اخر الاخبار

هذا هو الشرق الأوسط: يوم لك وعشرة عليك… وويل للأقوياء

أمد/ إن نظرة واحدة على التاريخ الحديث للشرق الأوسط تعطينا انطباعاً واضحاً بأن النظريات الاستشراقية الغربية سرعان ما يتم دفنها تحت الرمال هنا، تماماً كما يتم دفن الغريب في أرض بعيدة. ولا تتوقف الطيور المهاجرة عن المرور من هنا، وتشرب من مياه البلاد وتتغذى على الثمار والحشرات معًا، ثم تواصل هجرتها من أوروبا إلى أفريقيا ذهابًا وإيابًا. لا الأشجار تطير معه ولا الأنهار تجري خلفه.

إن تصريحات ترامب بشأن غزة وأفكاره بشأن تهجير الفلسطينيين تحل مشاكل نتنياهو الشخصية، ولكنها لا تحل مشاكل إسرائيل التي تضاعفت كل عقد منذ تأسيسها. ويشير ذلك أيضًا إلى أن ترامب رجل “نرجسي” يبالغ في تقدير نفسه ومنفصل عن الواقع، مثل صديقه إيلون ماسك الذي يعيش في العالم الافتراضي ولا يستطيع العودة إلى الحياة الطبيعية.

إن الأقوياء في الشرق الأوسط، الأقوياء سياسيا وعسكريا وعقليا وفكريا، يغادرون بسرعة، ويموتون في السجون أو يقتلون على يد أقرب حلفائهم وأقاربهم، أو يحاكمون ويعدمون. والضعفاء يبقون عقوداً من الزمن ولا يتزحزحون عن مقاعدهم. في معادلة لا يمكن تحليلها أو فهمها إلا أن القوي يعبر عن رأيه القوي فيتكاثر عليه الخصوم والأعداء، بينما الضعيف يحاول التكيف والزحف مع أي شيء، أي شخص وأي مجموعة، ويبقون كالديكور الجامد الذي لا يضر ولا ينفع.

لقد قُتل الجنرال إسحاق رابين، وعاش نتنياهو في الحكم أطول من بن غوريون، وأُعدم القادة العرب الذين أعلنوا موقفاً ضد أميركا والغرب، كما قدم جنرالات الشداد استقالاتهم، وتمسك بن غفير بمنصب وزير الأمن والشرطة، رغم أنه لم يخدم في الجيش لأنه “غير لائق”. وفي بلاد العرب أمثلة أشد وأقسى وأشد وطأة، يتردد الكاتب القوي في ذكرها حتى لا تختفي سريعاً كأبطال قصصه!!

احتمال بقاء نتنياهو أقوى بكثير من احتمال بقاء ترامب. ترامب سيرحل بعد فترة وفي مدة أقصاها أربع سنوات، لكن نتنياهو وغيره ممن يعبدون السلطة ومستعدون لفعل (أي شيء) للبقاء في السلطة سيبقون لفترة طويلة حتى نكره الحياة التي جمعتنا بأمثالهم.

إن الأزمة ما بعد الصهيونية هي أزمة عميقة للغاية. تحدثت مع الباحث الدكتور محمود يزبك حول هذا الموضوع، وهناك من يرى أن ما بعد الصهيونية هو التطبيع مع إسرائيل. لكن هناك من يعتقد أن ما يتبع الصهيونية هو إعادة دمج اليهود (وليس الإسرائيليين) في المجتمعات البشرية. ويقوم باحثون صهاينة وعرب بارزون بالبحث في هذا الأمر، وقد كتبوا وسيواصلون الكتابة دون أن يصلوا إلى إجابة واضحة حتى الآن.

أنا مع أولئك الذين يعتقدون أن نهاية الصهيونية ستكون اندماج اليهود (وليس إسرائيل) في المجتمعات البشرية الطبيعية، وأنهم سوف يكونون مثل بقية الشعوب، يعيشون وينمون مثل بقية المجتمعات. لكن قلة فقط تبقى في ساحة الكراهية والعنصرية ممن يعتقدون أن إسرائيل شيء مختلف عن باقي المجتمعات البشرية، وأنا أرى أن أفكارهم سوف تتحطم بسرعة. كلما زاد دعم ترامب لهم، كلما زادت احتمالية فشل فرضياتهم في وقت أقرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *