اخر الاخبار

هل سعى يايدن لعقد صفقة احادية الجانب لتحرير الرهائن الامريكيين ؟

أمد/ مع دخول الشهر الحادي عشر على هجوم 7 أكتوبر الذي شنته حركة حماس على مستوطنات غلاف غزة وما تبعه من إعلان الحرب الاجرامية على القطاع لا زالت التوترات تتصاعد يومًا بعد يوم في ظل مساعٍ اقليمية ودولية مستمرّة للوصول لاتفاق هدنة لوقف القتال والإفراج عن الأسرى من كلا الطرفَين والتي لا زالت تصطدم بتعنت نتانياهو وهو ما ادى مؤخرا الى مقتل ست رهائن إسرائيليين عثر على جثثهم في نفق بمدينة رفح جنوب قطاع غزة ومن بينهم المواطن الإسرائيلي الأميركي ” هيرش جولدبرج بولين ” والذين كان من المحتمل أن يكون بعضهم أو جميعهم من الذين سيُطلق سراحهم لاحقا في إطار اتفاق هدنه ايجري التفاوض عليه وأنّ إعدام الأسرى في الآونة الأخيرة زاد من ضرورة التسريع بإبرام اتفاق التبادل المنشود

 

ما جرى للأسرى القتلى يدخل في اطار الرسائل والاشارات الجدية الواضحة من حماس إلى إسرائيل لتخفيف مطالبها وعدم جرها الى امكانية إعدام جميع الرهائن في أي محاولة متهورة لتحريرهم بالقوة المسلحة خاصة بعدما صدرت تعليمات جديدة للمقاتلين المكلفين بحراستهم بخصوص التعامل معهم في حال اقتراب جيش الاحتلال من مكان احتجازهم وفي نفس الوقت تحمل حماس نتانياهو والجيش الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن مقتلهم بعد اصرارهم على تعطيل أي صفقة لتبادلهم علاوة على تعمدهم قتل العشرات منهم من خلال القصف الجوي المباشر على اماكن تواجدهم

 

هكذا يريدها نتنياهو حرب إلى الأبد اذ لا يزال يقدم مصالحه السياسية الخاصة فوق مصالح الشعب الإسرائيلي ويصر على أنه لا يمكن التوصل إلى وقف لإطلاق النار دون وجود فعلي للجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا بن القطاع ومصر لمنع حماس من تهريب الأسلحة والذي اخلته اسرائيل منذ 19 عام ونتانياهو نفسه وافق على ذلك وصوت لصالح قرار الإخلاء واليوم يعتبر نتنياهو المسألة بأنها ( سياسية واستراتيجية وليست أمنية ) فقط وأن بقاء تمسكه بهذا الشرط يعد عقبة رئيسية أمام إحراز أي تقدم على صعيد وقف القتال وهو من بين نحو 6 نقاط عالقة في المفاوضات وقد شبه نتنياهو معبر فيلادلفيا بأنبوب أوكسجين الحركة الذي يجب قطعه

 

نتنياهو يهدف من خلالها المماطلة السياسية الى وأد مسبق للمقترح الامريكي ( الفرصة الأخير ) الذي ستعلنه واشنطن قريبا جدا ربما الاسبوع الحالي للتوصل لاتفاق هدنة بين الطرفين واحتمال حدوث انفراج نسبي على المدى القريب لا سيما وأن الإدارة الأميركية الحالية تلملم أوراقها استعدادا للانتخابات الرئاسية المقبلة رغم وجود خشية امريكية من رفض حماس للاتفاق حتى لو تم حل قضية الحدود مع مصر

 

