أمد/ واشنطن: رفض المبعوثان الأمريكيان جاريد كوشنر وستيف ويتكوف الاعتراف بأن ما حدث في قطاع غزة هو إبادة جماعية للشعب الفلسطيني، وذلك في مقابلة مع قناة “سي بي إس نيوز”.

وسُئل الاثنان في المقابلة عما إذا كان بإمكانهما القول إن ما حدث في غزة كان إبادة جماعية، فرد كوشنر وويتكوف: “لا”.

وأشار كوشنر إلى أن الولايات المتحدة ترى حتى الآن أن حركة “حماس” تتطلع إلى الوفاء بالتزامها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، وأضاف: “أردنا إطلاق سراح الرهائن وأردنا وقف إطلاق نار حقيقي يحترمه الطرفان، وأراد الطرفان تحقيق الهدف وعلينا فقط إيجاد طريقة لمساعدة الجميع على بلوغه”.

وتابع صهر الرئيس الأمريكي: “حين زرت غزة تساءلت أين يعود الناس فقالوا لي إنهم يعودون لمنازلهم المدمرة وينصبون خيمة.. من المحزن للغاية أن الناس في غزة يعودون إلى منازل مدمرة”.

ومن جانبه، قال ويتكوف: “لا أعتقد أن نتنياهو تعمد إطالة فترة احتجاز الرهائن بغزة لتحقيق مصلحته السياسية، ما حدث في غزة لم يكن إبادة جماعية وإنما حرب”.

ولفت المبعوث الخاص للشرق الأوسط إلى أن “الرئيس ترامب أكد أننا سندعم اتفاق غزة ولن نسمح لأي طرف بانتهاك شروطه”.

كواليس وقف إطلاق النار

وروى ويتكوف، كوشنر ، جانباً من الكواليس التي سبقت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، معتبرين أن الاعتذار الإسرائيلي لقطر عن هجوم الدوحة في سبتمبر، ولقاء ويتكوف برئيس وفد حركة “حماس” خليل الحية في مصر شكّلا نقطتين محوريتين مهّدتا الطريق نحو الاتفاق.

وذكر ويتكوف وكوشنر، في مقابلة مع برنامج 60Minutes على شبكة CBS NEWS، أن صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين ووقف إطلاق النار في غزة كادت أن تنهار، في سبتمبر، بعد الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف قيادات حركة “حماس” في قطر، وأسفر عن سقوط 6 أشخاص، بينهم نجل كبير مفاوضي الحركة خليل الحية.

“شعرنا بنوع من الخيانة”

وقال المبعوث الأميركي إنه نقل إلى حماس، عبر القطريين، مقترح ترمب لاتفاق وقف حرب غزة، “واستيقظنا في صباح اليوم التالي لنكتشف وقوع هذا الهجوم (الإسرائيلي على الدوحة)، وبالطبع اتصل بي الرئيس”، مضيفاً: “لم تكن لدينا أي فكرة مسبقة، شعرنا أنا وجاريد (كوشنر) بنوع من الخيانة”.

وأوضح كوشنر أن الرئيس الأميركي كان “غاضباً”، وتابع: “أعتقد أنه شعر بأن الإسرائيليين خرجوا عن السيطرة فيما يفعلونه، وأن الوقت قد حان لوقف التصرفات التي لا تصب في مصلحتهم على المدى البعيد”.

أوضح ويتكوف أن “للهجوم تداعيات، لأن القطريين كانوا طرفاً محورياً في المفاوضات، وكذلك المصريون والأتراك، وفقدنا ثقة قطر، مما جعل التواصل مع حماس صعباً للغاية”، لافتاً إلى أن “القطريين كانوا الرابط الرئيسي مع الحركة”.

وأضاف أن “استعادة الدور القطري في الوساطة تم بعد مكالمة هاتفية أجراها ترامب بين نتنياهو ورئيس الوزراء القطري (الشيخ محمد بن عبد الرحمن)”، مشيراً إلى أن المكالمة لم تكن “إجبارية”، لكنها كانت “ضرورية للمضي قدماً”.

ولفت ويتكوف إلى أن ترامب كان ممسكاً بالهاتف من المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض بينما قرأ نتنياهو “اعتذاراً مكتوباً” للقطريين، قائلاً: “كان لا بد أن يحدث الاعتذار، لم نكن لنمضي قدماً من دونه، وقال الرئيس له: الناس يعتذرون”.

وفي 29 سبتمبر الماضي، أعلن ترمب من المكتب البيضاوي أن “اليوم يوم تاريخي من أجل السلام”، بعد نجاحه في إعادة الدوحة إلى طاولة المفاوضات ومنحها “ضمانات أمنية جديدة”، بحسب CBS NEWS.

وعقب الاعتذار في البيت الأبيض، أعلن ترامب خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نتنياهو عن خطته التي تتضمن 20 بنداً ومنها إنهاء الحرب في غزة وإطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين دفعة واحدة.

