اخر الاخبار

هل كسرت الضربة “الإسرائيلية “الباهتة دائرة المواجهة المفتوحة مع إيران؟

أمد/ جاءت الضربات “الإسرائيلية “على ايران بعد شهر تقريبا من الاستعدادات والترتيبات العسكرية وتهيئة الجبهة الداخلية  والاتصالات المكثفة السياسية والعسكرية مع الإدارة الامريكية إضافة الى التصريحات النارية التي توعد بها الجنرالات الصهاينة ايران برد ساحق وموجع على ضربتها الصاروخية الثانية في العمق الصهوني ، ويبدو ان الولايات المتحدة الامريكية نجحت في فرض رؤيتها عن مستوى وحجم وشكل الرد “الإسرائيلي” لإدراكها التعقيدات الكبيرة للملف الإيراني وتداخلاته بما يخص العلاقة مع روسيا والصين والهند وكوريا الشمالية  إضافة الى الفشل الاستخباري في تحديد القدرات العسكرية الإيرانية فيما لو ذهبت الأمور نحو مواجهة مفتوحة وايضا فشل “إسرائيل” في حسم الصراع الجاري على الجبهتين في غزة ولبنان ومحاولة تجنيبها التورط في جبهة جديدة عواقبها مجهولة مع ايران وعدم الرغبة الامريكية في توسيع رقعة الحرب وامتدادها الى دول أخرى في الإقليم ، ولقد بدا بوضوح حجم الضغوط التي مارستها الإدارة الامريكية على الحكومة “الإسرائيلية” اليمينية بقيادة نتنياهو لخفض حجم واهداف الهجوم “الإسرائيلي” وتجنب ردا إيرانيا قويا في حال استهداف المنشآت النووية والمراكز النفطية والاقتصادية الكبرى وإبقائه تحت مستوى المواجهة المفتوحة وهذا ما أكده نتنياهو من خلال تصريحه قبل الضربة بأنه سيراعي النصائح الامريكية بخصوص الضربة المزمعة برغم سعيه منذ اكثر من خمسة عشر عاما لتوريط الولايات المتحدة في حرب مفتوحة مع ايران وعلى ما يبدو انه حصل لقاء خفض سقف الهجوم على مزيد من المساعدات والدعم الأمريكي تجلى بمساعدات مالية بمليارات الدولارات  إضافة الى نشر منظومة ثاد للدفاع الجوي مع طواقمها الكاملة في الكيان  بالرغم مما تحمله هذه الخطوة من إقرار بفشل وعجز منظومات الدفاع الجوي “الإسرائيلية” وعدم قدرتها على تأمين حماية كاملة للمجال الجوي لدولة الاحتلال وهي التي لطالما تبجحت بمكانتها وفعاليتها العالية عبر وصفها بالحل السحري و بأنها أكثر عناصر القوة والأمان  في ترسانتها العسكرية الى جانب سلاح الجو وهذا ما يؤكد أيضا ان الضربة الصاروخية الإيرانية الوعد الصادق 2 تسببت بكثير من الاضرار بالمواقع التي نجحت  بالوصول اليها  وهو الامر الذي أظهرته برغم الرقابة العسكرية الشديدة الصور ومقاطع الفيديو المسربة بالإضافة الى صور الأقمار الصناعية وتصريحات كبار الساسة والضباط “الإسرائيليين” ومما يؤكد أيضا سعي الكثير من الأطراف الدولية الى جانب الولايات المتحدة لاحتواء المواجهة وعدم التصعيد هو غياب عنصر المفاجأة الذي تحدث عنه وزير الدفاع “الإسرائيلي” غالانت حيث تمكنت ايران من الحصول على  إشارات عن موعد الهجوم  كما عبر عن ذلك وزير الخارجية الإيراني  ، وبالفعل جاءت التصريحات الإيرانية لتوكد احتواء الضربة وانها محدودة رغم استمرارها لأربع ساعات متواصلة  ولتصف الهجوم بالفاشل وانها تمكنت من التصدي لعدد كبير من الصواريخ المعادية والتي اطلقت من خارج مجالها الجوي مع إقرارها باستشهاد عدد من عسكرييها  لكنها بنفس الوقت اعتبرت ذلك عدوانا سافرا على سيادتها وابقت باب الحساب مفتوحا مع الاحتفاظ لنفسها بحق الرد المناسب في الزمان والمكان المناسبين وهوما تأخذه الولايات المتحدة الامريكية على محمل الجد وتطلق تهديداتها بأنها ستدافع عن ربيبتها إسرائيل وانها سترد على ذلك بضربة واسعة ومؤلمة لإيران فيما لو أقدمت على تنفيذ وعيدها ، بينما خابت آمال وتوقعات الجمهور الإسرائيلي بالنتائج التي حققتها الضربة وحجمها  وأنها لم تستطع استعادة قوة الردع المرجوة والتي يسعى نتنياهو والمؤسسة العسكرية الصهيونية لاستردادها وتثبيتها وهذا ما دعا معارضي نتنياهو للتشكيك بقدراته واتهامه بخداع الجمهور، فيما ذهبت الأمور لدى شريحة واسعة من “الإسرائيليين” لحد السخرية  وترديد ما كتبه صحفي اسرائيلي مشهور قال لو كنت مكان الخامنئي لعدت الى النوم وتحققت مما جرى في الصباح .

