسرائيلي على عزبة بيت حانون شمال قطاع غزة.
وأفادت مصادر محلية بأن طائرات الاحتلال شنت غارة على عزبة بيت حانون، ما أسفر عن استشهاد مواطن وزوجته وابنتيهما، وإصابة آخرين.
وذكرت مصادر محلية أن قوات الاحتلال نفذت عمليات نسف لمباني سكنية في مشروع وبلدة بيت لاهيا شمال القطاع.
وجرى انتشال جثامين ثلاثة شهداء أشقاء من عائلة الشرافي، استشهدوا في غارة إسرائيلية استهدفت محيط مستشفى الشهيد كمال عدوان قبل عدة أيام.
سياسة تجويع ممنهجة
حرمت حرب الإبادة المتواصلة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، المواطنين بشكل عام، وأهالي خان يونس، جنوبه، بشكل خاص، من عادتهم التجمع لتناول وجبة غداء دسمة عامرة باللحوم والحلويات يوم الجمعة، لأن الحصول عليها أصبح مستحيلا أو ضربا من الخيال.
فمنذ بداية الحرب والقطاع يتعرض لسياسة تجويع ممنهجة، إذ يتم منع المواد الغذائية الأساسية التي تساعد على بناء الجسم، خاصة للأطفال والشباب، والسماح بإدخال المواد المعلبة والمصنعة التي تحذر وزارة الصحة من كثرة تناولها لما تحويه من مواد حافظة تضر الصحة.
وعند النظر لما يسمح بإدخاله للقطاع، فهو معلبات بأنواعها المختلفة، إضافة إلى كميات قليلة من المواد الغذائية الأساسية مثل الطحين والخضروات والفاكهة واللحوم، الأمر الذي يجعل أسعارها مرتفعة جدا نظرا لقلة المتوفر منها.
المواطن يحيى شراب قال لـ”وفا” إن القطاع أصبح يفتقر للحوم الحمراء والدواجن، وذلك لهلاك ونفوق أعداد كبيرة من المواشي، وتدمير مزارع الدواجن والأغنام والأبقار كافة.
وأوضح أن الاحتلال الإسرائيلي منع إدخال اللحوم المجمدة أو سمح بإدخال كميات قليلة منها لا تكفي لتغطية احتياجات المواطنين كافة، ما أدى إلى ارتفاع أسعارها بشكل مبالغ فيه.
وعبّر شراب عن حزنه الشديد لعدم تمكنه من إطعام أبنائه اللحوم منذ أربعة أشهر، رغم مطالبتهم له بشكل دائم بإحضارها لهم، وعند توفرها لا يمكنه أن يشتريها بسبب سعرها المرتفع.
المواطنة تهاني مسلم، قالت لـ”وفا”: “ذهبت للسوق على أمل الحصول على دجاج طازج أو مجمد لكي أطعم أحفادي الذين استشهد والدهم، ولكن ما سمعته من أسعار لا يتخيله عقل، حيث وجدت محال تبيع الدجاج البلدي بأسعار تتراوح بين 200 إلى 600 شيقل للطير الواحد وفقا لنوعه وحجمه”.
من جانبه، أكد التاجر وسيم العبدساوي لـ”وفا” أن هناك قائمة أصناف يتم حظرها من الاحتلال الإسرائيلي، لذلك فإن التجار مجبرون على الأصناف المتاحة، وأن أي صنف ممنوع يوجد على الشاحنات قد يؤدي إلى إتلافها بشكل كامل أو إعادتها على أقل تقدير.
وأوضح أن الزبائن يطلبون قوائم لمواد أساسية إلا أنهم كتجار يتفاجؤون برفض معظم تلك المواد والسماح بإدخال مواد ثانوية وبأسعار مرتفعة، ونظرا لحاجة السوق الماسة، فهم مجبرون على الحصول على المسموح لهم بإدخاله.
وأكد أن من أبرز الممنوعات اللحوم الحمراء والبيضاء والمجمدة والبيض والحليب بمشتقاته، التي تدخل بكميات قليلة جدا، إضافة إلى ما يحبه الأطفال من شوكولاتة وبسكويت وشيبس وحلويات وغيرها.
وقال: “إن قائمة الممنوعات تدل على أنها لم توضع جزافا بل بشكل علمي مدروس، حيث توفر للمواطنين ما يقيتهم وليس ما يفيدهم”.
وأضاف العبدساوي: هل يعقل السماح بإدخال النسكافيه والكابتشينو والشوكو والمشروبات التي تعتبر رفاهية وبأسعار مرتفعة ويمنع إدخال المواد الغذائية الأساسية؟
وبين مربي الدواجن والأغنام سالم الفرا لـ”وفا” أن الحصول على اللحوم الحمراء الطازجة أو المجمدة أصبح مستحيلا نظرا لندرة توفرها وبأسعار خيالية حيث تتراوح بين 120 إلى 360 شيقل للكيلو.
وأوضح أن الحرب على غزة تسببت في تدمير المزارع كافة، التي كانت تنتشر في المناطق الزراعية التي يقع معظمها شرق وشمال القطاع، تلك المناطق التي سيطرت عليها قوات الاحتلال وحولتها لمنطقة عازلة لا يوجد بها أي مظهر للحياة.
وقال: “كنت أملك في بلدة القرارة شمال خان يونس مزرعة للدواجن وأخرى للأغنام، ولكن عندما أجبرنا على النزوح تركتها نظرا لعدم قدرتي على نقلها، ما أدى إلى نفوقها نظرا لتعرض منطقتنا للتجريف بما فيها من مزارع وأشجار”.
