أمد/ كتب حسن عصفور/ ما أن انتهى أعمال المؤتمر العالمي حول “حل الدولتين”، بإصدار وثيقة تاريخية تحت مسمى “إعلان نيويورك” 30 يوليو 2025، يضع رؤية مستحدثة لحل الصراع في الشرق الأوسط، وشرطه المركزي وجود دولة فلسطين، حتى دخلت الإدارة الأمريكية في مشهد غير مسبوق، بعدما وقفت وحيدة في خندق مواجهة الطوفان لحماية دولة الإبادة الجماعية والفصل العنصري.

تمكن إعلان نيويورك، أن يعيد التوازن إلى واقع الرؤية الحقيقية لجذر الصراع، بعدما حاولت دولة الفاشية اليهودية والولايات المتحدة خطفه من حرب تطهير عرقي واحلال وطمس هوية واستبدالها بأخرى، ونفخ رواية “مظلومية خادعة” بعد مؤامرتهم المشتركة يوم 7 أكتوبر 2023، لينهار كل ما فعلوه طوال 22 شهرا في لحظة سياسية فارقة، ستفرض منطقها أي كانت الوابح الممكنة.

إدارة ترامب عجزت في تعطيل قوة الاندفاعة التنفيذية لـ “إعلان نيويورك” بالسباق نحو الاعتراف بدولة فلسطين، ورفض التهويد والتهجير، وتكريس الحقيقة السياسية أنه لا أمن لأي كان في المنطقة دون فلسطين دولة خارج الوصاية الاحتلالية.

ولأن الهدف المركزي للولايات المتحدة قبل دولة الكيان، بات كسر الاندفاعة العالمية محو فلسطين، سارعت باتخاذ خطوات تعتقد أنها ستكون “سلاحا” تعطيليا، فكان قرارها الإجرائي حول تأشيرة الدخول للفلسطينيين مسؤولين ومواطنين، وتعيد الاعتبار للوصف القديم، بأنهم “إرهابيون”، لم يتلزموا بما تم الاتفاق عليه، في موقف ترهيبي علني.

القرار الأمريكي حول التأشيرة ومسببه، فضح ليس العداء المخزون فذلك واقعا لا يحتاج “حمض كيماوي”، لكن الغباء من إدارة بمضمون الاتفاقات أو التفاهمات الخاصة بعملية السلام، فتلك هي المسألة التي تستحق التوقف العميق، كي تكون درسا لمن يراها “دولة” صديقة تعمل نحو “إنهاء حرب الإبادة”.

إدارة ترامب بقرار التأشيرة، تجاهلت أن هناك رسائل اعتراف متبادل بين منظمة التحرير ودولة الكيان منذ عام  1993، وحكومات تل أبيب هي من أوقف التعامل بها وليس فلسطين، فيما تجاهلت الإدارة الترامبية أن “حل الدولتين” هو مقترح أمريكي تقدم به الرئيس الجمهوري بوش الابن يونيو 2002، ولم تلتزم به لا واشنطن ولا تل أبيب، بل كلاهما اعتبره شعار ضد “السلام”..وتوالت  بعدها المبادرات الأمريكية من خطة باول إلى خارطة الطريق فمؤتمر أنابوليس 2007، لم تلتزم أي بها حكومات الكيان.

ومن باب فتح صندوق التاريخ، فالرئيس محمود عباس أوقف الطلب حول تقرير غولدستون الذي يدين دولة الكيان عام 2008 بطلب أمريكي وبناء على “وعد” لم ير النور، بل سارعت واشنطن وتل ابيب ردا على “فعل الخير السياسي” بفعل شر سياسي مطلق بتعزيز سلطة الانقلاب الحمساوي في قطاع غزة بالتعاون مع قطر ودعمها ماليا شهريا بثلاثين مليون دولار.

إدارة ترامب ومعها دولة الاحتلال، هم من تخلى عن جوهر اتفاق اعلان المبادئ (أوسلو) الذي نص حرفيا بأن الضفة الغربية وقطاع غزة وحدة جغرافية واحدة وهي أرض فلسطينية، ليتم استبدالها من قبل الإدارتين بمصطلح توراتي تهويدي، لا مكان بها لكيان فلسطيني.

يبدو أن قوة فعل “إعلان نيويورك” كانت أقوى كثيرا من أن تتحملها إدارة ترامب وحكومة دولة الإبادة والتطهير العرقي، فدخلتا في طور هلوسة سياسية حول الحرب في قطاع غزة، بين صفقة شاملة وصفقة جزئية، بين وقف المجاعة وبين لا مجاعة، وبين استمرار الحرب حتى تصل لهدفها وبين وقف الحرب فورا لأنها حققت غرضها الأساس،  وبين تشكيل إدارة مدنية لحكم غزة إلى تشكيل “إدارة أممية” بقيادة أمريكية (بول برايمر 2).

وبالتوازي، لجأت واشنطن وتل ابيب إلى الاحتياط التاريخي الاستخدامي لتعطيل ما تراه معاكسا لمشروعها التخريبي العام، فإطلقت سراح جماعة لتقود حملة علها تخطف المشهد من العداء للكيان إلى العداء لمصر، وجهات تبحث “بديلا” للشرعية الفلسطينية علها تماثل خطتها عام 1988 إنشاء حماس كبديل موازي، محاولات تعتقد أنها ستكون خير صديق لها في وقت ضيق لم يكن ضمن حسابات مخطط مؤامرة أكتوبر.

هلوسات سياسية أمريكية وفاشية يهودية تسارعت جدا، جراء ضربة شمس “إعلان نيويورك”، ومأ أنتجه تغييرا تاريخيا تستوجب حراكا وطنيا فلسطينيا سريعا كي لا يذهب ريح التغيير نحو مسرب قاعدة “العديد”.

ملاحظة: صحوة مفرحة  في بلاد الغرب..الناس كسرت كل الخوف اللي انزرع..كان الحكي عن دولة الإبادة يوصل الحاكي “للشنق الإنساني”..الان عدم الحكي عليها صار هو اللي مش إنساني..صور زوج سارة معلقة بالشوارع كمطلوب كأنها حلم.. يا بيبي وراك وراك حتى الحبل اياه..

تنويه خاص: القيادة الحمساوية شكلها بطلت تجمع خالص..كل يوم عندها فنكوش جديد..آخر فناكيشها قال مش حتسلم سلاحها غير بعد قيام دولة “أوسلو”..طيب وغزة كيف..بالكم مستمرين بحربكم ضد أهلها خرابا ودمارا.. يا فناكيش..!

لقراءة مقالات الكاتب تابعوا الموقع الخاص

شاركها.