أمد/ من إيحاءات صديقي المفكّر المعروف د. عبد الحسين شعبان
في كتابه المبهر:
هسهساتُ الضوء في أنطولوجيا الثقافة العراقية
وُلدت قصيدتي العراقية حتى النخاع:
هسهساتُ الروحِ ومضاتٌ تكادُ لا تُرى،
فيها شفيفُ شُعاعٍ يُحلِّقُ كالسُّرَى
تنسابُ بينَ الضلوعِ مأوَى الحنايا،
تَهمسُ بالخبايا من وجَعٍ جَرَى
يلمسُ صمتُ الليلِ فيها همسًا حَنونًا،
فيذوبُ الحزنُ ويبهَجُ من يَرَى
وفيها ابتسامٌ يوقظُ الحُبَّ القديم،
يزهو في القلبِ كما الزهرُ مُخْضَرَا
وهمسٌ باذخٌ ينهمرُ مثلَ النسيمِ،
يُعانقُ السُّمّارَ في ساعاتِ الكَرَى
سواليفُ الجدّاتِ سِحرٌ في فَرَشِ الصِّبا،
غرسَ أحلامًا بالوجدانِ يربو مُسجَّرَا
وهُفوفُ بحرٍ لا يعرِفُ نَوءَ الرِّياح،
والروحُ تشرعُ قُلوعًا في حُبِّ الذُّرَى
كلُّ هسهسةٍ فيها أسرارُ الوِداد،
تُذيبُ الأشواقَ، تُشعلُ في القلبِ المَرَى
في صمتِ الوجودِ تُحَدِّثُ النجومُ في العُلا،
والبدرُ يهمسُ بالأسماءِ بينَ الوَرَى
عراقُ المجدِ والتاريخِ وسرُّ الخلقِ،
مِن فَلَقِ القِرَى في الجودِ ممَّا قَدْ جَرَى
فيهِ عشقُ السماواتِ، إِبْهارُ السُّهى،
فيهِ الثُّريّا أَديمٌ فوقَ سوادِ الثَّرَى
وأنتِ أنشودةُ العُمرِ، يا غيثًا هَمَى،
فيضُ قلبي فيكِ حُبًّا لا قَيْدَ العُرَى
هَمْسُكِ السِّحرُ يطيرُ بي فوقَ السَّحاب،
وتنسُجُ الأحلامُ في قلبي القَطَمْرَا
تلامسُ في الأعماقِ رِقّةَ عاشقٍ،
تُغنّي بأشواقِ الفؤادِ وَجْدًا أزْهَرَا
كلُّ ابتسامةٍ منكِ ضوءٌ سرمديّ،
يُزْهرُ في مناحي الروحِ كزهرِ الثَّرَى
فأنتِ النسيمُ إذا هَمَسَ بالجَوَى،
وأنتِ الوَعْدُ الذي فيه تجلّى وانبَرَى
في أرضِ سومرَ، والحضارةِ، والنُّهَى،
هسهساتُ الروحِ في عِشتارَ لا تُمتَرَى
همسُكِ أنشودةٌ لا تعرفُ السُّلوان،
تجعلُ القلبَ أينما حَلَّ أمْطَرَا