         جاءت تصريحات  رئيس الحكومة الصهيونية نتنياهو بعد الضربات والتي قال فيها بأنها  طالت المواقع العسكرية الإيرانية ومصانع صنع الصواريخ والطائرات المسيرة ومنظومة الدفاع الجوي وانها كانت دقيقة و كافية وقد تم إغلاق الملف لتلقي الكرة مرة أخرى في الملعب الإيراني وهي لا تعني بحال من الأحوال توقف المواجهة بين الطرفين اوتجميدها وإنما  نقل المواجهة الى مستوى جديد تواصل ايران فيه وحسب تصريحات كبار قادتها  دورها باعتبارها احد أهم اضلاع محور المقاومة وأكبر داعميه وهي لن تسمح للكيان الصهيوني من تحقيق أهدافه أو هزيمة قوى المقاومة وأن الحساب ما زال مفتوحا مع هذا الكيان بناءا على العدوان الأخير والذي اعتبرته مسا بالسيادة الإيرانية بينما ستستمر إسرائيل تحين الفرص والبحث عن ظروف مواتية أكثر للذهاب الى مواجهة أوسع مع ايران باعتبارها العدو الأخطر على امنها القومي وهي التي بنت سرديتها منذ اتخاذ قرار شن الحرب  بعد هجوم السابع من اوكتوبر2023 وما تلاها على محاولة طمس معالم وحقيقة الصراع مع الشعب الفلسطيني و قضيته المركزية والقائم منذ قرن تقريبا والذهاب الى شيطنة ايران والترويج بسعيها للهيمنة والنفوذ على المنطقة وبأنها المحرك لكل التوترات القائمة فيها  وعلى ضرورة التخلص  من الخطر الوجودي الذي ترعاه وتدعمه باعتبارها العدو الأخطر وان المواجهة القائمة في قطاع غزة وفي لبنان وبقية الساحات  ما هي الا مواجهة مع ايران وهي لذلك  وضعت أهدافا تسعى لتحقيقها بغطاء ودعم ومشاركة أمريكية وغربية وبموافقة ضمنية لأغلبية النظام الرسمي العربي  تتمثل بالقضاء على القدرات العسكرية للمقاومتين الفلسطينية واللبنانية وصولا الى تغيير الأوضاع القائمة في كل من قطاع غزة و لبنان باعتبار تلك القوى ووفق السردية الإسرائيلية تعمل لتنفيذ المخططات الايرانية في المنطقة وهي  محاولة لحرف البوصلة ولي عنق الحقيقة التي تؤكد ان الكيان الصهيوني هو قاعدة عسكرية متقدمة للغرب الاستعماري و كيان استيطاني توسعي عنصري و المتسبب بكل التوترات وعدم الاستقرار في المنطقة وقد كشفت حرب الإبادة والتدمير والتهجير التي يشنها منذ عام على قطاع غزة وبدعم وغطاء ومشاركة أمريكية كاملة الوجه الحقيقي لهذا الكيان الذي لا يخفي رغبته وسعيه  لتحقيق هدفه الاستراتيجي في  إعادة رسم خرائط الشرق الأوسط بالكامل تكون إسرائيل دولة طبيعية بين دوله وشعوبه و اللاعب الرئيسي والمركزي فيه إضافة الى محاولة فرض معادلة الردع الكامل في المنطقة بالقوة وثبيت معادلة التفوق “الإسرائيلي” واثبات انها تمتلك اليد الطولى القادرة للوصول الى أي مكان في الشرق الاوسط كما عبر عن ذلك وزير الدفاع المجرم غالانت ، ومن الواضح ان” إسرائيل” والراعي الأمريكي يلعبان على عامل الوقت ومحاولة فصل الجبهات عن بعضها ريثما تتجاوز أمريكا مرحلة الانتخابات القادمة علما ان  كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي يتنافسان ضمن حملاتهما على من هو الأقدر على تقديم الدعم والحماية “لإسرائيل “ومن هو الأكثر صهيونية من الاخر،  إضافة الى ان  رئيس حكومة الكهنوت الصهيوني نتنياهو  يريد ان يوظف ما يجري في الحسابات الداخلية “الإسرائيلية “عبر الفزاعة الإيرانية باعتبارها تشكل خطرا على الامن القومي وتهديدا وجوديا على الكيان وأنه وفق المنطق الذي يتبناه  وهو منطق استخدام القوة والقدرات والامكانيات الكبيرة المدعمة بتوظيف أحدث ما توصلت اليه التكنولوجيا والضغط العسكري المتواصل فقط يمكن تحقيق اهداف إسرائيل وأمنها مستغلا ما حققه من نجاحات تكتيكية وخاصة تلك التي طالت بالاغتيالات قادة المقاومة  في غزة ولبنان وغيرها من الساحات  ومحاولا استثمار الظروف وحالة العجز التي يعاني منها المجتمع الدولي والصمت العربي في  تعزيز سياساته وتنفيذ توجهات حلفائه  من وزراء الصهيونية الدينية في حسم الصراع مع الفلسطينيين واستكمال عمليات ضم مزيد من المناطق وتهويدها مع زيادة وتوسعة الاستيطان وصولا الى تهجير اكبر عدد ممكن من الفلسطينيين .   

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *