هذه تفاصيل معركة “طوفان الأقصى”
تنفرد صحيفة “” بنشر تفاصيل ليلة “طوفان الأقصى” التي فاجأت الجميع وأذهلت العالم، وحطمت أسطورة الجيش الذي يقهر وأجهزته الأمنية التي يعتبرها العالم الأكثر احترافية، خاصة في الضربات الاستباقية.. مصدر موثوق خص صحيفة “” بتفاصيل دقيقة تقديرا للشعب الجزائري وقيادته التي لم تترك نصرة ودعم الشعب الفلسطيني قولا وفعلا.
ليلة الهجوم
استدعت كتائب القسام، الذراع العسكري لحركة حماس، ليلة الجمعة إلى السبت، كافة مقاتليها بشكل مفاجئ ضمن ترتيبات روتينية “جرد السلاح”، وهي عملية تفقّد دورية للسلاح وضبطه وفحص يقظة واستعداد المقاتلين الميدانيين.
أشرف قادة كتائب القسام على حشود المقاتلين في أماكن التجمع المقررة، وبدأت عملية الفرز الساعة 11:00 من مساء يوم الجمعة، واختار القادة خيرة المقاتلين الذين يعرفونهم عن قرب، لجمع نحو 1500 مقاتل، وتسريح الآخرين دون إثارة الشكوك.
بعد اختيار أفراد عملية “طوفان الأقصى” تم تجميع المقاتلين في مجموعات صغيرة وسحب وسائل الاتصال منهم لضمان انقطاعهم عن العالم الخارجي وعدم تسريب أي معلومة مما سيخبرهم به قادة الكتائب عن تنفيذ العملية الكبرى، والتي تعني الإقدام على الشهادة بلا شك خلال أو بعد العملية، ووضع مئات المقاومين أمام خيارين: إما المشاركة في الهجوم الكبير أو البقاء في المواقع إلى حين انتهاء العملية لمن لا يرغب في المشاركة لأسباب خاصة لديه.
أمام أكثر من ألف مقاتل من مختلف التشكيلات التي تدربت منذ سنوات على عملها في البر والبحر والجو، عرضت قيادة العملية خرائط الهجوم وصورا جوية رصدتها المسيرات الفلسطينية، تظهر صورا حديثة لكل المواقع العسكرية الإسرائيلية المتاخمة لحدود قطاع غزة، وكذلك تفاصيل خطة الاقتحام الكبير.
أسباب الانفجار
قيادة حركة حماس في غزة، وعلى رأسها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، والقائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، وقيادة المجلس العسكري، رأت أنه لا فائدة من الوعود الإسرائيلية المتعلقة برفع الحصار بعد 17 عاما من الوساطات العربية والدولية، كما أن هذه القيادة اعتبرت أنها تعرضت للإهانة في ظل زيادة عمليات الاقتحام للمسجد الأقصى بعد عامين من عملية سيف القدس عام 2021، والتي انطلقت رفضا لتدنيس المسجد الأقصى، في تحدٍّ لكل التهديدات التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية.
قيادة حماس رأت العبث بالمنحة القطرية التي تقدم مساعدات لنحو 100 ألف أسرة وجزء من المنظومة الحكومية الخدماتية وفق المزاج الإسرائيلي، فضلا عن الضغط على القطاع المحاصر، من خلال منع العمال من الوصول إلى مناصب عملهم في الداخل المحتل بحجج واهية.
وكشف مصدر صحيفة “” عن سبب نفسي هام بعد رسالة الأسير حسن سلامة في سجون الاحتلال التي يشكو فيها من استسلام صديقه الأسير المحرر يحيى السنوار للواقع، وعدم تقديم جديد في ملف الأسرى، وعدم قدرة ملف أسرى الاحتلال لدى المقاومة وعددهم 4 على تحريك المفاوضات جراء تعنت حكومة الاحتلال.