المبادرات الأميركية المتتالية لوقف الحرب في غزة وصلت جميعها الى مرحلة الفشل الكلي والرئيس الأمريكي بايدن صرح قبل ايام قليلة ان رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو لا يفعل ما يكفي للتوصل إلى اتفاق يضمن وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتحرير الأسرى وانه فقد الثقة منذ فترة طويلة به وان صبره بدأ ينفد مع كثرة الاعيبه وأكاذيبه ومماطلته ومواصلته تغيير اهداف المفاوضات وتقديمه مطالب جديدة غير قابلة للتوافق في كل مرحلة ورغم كل ذلك لازال الرئيس بايدن يبحث مع فريقه تقديم عرض نهائي لإبرام صفقة تبادل عبر الوسيطين القطري والمصري لتحريك مياه التفاوض الراكدة ما يعكس حجم الإحباط العميق داخل البيت الأبيض بشأن كيفية تعامل نتنياهو مع الصراع ومحادثات الأسرى حيث هدد مسؤولون أميركيون بالانسحاب من مفاوضات غزة لو فشلت هذه الصفقة

 

في الوقت الذي يكافح فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو من أجل بقائه السياسي ومع الافتقار إلى انجاز اي تقدم يتزايد التشاؤم بشأن احتمالات التوصل إلى اتفاق لوقف اطلاق النار بسبب تشبث نتنياهو بموقف اليمين المتطرف في حكومته وصم آذانه عن الاستماع لرؤية المؤسسة الأمنية التي يمثلها وزير الدفاع يوآف غالانت أو حتى الى أصوات المظاهرات الحاشدة التي غصت بها ميادين تل أبيب ومدن أخرى على مدار الايام الماضية حيث دعا المتظاهرون نتانياهو إلى تنحية طموحاته السياسية جانبا من أجل التوصل إلى اتفاق يسمح بالإفراج عن ما تبقى من الأسرى أحياء قبل عودتهم إلى أهلهم في توابيت مغلقة

 

ازمة الرهائن الحالية في غزة لا تشبه أي أزمة أخرى والروايات الامريكية المتواترة تختلف بشأن أعداد الرهائن والضحايا الأمريكيين أو الإسرائيليين ــ الأمريكيين واماكن وجودهم وظروفهم فثمة تقارير تشير إلى مقتل 39 أمريكيا من حمَلة الجنسية الإسرائيلية واحتجاز 11 آخرين بين الأسرى فى قطاع غزة بينما تشير مصادر إسرائيلية إلى احتفاظ المقاومة بسبعة أمريكيين أحياء بين الأسرى لديها علاوة على ثلاث جثث لأمريكيين قضوا تحت وطأة ضربات إسرائيلية سابقة ورابع قتل أثناء عملية النصيرات فضلا عن القتيل الاخير على يد حراسه من رجال المقاومة في احد انفاق غزة

 

ضمن سياسة محدودة وفي خطوة جديدة قد تغير مسار الجهود الدولية لتحرير الأسرى تدرس إدارة الرئيس الأمريكي بايدن إمكانية التفاوض على صفقة أحادية الجانب مع حماس للإفراج عن المحتجزين الأميركيّين في غزة من دون إشراك اسرائيل وبوساطة مصرية وقطرية لتأمين اطلاق سراح الرهائن واستعادة رفات الذين لقوا حتفهم ودون التطرق كليا الى ما قد ستقدمه واشنطن لـحماس مقابل هذه الصفقة باعتبار إن حماس قد يكون لديها حافز متوقد لعقد صفقة أحادية مع إدارة بايدن لان ذلك قد يزيد من سوء وتوتر العلاقات بين امريكا وإسرائيل

 

الاتفاق الثنائي بين واشنطن وحماس اذا حصل سوف يضاعف الضغوط السياسية على نتنياهو للموافقة على خطة بايدن الاخيرة وتأتي هذه المناقشات في ظل تصاعد التوترات والضغوط على الحكومة الإسرائيلية ووسط انتقادات داخلية وخارجية لأداء رئيس نتانياهو في التعامل مع الأزمة حيث اكد مسؤولين أميركيّين بان واشنطن بوساطة قطرية أجرت اتصالات مع حركة حماس قبل عدة أشهر بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق لا يشمل إسرائيل وهذا الخيار قيد المناقشة داخل إدارة بايدن بعد عدة طلبات لاطلاق سراح الاسرى الامريكيين قدمتها عائلاتهم في اجتماعها الاخير مع مستشار الأمن القوميّ الأميركيّ جيك سوليفان خاصة بعد خشية أفراد العائلات وبعض المسؤولين في الإدارة الامريكية أن لا يلتزم نتانياهو باتفاقية وقف إطلاق النار في غزة مقابل إطلاق تحرير الرهائن كما انه لا زال يتعنت في قضايا محورية مثل الانسحاب من محور فيلادلفيا والذي اصبح حجر عثرة أمام تحقيق تقدم فعلي في المفاوضات

