اخر الاخبار

وحدة حركة فتح  .. ووعي الضرورة 

أمد/ الاجتماع الطاريء الذي ضم الهيئات القيادية الثلاث لحركة فتح المتمثلة باللجنة المركزية والمجلس الثوري والمجلس الاستشاري يوم الأحد الماضي بتاريخ 15 / 9 / 2024  ، وإن جاء متأخراً ، فإنه جاء كاستجابة ملحة لضرورة اللحظة السياسية الحرجة التي تمر بها القضية الفلسطينية ، ولحساسيّة هذه المرحلة توجب على حركة فتح الإجابة على الكثير من التساؤلات المتعلقة بالتطورات السياسية التي تعصف بالقضية الفلسطينية منذ السابع من أكتوبر والعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة والاحتلال المباشر له ، وما سينتج عنه من انهيار متوقع لحكم حركة حماس في القطاع ومحاولة إسرائيل البحث عن بديل غير وطني لها يحكم قطاع غزة بعد رفض إسرائيل أن  تكون السلطة الفلسطينية هذا البديل .
ترافق مع هذا العدوان في قطاع غزة نقل المعركة الأمنية والعسكرية والاستيطانية أيضاً في الضفة الغربية عبر عمليات عسكرية واسعة في المناطق الساخنة بالضفة الغربية من شمالها إلى جنوبها وترافق ذلك مع قرارات إسرائيلية جدية تهدف لتوسيع الاستيطان ومصادرة الأراضي في إطار مشروع التهويد القائم منذ سنوات للأرض الفلسطينية . 
كل ذلك وضع حركة فتح أمام تحديات جمّة استدعاها لاستشعار خطورة المرحلة السياسية القادمة ، الأمر الذي فرض عليها التفكير بشكل جدي في خلق آليات تنظيمية وسياسية تستجمع من خلالها بعض نقاط القوة التي تسمح لها مواجهة المخططات الاسرائيلية منها ضرورة لملمة أطياف حركة فتح المتشرذمة من خلال مبادرة اعادة النظر في كافة القرارات التي اتخذتها الحركة بشكل ملتوي ضد المعارضين للطرائق والقرارات التي كانت تتخذ في الحركة وتغييب القانون التنظيمي بالحركة واعتماد القرارات الفوقية الفردية بطريقة مختار العائلة والعشيرة ، وتأثير ذلك على الحالة التنظيمية وتسببها في خلق أزمة ثقة بالهيئات القيادة للحركة وتحديداً رئيسها محمود عباس . 
وعي مخاطر استمرار الانقسام داخل حركة فتح وتأثيراته على المشروع الوطني برمته وما يتلو هذا الوعي من ضرورة اتخاذ قرارات حاسمة ، استدعى هيئات حركة فتح القيادية للشروع بهذه الخطوات ، خاصةً وأن الانطلاق نحو مصالحة وطنية شاملة تعني انهم بصدد الذهاب في حال نجاح هذه المصالحة إلى برنامج نضالي موحد يتطلب جمع كافة التناقضات الداخلية بحركة فتح للذهاب بقوة مع الكل الوطني المتصالح لتطبيق برنامج نضالي سياسي متماسك لتطبيق ذلك .
ولأجل ضمان تحقيق الوحدة الداخلية لحركة فتح على أسس سليمة يفترض الأمر بالهيئات القيادية للحركة العودة للأصل التنظيمي المتمثل بتفعيل النظام الداخلي للحركة وتسييد القانون الناظم لكافة فعاليات الضبط التنظيمي داخلها ، بالإضافة لتفعيل قانون المحبة الذي لطالما تباهى الفتحاويون به كعرف تنظيمي  تميزوا به عن باقي التنظيمات الفلسطينية في إطار عاطفي أرساه الخالد ياسر عرفات طيلة فترة قيادته لهذه الحركة الكبيرة بكل تناقضاتها المعهودة بصفتها حركة وطنية فلسطينية خالصة ينضوي في إطارها كافة أطياف الشعب الفلسطيني وأنها الحركة الوحيدة من بين كل التنظيمات الفلسطينية التي تشبه شعبها  .
تسييد القانون التنظيمي داخل أطر حركة فتح يعني بالدرجة الأساسية أن هذا القانون يطبق على كل من يحمل درجة تنظيمية داخلها من أعلى رأس هرم التنظيم المتمثل برئيسها وهيئاتها القيادية مروراً بالقيادات الوسيطة وحتى أصغر عضو خلية تنظيمية فيها  .
وهنا يجدر التحذير من تعامل هيئات قيادة حركة فتح مع الانقسامات على أنها حالات فردية يستوجب النظر لها بطريقة الملفات الفردية على الطريقة التي تم اتباعها بهذا الملف في إطار أمني ضيق تمثل بقطع رواتب أعضاء حركة فتح العاملين في السلطة الفلسطينية والخلط اللامنطقي  بين الخلاف التنظيمي داخل الحركة وبين الوظائف الحكومية التي يعملون بها ، من خلال خلق تداخل واضح بين تنظيم حركة فتح والسلطة الفلسطينية  باستغلال غير عادل ولا منطقي لموضوع الرواتب في الوظائف الحكومية وجعلها سيفاً مسلطاً على رقاب أعضاء حركة فتح العاملين فيها لاصطفافهم التنظيمي لجانب طرف ضد رئيس الحركة . 
ان التعامل في هذا الملف بهذه الطريقة و توحيد الحركة بهذه الوسيلة سيكون خطأً جسيماً تقع فيه الحركة الامر الذي سيعتبر عدم اعتراف من قيادة الحركة بخطل كافة الإجراءات والطرق التي اتخذت فيها قرارات الفصل الوظيفي الذي عنى فيه حينه ان مجرد فصل عضو حركة فتح من الوظيفة العمومية هو يعني تلقائياً فصله من الحركة ، وأجزم هنا أن معظم الذين فصلوا من الوظيفة العمومية لم يتخذ بحقهم قرارات بفصلهم من حركة فتح ولم يستلموا أية قرارات تنظيمية تفيد بذلك مما يعكس الصورة الفوضوية التي شابت حركة فتح في حينه .
المصالحة الفتحاوية تقتضي معالجة الانقسام الفتحاوي في اطار علاج الأمر باعتباره ظاهرة وليست قضايا أفراد منفلشين و متمردين  على القرارات التنظيمية للحركة و النظر لملفاتهم ومراجعتها في اطار ملفات شخصية وليست ظاهرة تنظيمية  نشأت بفعل تغييب نظام الحركة الداخلي وعدم تسييده في حسم الخلافات التنظيمية الداخلية . 
إن عدم إخضاع الانقسام الفتحاوي لنقاشات معمقة بين أطراف الانقسام الفتحاوي ، وحله بطريقة تنظيمية وعلميّة سليمة ، هو بمثابة علاج فاشل  للجرح الفتحاوي  الذي يحتاج إلى نكئه جيداً لعلاج جذوره وليس قشوره ، وتنظيفه من كل صديد يعمل على إلتهابه وتفاقمه ولو بعد حين . 
وحدة حركة فتح باتت تمثل أملاً لكل الفتحاويين باستثناء بعض المنتفعين من هذا الانقسام لتناقض وحدة فتح مع مصالحهم الشخصية ومواقعهم التنظيمية ، وأملاً كبيراً لمعظم أبناء الشعب الفلسطيني بصفتها عمود الخيمة الفلسطينية ، إن صلحت صلح حال الشعب الفلسطيني ، وان مرضت مرضت القضية الفلسطينية .. فقوة القضية الفلسطينية من قوة حركة فتح والعكس صحيح .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق