وصايا مع الدخول المدرسي..
عاد أبناؤنا إلى المدارس، والشيء الجميل في هذه العودة أننا نقول: هذه سنة دراسية جديدة، وهذا عام دراسي جديد، لعل الله يجدد من حياتنا ما يستحق التجديد. ولذا، نغتنم هذه المناسبة ونحاول أن نقدم جملة من التوصيات المهمة لفئات المتمدرسين، نرجو من الله التوفيق في جمعها ونثرها، وحصول نفعها وفائدتها.
ولعل أول فئة نبدأ بها هي فئة الطور الابتدائي، وهم الأبناء الذين يدخلون المدرسة أول مرة فمن فوقهم ممن اعتادوها، نقول لهم: وفقكم الله لتعلم العلم النافع، وسدد خطاكم لتكونوا شامة بين الناس بالعلم الذي هو خير ما يكنزه المسلم، فطلبه فريضة، والاستكثار منه شفاء للقلوب المريضة، وهنيئا لكم اللباس الجديد والمحفظة الجديدة بمناسبة الدخول المدرسي، ونقول لهم هذا من فضل العلم على صاحبه أنه يكسوه الحلل، ويرفعه المكانة بين الناس، فحري بالآباء وهم يتكلفون نفقات الدراسة، ويتحملون أعباء المصاريف أن يصلحوا نيّاتهم، فيقصدوا وجه الله بها، ويعتبروا هذه النفقات لأجل العلم، وأنها في سبيل الله، حتى ينالوا الأجر والخَلَف من الله سبحانه.
ثم نلتفت إلى الفئة الأخرى تلاميذ الطور الثاني، وهم أكثر تفهما ممن دونهم، فنقول لهم: هنيئا لكم العام الجديد، واللباس الجديد أيضا، فكما حرص آباؤكم على إسعادكم أول السنة، فاحرصوا على إدخال السرور على والديكم في آخر السنة بالنتائج الحسنة، وابدأوا هذه السنة ومن أول يوم بعزم جديد، واهتمام بالدراسة وأخذ العلم، فإن المستقبل لمن أخذ العلم وتعلم ولازم الدراسة ونال الشهادة، فلا يغرنكم ما يردّده البعض من أن الدراسة لا تنفع ولا مستقبل معها، فإن الجهل كفيل بإدخال صاحبه نار الدنيا والآخرة، فتعوّذوا بالله من الجهل وخذوا العلم، فليس شيء يهلك الحرث والنسل كالجهل الذي يلد الفساد وكل أنواع الشرور، وقد قال الله تعالى: {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا} الإسراء:16، فتعلموا العلم لتحيوا حياة العز والكرامة، ولن يبني أحد مستقبله أو بلده ما لم يبن نفسه أولا.
فيا شباب المتوسط ذكورا وإناثا؛ لقد انقضت إجازة الصيف، ولاشك أنكم استمتعتم فيها مع الأهل بما يكفي، ولاشك أيضا أن أهلكم لم يقصّروا في حقكم بما يقدرون عليه، وها قد جاء زمن أخذ العلم والاجتهاد، فالحياة ليست متعا كلها، فاسترجعوا نشاطكم وهمتكم وتهيأوا، التزموا النوم المبكر لتستيقظوا باكرا، تفاءلوا بالصف الجديد والمرحلة الجديدة التي انتقلتم إليها، وليكن اهتمامكم بالدروس والكراريس وكتب الدراسة من أول السنة، تأدبوا مع والديكم وخذوا بنصائحهم، وتفاعلوا مع معلميكم وأظهروا لهم التجاوب فيما يلزموكم به من واجبات، واتركوا الاشتغال بالتوافه من قصات الشعر والهواتف وغير ذلك، والنية النية للتعلم، فمن فقد النية في التعلم لم يتعلم، فهي التي تحفز وتنشط، وهي التي تصنع الإرادة والعمل، واختاروا الأصدقاء الجيّدين، واحرصوا على ترك بصمة جميلة في مدرستكم فإن من خلفكم إخوة وأخوات، فحافظوا على المدرسة ووسائلها ليجدها من بعدكم صالحة للتعلم فيها، وحافظوا على سمعة عائلتكم وشرفها، فلا يقول الأساتذة لإخوانكم من بعدكم إلا خيرا..
يا شباب المتوسط، تذكروا أن معظمكم في سن التكليف أو قريبا منه، فعليكم بأداء الواجبات الشرعية، وعلى البنات فوق ذلك الحرص على الاحتشام، ولا تفرطوا في التعليم المسجدي، فمنه يؤخذ العلم الديني والفقه الشرعي والتزكية الروحية، وهذا أوان الارتباط بالمسجد والتربية على إقامة الصلاة والتزام الأخلاق وتكوين الشخصية، ونسأل الله لكم التوفيق والرشاد.. ولنا موعد مع شباب الثانوي.
* إمام مسجد الشهداء بوروبة