 

على الجانب العسكري ليس من المتوقع أن تضطلع الخلية الأمريكية ( قوة دلتا ) المتخصصة فى إنقاذ الرهائن بأي مهام قتالية داخل قطاع غزة ورغم وجود خلية تابعة لقوات العمليات الخاصة الأمريكية داخل إسرائيل بالإضافة الى عدة عناصر من الجيش الأمريكي ووحدات أخرى متخصصة فى حرب المدن تتركز مهمتها في جمع المعلومات عن الأسرى الإسرائيليين والأمريكيين ومساعدة الإسرائيليين على تنفيذ مهام شتى أبرزها تحديد مواقع الرهائن بمن فيهم الأمريكيين الذين تحتجزهم المقاومة ثم العمل على تحريرهم ان امكن ذلك

 

المؤكد ان التشكيلات العسكرية والخلايا الامنية الامريكية المتواجدة في غزة ومنطقة البحر الابيض المتوسط شاركت بشكل مباشر فى عملية تحرير الرهائن الإسرائيليين الأربعة في منطقة النصيرات كما يوجد عدد من اء والمحققين التابعين لمكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الخارجية وغيرهما من المتخصصين فى استعادة المحتجزين في المنطقة للتشاور مع نظرائهم الإسرائيليين والتأكد من اعتمادهم أفضل السبل لاستعادة الاسرى إلى ديارهم وأن هذه المعلومات تفيد بأن الجيش الأمريكي متورط فى عمليات الإبادة الجماعية الجارية فى غزة من خلال قوات تقتل أعدادا هائلة من الفلسطينيين وان هناك جنود أمريكيون يقاتلون فى الأنفاق التى تستخدمها الفصائل الفلسطينية داخل قطاع غزة شأنهم شأن نظرائهم البريطانيين رغم نفي مسئولو البلدين عن وجود أو نشاط عسكري أو حتى استخباراتي لقواتهما داخل غزة

 

الولايات المتحدة الامريكية لها تجربة مريرة مع عمليات تحرير الرهائن الأميركيين بالقوة حيث فشلت في عملية مخلب النسر من  تحرير 52 رهينة أميركية احتجزتهم مليشيات طلابية في السفارة الامريكية بطهران عقب اندلاع الثورة في نيسان 1980 لمدة 444 يوم في في طهران وهو ما نتج عنه مقتل 8 جنود أميركيين بعدما سقطت طائرتهم المروحية في الصحراء حيث أرجع كثير من المعلقين السياسيين وقتها خسارة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر انتخابات الرئاسة في ذات العام إلى الأزمة وأن تلك الحوادث كادت أن تنهي رئاسة ريغان ابان فضيحة إيران كونترا يوم تفاوض مع إيران وحزب الله على تحرير الرهائن الأميركيين بلبنان اضافة الى العملية العسكرية الأمريكية الفاشلة لتحرير الرهينة الأمريكي الصحفي لوك سومرز في اليمن والت ادت الى مقتله مع  المدرس الجنوب إفريقي بيير كوركي على يد تنظيم القاعدة كما فشلت القوات الامريكية الخاصة بتحرير رهائن أمريكيين لدى تنظيم داعش في العراق وسوريا حيث قُتلوا جميعا

 