وأكد ويتكوف أن “الهدف من الخطة كان إقناع الجميع بأن المحتجزين الإسرائيليين العشرين الأحياء لم يعودوا ورقة رابحة بيد حماس، بل عبئاً عليها”، فيما تساءل كوشنر: “ما الذي كسبته حماس من المحتجزين؟ لقد قُتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين خلال هذه الحرب”.

وقال صهر ترامب إن “مناطق واسعة من غزة دُمّرت خلال الحرب، لكن حماس كانت مترددة في التوقيع خشية استئناف إسرائيل لهجماتها فور الإفراج عن المحتجزين”.

وأضاف أن “أسوأ كابوس لحماس في الاتفاق هو أن تنسحب إسرائيل إلى الخط المتفق عليه، وتطلق هي سراح جميع المحتجزين، ثم بمجرد حدوث ذلك تستأنف إسرائيل الحرب وتعود لملاحقتهم”.

لقاء وفد “حماس”

وفي خطوة غير اعتيادية على الصعيد الدبلوماسي، منح ترامب كلاً من كوشنر وويتكوف تفويضاً للتواصل مباشرة مع “حماس”، رغم تصنيفها من قِبل الولايات المتحدة كـ”منظمة إرهابية”، حيث سافر الاثنان إلى مصر في 8 أكتوبر الجاري، للقاء كبير مفاوضي الحركة خليل الحية، الذي فقد ابنه ضمن 6 أشخاص قتلتهم الغارة الإسرائيلية على قطر، بحسب CBS NEWS.

وفي السياق، قال ويتكوف: “قدّمنا له تعازينا في فقدان ابنه (خليل الحية)، وقال إنه يشعر بألمه، وأخبرته أنني فقدت ابني أيضاً، وأننا ننتمي إلى أسوأ نادي يمكن أن يوجد فيه الآباء وهو نادي من اضطروا لدفن أبنائهم”.

وذكر كوشنر: “عندما تحدثا عن أبنائهما، تحوّل الأمر من مفاوضات مع مجموعة مصنفة إرهابية إلى لقاء بين شخصين يُظهران ضعفهما الإنساني”، وفق وصفه.

وتوفي نجل ويتكوف، أندرو، عن عمر 22 عاماً بسبب جرعة زائدة من المخدرات.

وقال ويتكوف وكوشنر إن ترامب تعهد بأن الولايات المتحدة ستضمن تنفيذ الاتفاق، وأن كلا الجانبين سيُعاملان “بعدالة، ولن يُسمح بخرق الاتفاق”.

من جانبه، قال كوشنر، إن حركة “حماس” تُظهر حتى الآن التزاماً بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وفق ما تنقله الأطراف الوسيطة، لكنه أشار إلى أن “ذلك قد ينهار في أي لحظة”.

وزعم أن الحركة “تحاول إعادة تشكيل نفسها واستعادة مواقعها في غزة”، مضيفاً أن “نجاح أو فشل الاتفاق سيتوقف على قدرة إسرائيل والآلية الدولية على إيجاد بديل حقيقي وفعّال، وإذا تحقق ذلك فلن تمثل غزة تهديداً لإسرائيل في المستقبل”.

وعبّر ويتكوف عن مشاعره بعد الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين، قائلاً: “شعرت بالنشوة، وكنت أفكر كيف سيكون الشعور لو تلقيت اتصالاً من المستشفى بعد وفاة ابني يقولون فيه: لم يمت، لقد أنقذناه.. تلك كانت مشاعر ذوي المحتجزين الذين عاد أبناؤهم إلى منازلهم”.

إعادة إعمار غزة

وعن مسألة إعادة الإعمار في غزة، قال المبعوث الأميركي، إن تقديرات تكلفة إعادة إعمار غزة تشير إلى نحو 50 مليار دولار، لكنه اعتبر أن المبلغ “ليس كبيراً بالنسبة إلى حجم المنطقة”.

وأشار إلى أن “هناك حكومات في الشرق الأوسط ستسارع إلى المساهمة بالتمويل، إضافةً إلى مشاركة أوروبية متوقعة”.

وتابع: “أعتقد أن المرحلة الأولى من الخطة تتمثل في كيفية إطلاقها فعلياً، وهذا ما أعمل عليه، ورأي أن تأمين التمويل هو الجزء الأسهل، ويمكن تحقيقه بسرعة نسبية، بينما التحدي الحقيقي هو في الخطة الرئيسية الشاملة”.

وواصل حديثه: “نعمل مع فريق من اء الذين وضعوا مخططات رئيسية خلال العامين الماضيين. لدينا بالفعل خطط جاهزة ومتكاملة. جاريد كوشنر يدفع بقوة في هذا الاتجاه ونعمل معاً على تنفيذها”.

ورد ويتكوف على سؤال بشأن الجهة التي ستتولى منح عقود إعمار غزة، بقوله: “سيُنشأ مجلس يُعرف بمجلس السلام، وسنكون دقيقين للغاية في اختيار أفضل الكفاءات للعمل فيه”.

وأردف: “نحن نتحدث بالفعل مع مقاولين من مختلف دول الشرق الأوسط، لأننا نعتقد أن الدعم الإقليمي أساسي، وهؤلاء يعرفون السوق المحلي وآلياته بشكل أفضل”.

شاركها.