أمد/ تل أبيب: كشفت صحيفة عبرية، ما أسمته “معارك الفناء الخلفي” بين شركات إقليمية ودولية، بما في ذلك مؤسسات إسرائيلية، لاقتناص جزء من كعكة إعادة إعمار قطاع غزة.

وقالت صحيفة “غلوبز” إنها “تحصَّلت على وثائق الأمم المتحدة، التي تؤشر على فوز شركات صينية بالنصيب الأكبر من مناقصات إعادة الإعمار، متغلِّبة بأسعار تقل بنسبة تتراوح ما بين (50 60)% عن الشركات المنافسة”. 

وفي حين التزمت الصين والكتلة الشرقية بشكل عام الصمت إزاء ما يجري في قطاع غزة على مدار عامين، تسللت الحكومة من “فناء خلفي”، لتحقق منه استفادة اقتصادية ولوجستية هائلة من عائدات إعادة إعمار قطاع غزة، التي تقدر بنحو 70 مليار دولار، بحسب الصحيفة المتخصصة في الملفات الاقتصادية.

هياكل سكنية متنقلة

وبدأت المعارك بمناقصة طرحها مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع (UNOPS) في أبريل/ نيسان الماضي، وطلبت توفير هياكل سكنية متنقلة للقطاع، تضم غرفة معيشة وغرفة نوم ومرحاضًا، ففازت بها شركة “هايكي” الكائنة في مدينة تشينغداو الصينية، إذ قدمت عرضًا أقل من الشركات المنافسة بنسبة تتراوح ما بين (5060)%، رغم تخصص الشركة الصينية في مجال منتجات التبريد. 

ووفقًا للصحيفة العبرية، تزامنت مناقصة الأمم المتحدة مع توقيت، كان فيه وقف إطلاق النار وإعادة إعمار قطاع غزة بمثابة حلم بعيد المنال؛ لكن الآن، ومع نهاية الحرب، بدأت العملية تكتسب زخمًا.

وقبل أيام، طرحت وكالة الأمم المتحدة للتنمية (UNDP) مناقصة أخرى لتوفير 45,000 وحدة سكنية متنقلة.

وبشكل عام، تتنوع الدول المشاركة في المناقصة بشكل كبير، وتشمل أيضًا دولًا مثل إيطاليا وبريطانيا والصومال، لكنه اتضح أن الفجوات بين الشركات المشاركة في المناقصة هائلة. 

وفيما قدمت شركة “ريتاج” الفلسطينية عرضًا بقيمة 152 مليون دولار، عرضت شركة “مزمورية” الإسرائيلية حوالي 235 مليون دولار، و”دورتشي” التركية 257 مليون دولار، و”إف تي آر” الأمريكية 507 ملايين دولار، إلا أن شركة “شاندونغ وي تشانغ”، فازت بالمناقصة، رغم أن معظم الشركات المنافسة تستخدم بضائع صينية.

امتثال لإيعازات الحوثيين

وفي تعليقها، قالت “غلوبز” إن “مشاركة الصين في المناقصة يتوازى مع موقفها العدائي تجاه إسرائيل خلال حرب “السيوف الحديدية” في قطاع غزة، ولم يقتصر الأمر على تصريحات بكين الدبلوماسية فحسب. 

وأشارت إلى أنه “على سبيل المثال، كانت شركة الشحن الصينية العملاقة “كوسكو”، وهي تكتل صيني عالمي مملوك للدولة، يقدم خدمات الشحن البحري واللوجستيات، أول من امتثلت لإيعازات ميليشيا الحوثي بعدم زيارة الموانئ الإسرائيلية”.

وتابعت أنه “بينما كانت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحارب نظام خامنئي، ظلت بكين وجهة لأكثر من 90% من صادرات النفط الإيرانية”.

وطرحت الصحيفة سؤالًا: كيف تتمكن الشركات الصينية ــ سواء كانت مشاركة بشكل مباشر في المناقصة أم تعمل كمورد فقط من تحقيق الربح، وهي تقدم عروض أسعار أقل بكثير من غيرها؟

وفي تفسيرها، رأت “غلوبز” أن “الإجابة تكمن في الدعم الحكومي المفرط، الذي توليه حكومة بكين للشركات التابعة لها، إذ تدعم الحكومة الصينية الشركات بنسبة 100% من جميع تكاليف لوجستيات التصدير حتى عام 2027”.

%40 على نفقة الدولة

في الوقت نفسه، تدعم بكين 40% من تكلفة السلع التي يتم تصديرها، أي أنه إذا شاركت شركة صينية في مناقصة دولية عامة، ومناقصة تابعة للأمم المتحدة في قطاع غزة خاصة، فيمكنها الاستفادة من 40% على نفقة الدولة.

كما يعمل النظام الصيني، الذي يقوده شي جين بينغ، على ضمان تخفيف واسع النطاق للرسوم الجمركية على جميع البلدان المقصودة، حيث تدفع الحكومة حافزًا بنحو 15% من إجمالي الرسوم الجمركية المفروضة على السلع الصينية في البلد المستهدف.

وتتميز سلسلة العمالة الصينية بنهج إبداعي؛ فهي مدعومة من قبل الحكومة، التي تغطي بالكامل تكاليف نقل المواد الخام المستوردة إلى جمهورية الصين الشعبية، وتكاليف الآلات اللازمة لمعالجة المواد الخام، والمنح الأخرى المقدمة للقوى العاملة في الميدان.

ويتضمن نموذج العمل الصيني لقطاع غزة شحن المنتجات مفككة المكونات إلى مصر، ليتم تجميعها كمنتج نهائي هناك.

وفي هذه المرحلة، لا يقتصر الأمر على الشحنات فحسب، بل يشمل أيضًا بضائع أخرى تُنقل إلى القطاع عبر العريش، بما في ذلك مجموعة واسعة من المواد الخام والمنتجات الأساسية، ولهذا الغرض، يستعين الصينيون بعناصر محلية.

شاركها.