وأكدت أخصائية التغذية هالة الفرا لـ”وفا” أن جسم الإنسان بحاجة إلى بروتينات وفيتامينات يجب أن يحصل عليها بشكل دوري، وهي ليست لبناء الجسم كما يعتقد البعض فقط ولكن لتقيه العديد من الأمراض الخطيرة.
وأوضحت أن ما يتناوله أهالي غزة من أطعمة لا يوجد بها الحد الأدنى من المواد المطلوبة للجسم الحصول عليها وخاصة اللحوم بأنواعها المصدر الأساسي للبروتينات.
وشددت الفرا على أن عدم حصول الإنسان على البروتينات، سواء من اللحوم أو بعض المنتجات البديلة مثل الحليب إضافة للنباتات التي تحتوي على كمية كبيرة منها، يعرض جسم الإنسان لأمراض كثيرة وللشيخوخة المبكرة.
وأكدت أن كل ما شاهدته بأسواق غزة من مواد غذائية لا يتطابق مع مواصفات التغذية العالمية، بل يفتقر لأبسط القواعد والأسس الصحية، مبينة أن انقطاع التيار الكهربائي وعدم توفر الطاقة البديلة بشكل دائم ينذر بتلف وفساد اللحوم المجمدة المتوفرة في الأسواق.
ومنذ 15 شهرا، يتعرض قطاع غزة لحرب إبادة إسرائيلية لم تقتصر على القصف بالطائرات الحربية والمدفعية والقذائف التي أودت بحياة عشرات الآلاف، بل هناك حرب من نوع آخر تحدثت عنها الأمم المتحدة واليونيسف وحذرتا منها، وهي حرب التجويع بحظر المواد الغذائية التي يحتاجها الإنسان بشكل أساسي.
ووفق لتقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، فإن أزمة الغذاء في قطاع غزة لا تزال الأكثر حدة في تاريخ التقرير العالمي عن الأزمات الغذائية، مع وجود ما يقرب من 2.2 مليون شخص من السكان ما زالوا في حاجة ماسة إلى الغذاء والمساعدة.
ويحظر القانون الدولي الإنساني تجويع السكان المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب. كما منعت “الأمم المتحدة” استخدام التجويع كسلاح في النزاعات، بعد قرار من مجلس الأمن صادر عام 2018، وتعتبر ذلك “جريمة حرب”.
فيما تنص المادة الثامنة من نظام المحكمة الجنائية الدولية على أن “تجويع المدنيين عمدًا بحرمانهم من المواد الضرورية التي لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الإغاثية الإنسانية” يعد جريمة حرب.
ويعد ذلك نوعا آخر من أنواع العقاب الجماعي، وهو مرفوض وفقا للقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف خاصة المواد “33” و”55″ و”59″، وتُوجب المادة 27 على قوات الاحتلال بألا تجعل من المواد الغذائية والمياه والمواد الطبية بأي حال من الأحوال نوعا من العقاب الجماعي ضد المدنيين بالمناطق المحتلة.
وكالات أممية: كل الطرق في غزة تؤدي إلى الموت
قالت مسؤولة الطوارئ في وكالة الأونـروا لويز ووتريدج، اليوم الجمعة، إن أكثر من مليوني شخص ما زالوا محاصرين في ظروف مروعة في غزة ومحرومين من احتياجاتهم الأساسية.
وأشارت ووتريدج إلى أن “السكان لا يمكنهم الفرار، ويبدو الأمر وكأن كل طريق يمكن أن تسلكه يؤدي إلى الموت”.
من جانبها، قالت (يونيسيف) إن “الحرب على الأطفال في غزة” تشكل تذكيرا صارخا بمسؤولية العالم الجماعية للقيام بكل ما هو ممكن لإنهاء معاناتهم، مؤكدة أن”جيلا من الأطفال يتحملون وطأة الانتهاك الوحشي لحقوقهم وتدمير مستقبلهم”.
وأضافت اليونيسيف على لسان، مسؤولة الاتصالات الرئيسية في المنظمة في غزة روزاليا بولين “إن غزة هي واحدة من أكثر الأماكن المحزنة بالنسبة لنا كعاملين في المجال الإنساني، لأن كل جهد صغير لإنقاذ حياة طفل يضيع بسبب الدمار العنيف، ولأكثر من 14 شهرا، ظل الأطفال على حافة هذا الكابوس، حيث أبلغ عن قتل أكثر من 14500 طفل، وإصابة الآلاف غيرهم”.
وحذرت اليونيسف من صعوبة الوضع مع حلول فصل الشتاء على غزة، حيث الأطفال “يشعرون بالبرد والرطوبة وهم حفاة الأقدام”، فيما لا يزال الكثير منهم يرتدون ملابس الصيف، مضيفة أن الأطفال يبحثون بين الأنقاض عن قطع بلاستيكية ليحرقوها، وأن الأمراض منتشرة في القطاع في ظل انعدام الخدمات الصحية وتعرض المستشفيات للهجوم بشكل مستمر.
وقالت الاونروا، إن الأحوال الجوية ساءت في الأيام الماضية وسيستمر هذا النمط كما كان متوقعا، إلا أن الوكالة اضطرت إلى إعطاء الأولوية للغذاء على مساعدات المأوى.
وأضافت الاونروا “لدينا إمدادات خارج قطاع غزة تنتظر دخول القطاع منذ ستة أشهر، هذا هو الواقع الذي يعيشه العاملون في المجال الإنساني هنا، يتعين علينا الاختيار بين حصول الناس على الطعام أو حصولهم على المأوى”.