ونوّه المصدر بأن كل معاناة الشعب الفلسطيني على مدار 75 عاما حشدت العزم على طوفان يجعل فارقا بين الوعود والحقيقة، ويعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية في ظل وجود حكومة إسرائيلية فاشية، ومسارات التطبيع التي تجاهلت حقوق ومعانة الشعب الفلسطيني.
صلاة الفجر.. ساعة الصفر
صدرت التوجيهات بانطلاق العملية بعد صلاة الفجر بتوقيت فلسطين، وفق الخطة التي بدأت بتسلل مجموعات خاصة عبر سلسلة الأنفاق الحدودية، وتحت غطاء صاروخي بلغ 5000 صاروخ متعدد المدى، واقتحام نحو 17 منطقة عبر تفجير السياج الإلكتروني، ودخول أفواج المقاتلين الذين أسقطوا منظومة الجيش المسؤولة عن قطاع غزة باقتحام “مقر فرقة غزة” خلال نصف ساعة فقط.
فتحت طلائع المقاومين الطريق نحو كل التجمعات الاستيطانية والعسكرية الإسرائيلية التي سقطت تحت هول الصدمة، وفضل غالبية أفراد جيش الاحتلال في الخدمة لحظتها الهروب وترك المواقع، فيما فوجئ غالبية الجنود بأنهم تحت بنادق مقاتلي القسام الذين شرعوا خلال نصف ساعة تقييد كل جندي لم يقاوم الهجوم، ونقله إلى مواقع محددة داخل القطاع وفق الخطة، وتعليمات قائد القسام بعدم قتل النساء والأطفال والمسنين وفق تعاليم الحرب في العقيدة الإسلامية.
الخطة كانت تقتضي أسر عشرات الجنود، وكانت التوقعات بين 30 و50 أسيرا من الجيش الإسرائيلي، لكن النتيجة كانت أكبر من أوسع كل التوقعات بنحو 250 أسير بينهم جنود وضباط، ومقتل 1600 إسرائيلي، وما يزيد عن 3 آلاف جريح بينهم 300 في حال الخطر، ولا زال جيش الاحتلال يكتشف جثثا مفقودة في غلاف غزة.
أفواج جديدة لم تكن على علم بالعملية من حركة حماس وباقي فصائل المقاومة استيقظت على رشقات الصواريخ الكثيفة، وكان الاعتقاد الأولي لغالبية مقاومي الفصائل الأخرى أن الاحتلال ارتكب عملية اغتيال كبيرة استدعت ردا سريعا من قبل كتائب القسام.
لم يقتصر الاقتحام على المجموعات العسكرية لفصائل المقاومة، بل التحق مئات المواطنين بالدخول إلى المواقع العسكرية والاستيطانية، لدرجة أن كتائب القسام والأجهزة العسكرية اضطرت إلى جمع أسرى من يد المواطنين الذين عادوا بالغنائم البشرية والمادية.
الهجوم الذي فاجأ المنظومة العسكرية والأمنية الإسرائيلية لم يكن مفاجئا، لأن المقاومة أجرت مناورة الركن الشديد (4) التي أجرتها فصائل المقاومة قبل أقل من شهر في 12 من سبتمبر المنصرم، وخلالها تم محاكاة هجوم واسع من قبل المقاومة الفلسطينية، إلا أن الحكومة الإسرائيلية كانت ترى أن الفصائل الفلسطينية باتت مردوعة، وعلى رأسها حركة حماس التي لم تشارك في صد حربين ضد قطاع غزة، آخرها ضد حركة الجهاد الإسلامي، في إجراء تضليلي كبير للاحتلال وللحفاظ على قدرات كتائب القسام من الاستنزاف بانتظار خطة “طوفان الأقصى”.
سيبقى “طوفان الأقصى” حدثا تاريخيا، ليس على المستويين الفلسطيني والإسرائيلي فقط، بل سيكون له تداعيات على المنطقة والعالم الذي يجد نفسه بين خيارين: إما نيل الشعب الفلسطيني حقوقه والتخلص من الاستعمار، أو استمرار دوامة العنف التي لا يعرف أحد نهايتها.