أمد/ تل أبيب: حذرت دوائر سياسية في تل أبيب من ازدواجية رؤية الرئيس دونالد ترامب والموفد الأمريكي ستيف ويتكوف.
وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، إن “تباين الرؤى بين ترامب ومبعوثه، يَشي بطرح خطتين على طاولة مفاوضات اليوم الاثنين، وهو ما قد يعرقل العملية برمتها، أو يفرض على مسارها صعوبات على أقل تقدير”.
وأوضحت أن “الفارق كبير بين خطة ويتكوف، التي تتحدث عن إطلاق سراح الرهائن على مرحلتين، ونظيرتها لدى ترامب، التي تحدثت من البداية عن إطلاق سراح جميع الرهائن دفعة واحدة”.
ضمانات أكثر أهمية لإنهاء الحرب
وبخلاف خطة ويتكوف، حصلت حماس عبر خطة ترامب على ضمانات أكثر أهمية لإنهاء الحرب، ولا سيما في ظل احتوائها على تفاصيل أكثر بخصوص “اليوم التالي” في قطاع غزة؛ كما تضمنت التزامًا أكبر من إسرائيل إزاء تفادي خطوة ضم الضفة الغربية، وهو ما لم يظهر مع ويتكوف.
وخلت خطة المبعوث الأمريكي من تركيز ملائم على إنشاء قوة إقليمية مشتركة، وإنشاء “مجلس سلام” برئاسة ترامب، يصبح مسؤولًا عمليًّا عن إعادة إعمار غزة.
وتشير الصحيفة العبرية إلى أنه “عند مقارنة الخطوط العريضة، لا بد من العودة إلى اتفاق يناير/ كانون الثاني الماضي، الذي جرت صياغته في عهد الرئيس السابق جو بايدن.
ومن المزايا الهائلة لإدارة بايدن، حسب تعبير “يديعوت أحرونوت”، درايتها الواسعة بما يجري في المنطقة، وفهمها العميق للتفاصيل، إلى جانب عمل فريق منظم للغاية. إلا أنه رغم ذلك، لم تكن النتائج على قدر التوقعات.
وأضافت: “مع ترامب، العكس هو الصحيح، إذ تنعدم إلى حد كبير رؤية العمل الإداري، بالإضافة إلى أن المسؤولين عن إدارة الأزمة في قطاع غزة غير مؤهلين، علاوة على تصريحات ترامب “الجوفاء” منذ عودته إلى البيت الأبيض، وتهديدات عديدة بـ”فتح أبواب الجحيم” لم تتحقق، بالإضافة إلى مقترحات عديدة من ويتكوف، لم تسفر عن شيء يذكر، ربما باستثناء إطلاق سراح الجندي المختطف عيدان ألكسندر، في لفتة من حماس لترامب”.
مقارنة صريحة بين التفاح والبرتقال!
في الواقع، كما تقول الصحيفة، تم توقيع الاتفاق الأخير في يناير/ كانون الثاني الماضي، بإطلاق سراح 33 رهينة، وجرت بضع محاولات أخرى منذ ذلك الحين، لكن الاتهامات تزايدت في حينه حول مسؤولية حماس وإسرائيل في تخريب تلك المحاولات.
ويشير قائد وحدة المفاوضات في هيئة الأركان العامة السابق دورون هدار إلى أن “مقارنة خطة ترامب المكونة من 20 نقطة بالخطط السابقة، هي “مقارنة صريحة بين التفاح والبرتقال”.
وأضاف: “على مدى العامين الماضيين، تضمنت المفاوضات والخطط المطروحة على الطاولة بضع مراحل تدريجية، بما في ذلك على سبيل المثال: مرحلية إطلاق سراح السجناء من النساء والقصَّر، كما كانت عليه الحال في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 وخطة نتنياهو بايدن التي تم تنفيذها مباشرة بعد انتخاب ترامب وفي أعقاب عزله”.
ومن وجهة نظر إسرائيل، تزيد خطة ترامب بمزايا معينة مقارنة بخطة ويتكوف، إذ كان مقررًا، وفق الخطة السابقة، موافقة إسرائيل المبدئية على إطلاق سراح 10 رهائن، بالإضافة إلى نصف عدد الأموات، مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين، ووقف إطلاق نار لمدة 60 يومًا، على أن تجرى خلالها مفاوضات “اليوم التالي”.
خطة ترامب والمبادئ الإسرائيلية الأساسية
ويرى الجنرال (احتياط) أمير هيمان، الرئيس السابق لهيئة الاستخبارات العسكرية، والمدير الحالي لمعهد دراسات الأمن القومي، أن خطة ترامب تتبنى في المقام الأول المبادئ الإسرائيلية الأساسية: الإفراج الفوري عن جميع الرهائن، والاستبعاد الكامل لحماس من السلطة، ونزع السلاح من القطاع، وزيادة مسؤولية إسرائيل الأمنية، والحفاظ على وجود مستمر لجيش الدفاع الإسرائيلي على الحدود، أي المحيط ومحور فيلادلفيا؛ لكنها من الناحية الموضوعية، لم تتطرق إلى مبدأ وجود إدارة فلسطينية تكنوقراطية تحت إشراف دولي.
وإلى جانب ذلك، يقول هيمان إن المقترح الأمريكي ينطوي أيضًا على ثغرات ونقاط ضعف فيما يتعلق بالمصالح الإسرائيلية. فمنح العفو لأعضاء حماس الذين يلتزمون بعدم العودة إلى الإرهاب، على حد تعبيره، “أمر يصعب قبوله”.
أما الأمر الأكثر إشكالية بالنسبة لهيمان، فهو السماح لأعضاء حماس بالهجرة إلى بلد آخر إذا رغبوا في ذلك، لأن ذلك يمنح الحركة إعادة رص الصفوف في الخارج ضد إسرائيل.
علاوة على كل ذلك، خلصت الصحيفة العبرية إلى “تحكم المصالح الشخصية في القضية، أكثر من مصالح غزة نفسها”؛ فالولايات المتحدة تريد توسيع اتفاقات أفراهام، ولن تتنازل عن مئات المليارات التي ستُخصص لإعادة إعمار القطاع، وهي خطوة اقتصادية ستستفيد منها عائلة ترامب أيضًا، إذ سيشارك كوشنر في إعادة إعمار القطاع.
كما ينظر ترامب إلى مصالحه الاقتصادية الهائلة، وللمرة الأولى منذ دخوله الساحة، يمكن تحديد خطة عمل واضحة وتوجه واضح، بعد أن نجح بهدوء في تشكيل تحالف حول تحركاته.