هجرة الأطباء إلى الخارج تؤرق الحكومة
كشف وزير الصحة عن ملف حول “هجرة الأطباء”، على مستوى لجنة مشتركة، تم تكليفها بإيجاد مقترحات لوقف هذا النزيف، وأعلن بأن قطاعه اقترح في هذا الإطار مراجعة رواتب الممارسين، وفي قوانينهم الأساسية مثلما هو جار حاليا، إضافة إلى إحداث رتب ومناصب عليا جديدة، وتخفيض سنوات الأقدمية للالتحاق بالرتب والمناصب العليا، وتوعد بالمقابل، بـ”اتخاذ الإجراءات المناسبة” ضد العيادات الأكثر لجوءا للعمليات القيصرية، في إطار زيارات ميدانية على مستوى هذه الهيئات لتقييم نشاطها.
قال الوزير عبد الحق سايحي، خلال جلسة علنية بالمجلس الشعبي الوطني، أول أمس، بأن مصالحه شرعت في تطبيق إجراءات من شأنها معالجة مشكل العجز في الأطباء الأخصائيين بمناطق الجنوب، وتم في هذا الإطار توقيع عقود لمدة ست سنوات مع الأطباء الأخصائيين المتخرجين الجدد للعمل في هذه الولايات، لتعزيز مؤسساتها الصحية بالأطقم الطبية المتخصصة.
وحسب ذات المسؤول، فإن كل الأطباء الذين تخرجوا في جانفي 2023، وعددهم 143 طبيب أخصائي، تم التوقيع معهم على عقود للعمل في القطاع العمومي، لمدة 6 سنوات على مستوى ولايات الجنوب، “على أن يتم العمل بنفس العقود في ولايات الهضاب العليا”، مشيرا إلى أن هذا الإجراء يخص الأطباء الذي تم تكوينهم كأخصائيين، ويتراوح عددهم ما بين 143 و150 طبيب أخصائي متخرج كل سنة.
وفي سياق ذي صلة، قال وزير الصحة إنه تم إنشاء لجنة وزارية مشتركة، مهمتها إبداء رأي “تقني” مسبق، متعلق بجميع المسائل المتعلقة برواتب الموظفين المنتمين لقطاع الصحة، تطبيقا للمادة 21 من المرسوم الرئاسي رقم 07304 المؤرخ في 29 سبتمبر 2007 المحدد للشبكة الاستدلالية لمرتبات الموظفين ونظام دفع رواتبهم، حسبه، إضافة إلى فتح عدة ورشات، عمل للتفكير في سبل تحسين الظروف الاجتماعية والمهنية لعمال القطاع، لا سيما سلك الأطباء، وذلك ضمن برنامج وطني لفائدة المريض.
وتم في هذا الإطار، يضيف سايحي، تنشيط اللجان المكلفة بالحوار لحل النزاعات وتسوية الوضعيات العالقة المرتبطة بالحياة المهنية، مشيرا إلى أن قطاعه شارك في اجتماعات اللجنة المشتركة المكلفة بدراسة ملف هجرة الأطباء، حيث تم تقديم سلة من الاقتراحات لتحسين الظروف المهنية والاجتماعية للأطباء، بداية بإعادة النظر في رواتب الممارسين، وفي قوانينهم الأساسية، وتحسين مسارهم المهني، بإحداث رتب ومناصب عليا جديدة، وتخفيض سنوات الأقدمية للالتحاق بالرتب والمناصب العليا، إضافة إلى ضمان التكوين المتواصل للأطباء، وتحفيز الممارسين على البحث العلمي، خاصة بالنسبة للممارسين العاملين خارج الوطن.
وفي رده على سؤال يخص ظاهرة ارتفاع عدد الولادات عن طريق العمليات القيصرية على مستوى العيادات الخاصة، قال الوزير سايحي إن الأمر يتعلق باتفاقيات تم توقيعها بين هيئات الضمان الاجتماعي والمؤسسات الاستشفائية المتخصصة، في التكفل بالأم والطفل التابعة للقطاع الخاص، وبعد أن اعترف بتزايد “مفرط” في عدد العمليات القيصرية على مستوى العيادات التابعة للقطاع العام والخاص، مؤخرا، حسبما بينته نتائج تحقيق أجري سنة 2021، أكد ذات المسؤول بأن أسباب الظاهرة تعود حسب فريق من اء إلى مجموعة من العوامل، على رأسها، تفضيل بعض النساء الولادة عن طريق العملية القيصرية، لتجنب الألم أو خوفا على صحة الجنين، خاصة إذا كانت تكاليف العملية على عاتق مؤسسات الضمان الاجتماعي، يقول، واختيار بعض الأطباء للطرق السهلة والتي لا تتطلب حسبه وقتا طويلا للتكفل الطبي بالمرأة الحامل.
وقال الوزير بأن أحد أسباب تزايد الظاهرة أيضا، تخوف بعض الأطباء من المخاطر الناجمة عن استعمال تقنيات التوليد الطبيعية، خاصة إذا لم تكن التجهيزات الخاصة بمتابعة الحالة الصحية للجنين متوفرة، كمسجل ضربات القلب، أو عدم توفر وسائل الإنعاش الخاصة بالأطفال حديثي الولادة، ما يفسر قرار تشكيل لجنة متكونة من خبراء لدراسة هذا الملف بصفة معمقة وإعداد وثيقة مرجعية حول المعايير التقنية للتوليد، يقول وزير سايحي.
ومن ضمن توصيات هذه اللجنة، يضيف، ضرورة إعداد دليل وطني لكيفية التكفل بالمرأة الحامل والطفل حديث الولادة واعتماد معايير وطنية، وتكثيف الدورات التحسيسية والتدريبية الموجهة للأطقم الطبية وشبه طبية، حول طرق التكفل بالمرأة الحامل والأطفال حديثي الولادة، إلى جانب تنظيم زيارات ميدانية على مستوى المؤسسات الصحية الأكثر استعمالا للعمليات القيصرية، لتقييم نشاطهم واتخاذ الإجراءات المناسبة، وتنظيم حملات تحسيسية لتشجيع المرأة الحامل على الولادة الطبيعية.
وفي هذا السياق، أشار الوزير إلى أن إمضاء الاتفاقيات مع هيئات الضمان الاجتماعي ابتداء من سنة 2020، سمح بتخفيف الضغط على المؤسسات العمومية، ولهذا “من الحكمة الإبقاء على هذه الاتفاقيات وتشجيع عقدها مع الحرص على التطبيق الصارم لقواعد الممارسة الحسنة فيما يخص التكفل بالأم والطفل”.