أمد/ كتب حسن عصفور/ رغم مضي سنوات طويلة على قمة كمب ديفيد يوليو 2000، بين الوفد الفلسطيني بقيادة الخالد ياسر عرفات ووفد إسرائيلي برئاسة يهودا براك، برعاية الرئيس الأمريكي كلينتون، لكن الحديث عن أحداثها لم ينته، بل وغالبا ما يذهب في مسار يمكن وصفه “استخدامي” لغايات سياسية محددة.

يشير الكثيرون إلى ما بات يعرف بـ “محددات كلينتون” أو “معايير كلينتون” التي قدمها ديسمبر 2000، والتي يمكن اعتبارها مع عناصر مفاوضات ستوكهولم فبراير 2000، ولاحقا وثيقة أولمرت 2007 هي الأكثر قربا لصياغة حل للصراع، رغم ذلك كانت تفتقد عنصر مركزي حكم مسار موقف الخالد ياسر عرفات.

الإشارة إلى تلك الوثائق ليس بكونها مثلت الحل الأفضل ولكنها قدمت جوانب الحل الممكن، والذي كان له أن يضع حجر أساس لعهد جديد من الاستقرار والسلام، وكل ما تقدم بينها من مقترحات انتقص منها، بما فيها خريطة الطريق، التي باتت قرارا لمجلس الأمن 2003 رقم 1515.

ومع “القيمة السياسية” لتلك الوثائق، لكن الموقف الأساسي الذي حكم موقف ياسر عرفات عنصرين، الأول المرتبط بالسيادة في القدس الشرقية وخاصة ساحة البراق، وقضية عودة اللاجئين.

خلال مفاوضات قمة كمب ديفيد يوليو 2000، عرض الرئيس الأمريكي رؤيته شفويا، ولم تكن وثيقة محددة، تناولت عناوين قضايا الحل الدائم، القدس، المستوطنات الحدود، اللاجئين، حيث أشار إلى مساحة دولة فلسطين تكون بين 95 % 96% مع تبادل أراضي بنسبة 1 3% وهي لا تعادل قيمة الأرض التي تم اقتطاعها في المقترح، دون تماثل تبادلي، كما أنها لم تحدد قواعد عودة اللاجئين بشكل واضح، لكن القضية التي فجرت التفاوض ارتبطت بالقدس.

عرض كلينتون تجاهل أي تفاوض على القدس بقسميها كما ورد في اتفاق إعلان المبادئ، فيما ذهب إلى عملية تقاسم “السيادة” في ساحة البراق بين الطرفين وفقا لبعد ديني، الأمر الذي رفضه بشكل كامل الخالد ياسر عرفات، وقدم رؤيته الخاصة حول أبعاد ذلك، وتمسك بأن السيادة هنا يجب أن تكون فلسطينية خالصة.

عمليا، قضية القدس أو بالتحديد السيادة على منطقة البراق بكل مكوناتها، هي القنبلة التي فجرت مفاوضات قمة كمب ديفيد، وبعدها أرسل وفد دولة الاحتلال تهديدا صريحا بتصفية أبو عمار، جراء ذلك، بل ومع مغادرة الوفد الفلسطيني أعلن براك في تصريح علني بأنه لم يعد هناك “شريك فلسطيني” في عملية السلام.

وفي 28 سبتمبر 2000 بدأ تنفيذ مؤامرة براك شارون باقتحام المسجد الأقصى، والتي كانت شرارة المواجهة الأوسع مع دولة الاحتلال استمرت 4 سنوات قادها ياسر عرفات من مقره في رام الله، إلى أن تمكنت يد العدو منه اغتيالا.

المفارقة التي تستحق التوقف كثيرا أن البعض تجاهل مضمون موقف الخالد ياسر عرفات من جوهر المقترح الأمريكي، تمسكه بالسيادة على المقدسات، فيما يحاولون من زاوية أخرى، النيل من موقفه في إعلان المبادئ (إتفاق أوسلو) 1993، والذي أدى إلى قمة كمب ديفيد وما عرض بها.

دون التوقف عن التشويه المتعمد، الذي عاد مجددا من قبل أصوات مختلفة، بعضها صبياني بحثا عن حضور ما أو ثمن ما، وبعضها من شخصيات لها قيمة ثقافية، لكنها استخدمت المكانة لنشر عملية تضليل لا يمكن لساذج سياسي أن يصدقها لو بذل جهدا خاصا لربط مسار الأحداث، التي بدأت 1993 وانتهت فعليا 2000.

لو وافق سار عرفات على محددات كلينتون، لما خرجت تلك “الأصوات” بالحديث عن اتفاق إعلان المبادئ (إتفاق أوسلو) بما يقولونه الآن، ما يؤكد أن من حدد الرؤية لم تكن أمريكا أو دولة الكيان بل ياسر عرفات، الذي رفض بوضوح المساس بالسيادة الفلسطينية على المقدس الوطني والديني، وتجاهل تلك الأصوات لها ليس جهلا بتاريخ، خاصة وأن بينهم مؤرخين لهم مكانة، لكنه فعل له هدف سياسي لتشويه كل مسار كي يغلق أي معركة سياسية حقيقة.

ومن باب التذكير السياسي لبعض المتطوعين في حملة تشويه الحقيقة السياسية، بتقديم روايات “شفوية”، لما القفز عن قبول دولة فلسطين عضوا مراقبا بالأمم الأمم المتحدة منذ عام 2012، وهل كان لها أن تكون دون وجود اتفاق قيام السلطة الوطنية الفلسطينية بعد اتفاق إعلان المبادئ 1993..

روايات التشويه، التي تعمل الإدارة الأمريكية بتحريكها، لكل ما كان من فعل كفاحي وتفاوضي وبناء السلطة الوطنية، تهدف بكل مباشر لخدمة خطة ترامب نحو دفع الفلسطيني بعد مؤامرة 7 أكتوبر 2023 إلى القبول بما يرونه حلا من نكبات قادمة، تهجيرا وفصلا وتدميرا لكيانية باتت حقيقة سياسية دوليا.

والمثير للانتباه أن إعلام الرسمية الفلسطينية يقف “محايدا” أمام محاولات تخريب الذاكرة الوطنية، وكأن ما يحدث ليس جزءا من حرب شاملة على مستقبل الكيانية الوطنية، بعيدا عن مواقف بعضهم من الخالد ياسر عرفات..فالصمت هنا جريمة وطنية متكاملة.

ملاحظة: كان ملفت جدا مشهد لقاء بابا الفاتيكان في قصر بعبدا..أول مرة من سنين كل لبنان كما هو بدون نقاب..قاعدين بأدب وفرح كأنهم مش هم اللي لاعنين أبو لبنان فوقه وتحته..معقول “بركاته” تعمل اللي آلاف الضحايا ما عملته..في لبنان كل شي بيصير ..مع ان زمن المعجزات بح..

تنويه خاص: هاي فرقة الفاشية الاستيطانية ما عاد يفرق عندها حدا..اي جسم بشري ماشي في الضفة صار هدف..دون ما يرمشوا هقشوا 3 طليان وكندي جايين يتضامنوا مع أهل البلاد..تخيلوا لو يهودي انجرح في أي محل كان قردة ترامب قامت ولساتها ما قعدت..شو نعمل “الدم الازرق غير”..

  لمتابعة قراءة مقالات الكاتب

https://hassanasfour.com

https://x.com/hasfour50

شاركها.