بالقراءة التحليلية نجد انه ربما لا يكون لدى الادارة الامريكية الحالية العديد من الخيارات العملية إذا انهارت محادثات وقف إطلاق النار التي تشمل إسرائيل ازاء رهائنها لدى حماس التي تريد كطلبين اساسيين لا بد لإسرائيل من تلبيتهما الاول وقف إطلاق النار والانسحاب الكامل من القطاع والثاني إطلاق سراح العدد المطلوب من السجناء الفلسطينيين المحتجزين حاليًا في السجون الإسرائيلية والسماح بإعادة المهجرين الى منازلهم وإذا كان لابد من تعامل بايدن مع حركة حماس بأي شكل من الأشكال، فسيبدو وكأنه يتفاوض مع الإرهابيين ناهيك عن استثارة عضب الاسرائيليين الذين سيتهمونه بخيانتهم وطعنهم في الظهر

 

في خضم المفاوضات المتوترة حول وقف إطلاق النار في غزة وبعد رفض حماس الخطة الأميركية الجديدة ومطالبتها بالضغط على اسرائيل للالتزام بالاتفاقات السابقة فان  فكرة توقيع اتفاق أحاديّ الجانب مع حماس لم تتقدم كثرا حيث يعارضها بشدة بعض كبار المسؤولين في الإدارة الامريكية ويعتبرونها غير واقعية وايضا غير ممكنةبحسب تصوراتهم بدعوى ان الولايات المتحدة ليس لديها ما يكفي لتقديمه لحماس مقابل الرهائن الأميركيّين كما يفضل كثير منهم استمرار الرئيس بايدن في محاولة التوصل إلى اتفاق أوسع يشمل إسرائيل ويسهم في بناء مسارً شامل لإنهاء الصراع بين الفريقين

 

 من البديهي العلم بان تنفيذ المقترحات الأميركية التي تم الاتفاق عليها مسبقا بشأن قطاع غزة سيؤدي إلى وقف كامل للحرب في القطاع في المقابل فان الخلاف على مناطق انسحاب الجيش الإسرائيلي يعرقل التوصل لاتفاق مقبول والمطلوب الآن من امريكا والوسطاء الضغط على نتانياهو وحكومته وإلزامهم بما تم التوافق عليه ليفهم بان ملف تبادل الأسرى لن يحل بتاتا إلا عبر التفاوض غير المباشر بين اسرائيل وحماس

 

برؤية واقعية شفافة نجد انه لا توجد حاجة حقيقية إلى مزيد من المقترحات الامريكية الجديدة لوقف إطلاق النار وبما ان ( الخطة الأميركية الجديدة لوقف إطلاق النار في القطاع تتكون من 18 فقرة وهي لا تذكر محور فيلادلفيا والاتفاق يفترض مسبقا انسحاب القوات الإسرائيلية من جميع المناطق المأهولة بالسكان كما ان الفقرات الجديدة المطروحة متطابقة مع المقترحات السابقة للصفقة وهناك تعديل فني بحت في فقرة واحدة وثلاث أخرى تتعلق بتبادل الأسرى والتي لا تزال بحاجة إلى مناقشة بما في ذلك الشروط التي طرحتها حماس في اقتراحها للمسائل الإنسانية ) وفي غياب الاتفاق مع المقاومة سيبقى أمن اسرائيل مهدد ويعرض حياة 10 ملايين إسرائيلي للخطر خاصة بعدما فقدت الحكومة الإسرائيلية القائمة مصداقيتها بشكل كامل داخليًّا وخارجيًّا ولا تزال مستمرة في ترويج أكاذيبها للتغطية على فشلها في تحقيق أي من اهدافها التي اعلنتها

 

ختاما وبشكل عام تبدو فرص بايدن في إنهاء الحرب المستمرة في غزة وإعادة الأسرى الامريكيين المتبقين إلى وطنهم قبل مغادرته منصبه بعيدة أكثر من أي وقت مضى مما يزيد من احتمال إنهاء رئاسته دون التوسط لإنهاء الصراع الذي اجتاح عامه الأخير في منصبه ويهدد بتشويه إرثه في ظل عدم وجود الدافع الحقيقي لدى نتنياهو للتوصل إلى اتفاق

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *