هل يمكن لترامب إنجاز صفقاته السياسيّة في ظلّ التعقيدات في الشرق الأوسط ؟
أمد/ توّجت الانتخابات الأمريكية بفوز المرشّح الجمهوري دونالد ترامب الذي يعدّ من خارج المؤسسة الامريكيه وحتى خارج مؤسسة الجمهوريين والمبدع في عقد الصفقات الاقتصاديّة، فكانت عودته تاريخيّة، كما وصفتها CNN.
والسؤال ؟؟؟ هل ستنجح سياسة الصفقات السياسيّة في إيقاف الإبادة الجماعيّة التي يمارسها الكيان الإسرائيلي في غزه وضد لبنان ؟ ؟؟ إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الولايات المتّحدة الأميركيّة: دولة عميقة في مواجهة الصّين
واضعو السياسات في الولايات المتحدة الأميركيّة هم الذين يحددون الأطر العامّة للدولة التي لا يمكن تخطيها والأهداف الكبرى عبر التاريخ، فهذه سمة أساسيّة للدولة العميقة. ولذلك، بعيداً عمّن يصل إلى الحكم، عليه السعي لتحقيق الهدف الأكبر بمختلف الإمكانيات والأدوات التي يملكها، عسكريّة كانت أم دبلوماسيّة.
منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، حاربت الولايات المتحدة لمواجهة تصاعد قوّة الصّين الشعبيّة ومنعها من التّمدد نحو الشرق الأوسط، بالأساليب الممكنة كافة، من خلال السياسات التي وضعها صانعو القرار فيها. رغم أن الصين كانت تتوسع سلمياً عبر التّجارة والصّناعة والتكنولوجيا، وقد حاولت الولايات المتحدة وعبر كل الوسائل المتاحة وضع عقبات في وجه هذا التمدد، ولم تكتف الولايات المتحدة بالحروب، بل سعت لإبرام اتفاقيات التطبيع والتي تراوح مكانها ولم تنجح في تحقيق الهدف المنشود وسقطت في آخر لحظات حكم ترامب السابقة.
الصقور المحسوبين على تيار الانجليكيين المتصهينيين مع تصعيد الحرب في الشرق الأوسط وهم يقفون لجانب نتني اهو ويدعمون موقفه وقد يعرقلون صفقات ترامب لإيقاف حرب الشرق الأوسط ،وهنا، لا بدّ من التوقف أمام ثلاث حقائق وتتمثل في : أن الجمهوريين يسيطرون على وزارة الدّفاع، ما يبرر ذهابهم دائماً إلى خيار الحرب العسكريّة وليس التّفاوض الدّبلوماسي. والثانيّة، أن عقد الصّفقات يتطلب تقديم تنازلات من الأطراف بمن فيها الولايات المتحدة الأميركية. هذا الواقع لا يمكن أنّ يطبق في الصّراع الحالي في الشرق الأوسط، وذلك لحقيقة مفادها أنه يجب عدم إعطاء جبهة ما يطلق عليها الممانعة أي انتصارا ولو جزئياً، فإما السيطرة الكليّة للولايات المتّحدة أو الدّمار الشامل.
وهذا يعيدنا إلى معلومات تشير الى وثيقة تتضمن استراتيجية ترامب بالنسبة للشرق الأوسط، التي ستدخل حيز التنفيذ مع تسلمه السلطة في العشرين من يناير المقبل. وتعتبر الوثيقة أن القرار ألأممي 1701 ” قد تجاوزته الأحداث” وأن الواقع يقتضي التفكير بآلية تطبيق مختلفة ومتطورة تفرض نزع كل أسلحة ” حزب الله” ومنع أي تهديد تتعرض له إسرائيل، لأن التجارب، حسب الوثيقة، أثبتت أن الجيش اللبناني وقوات السلام الأممية (يونيفيل) غير قادرين على منع تسليح “حزب الله” وبناء على المعلومات التي نُقلت عن فريق ترامب فإنه لا وجود لأي تنسيق مع إدارة بايدن، وأن إدارة ترامب غير موافقة على مهمة مبعوثه آموس هوكشتاين.
يتوافق التصريح الذي أطلقه وزير الجيش الإسرائيلي الجديد، يسرائيل كاتس، قبل أيام، مع المعطيات الأخيرة من حيث تأكيده على مطلب “نزع سلاح حزب الله” والذي بدا قرارا مستجدا كونه فاجأ رئيس الأركان هرتسي هليفي الذي كان حاضرا الاجتماع الذي ألقي فيه التصريح.
هناك أطراف أخرى أيضا يمكن أن تلعب أدوارا في ترجيح هذا السيناريو أو الآخر، وخصوصا إيران، التي أوفدت علي لاريجاني، المستشار البارز لعلي خامنئي، مرشد الجمهورية الإيرانية، إلى بيروت، حيث أعلن دعم “أي قرار يتخذه لبنان والمقاومة” (وهو تصريح يمكن أن يفهم بطريقتين).
هناك أيضا روسيا، التي تحاول إسرائيل توريطها بمجابهة مع إيران و”حزب الله” عبر اقتراح تنفيذها مطلب تل أبيب بمنع وصول أسلحة من إيران إلى الحزب، وقد جوبه هذا المطلب برفض روسي، من جهة، وبرفض إيراني، تمثّل بعدم الموافقة على نصب نقاط مراقبة روسيّة في مناطق سورية تحت نفوذ إيران والحزب.
لا يمكن، من جهة، تجاهل تكامل الأجندتين المتطرّفتين لإدارتي ترامب الثاني ونتنياهو، ولكنّ الذهاب في السيناريو الأقصى لـ” نزع سلاح حزب الله” يتعلّق بالأوضاع على الأرض، سواء تمثلت في الاشتباكات العنيفة التي يعانيها جيش الاحتلال الإسرائيلي على الجبهة اللبنانية، أو في الخلافات الداخلية بين الجيش وزعماء الصهيونية الدينية فيما يخص تجنيد ” الحريديم” وهو ما أعاد كاتس نفسه، أمس، توكيده عبر إعلان إرسال سبعة آلاف إخطار تجنيد لآلاف من اليهود الأرثوذوكس، وهو ما انتقدته الأحزاب الدينية المتشددة بسرعة.
ما يحصل هو تفاوض بالنار ، مع مساهمات للأطراف الأخرى بشكل أو آخر، والنتيجة أن التسوية تحتاج، لتكون تسوية فعلا، لا وقفا مؤقتا لإطلاق النار، قرارات صعبة، تتطلب تنازل يحقق الأمن والسلام المنشود مستندا لقرارات الشرعية الدولية مع الإقرار والاعتراف بالحقوق المشروعة للفلسطينيين وحقهم بإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس والإقرار بالسيادة الوطنية اللبنانية على كامل الأرض اللبنانية وفق ما نصت عليه القرارات الدولية ؟؟ وغير ذلك فان الصفقات السياسية لترامب ستصطدم بتعقيدات الشرق الأوسط وتعدد القوى