اخر الاخبار

هؤلاء “ممنوعون” من صيام شهر رمضان

يستقبل الجزائريون وعلى غرار شعوب مختلف دول العالم الإسلامي، شهر رمضان الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بروحانية لا يحس بها إلا المسلم الذي يحرص أن يتم شعيرة من شعائر دينه، خاصة وأن من أبرز معاني التعظيم لشعيرة رمضان هي صيامه، لكن في الوقت الذي تقبل الغالبية على إتمام الصيام، يتعذّر ذلك على البعض والممثلين في المصابين بأمراض معينة، حيث إن الأمراض تختلف من حيث الشدة والوطأة، فمنها ما يؤثر في الصوم ومنها غير المؤثر، إذ وبغض النظر عن الأمراض الخفيفة التي يمكن لصاحبها إتمام صيامه، يمنع ذلك عن المصاب بمرض مزمن، بل ويحرّم عليه إذا كان الصوم خطرا عليه ويلحق به ضررا مؤثرا، يظهر في شكل مضاعفات صحية.

ومن المضاعفات التي تسجل بكثرة خلال شهر رمضان عند فئة من الجزائريين، وتكون وراء تدفق الكثير منهم على استعجالات المستشفيات، دخول مرضى السكري في غيبوبة بعد انخفاض نسبة السكري في الدم بصفة ملحوظة. وفي هذا المجال بينت دراسة طبية رصدت حالة مصالح الاستعجالات بالجزائر العاصمة خلال رمضان، تردد 25 إلى 30 مريضا يوميا عليها، 80 بالمائة منهم مصابون بالسكري، والذين يمنع عليهم الطبيب الصيام، خاصة الخاضعين للأنسولين ورغم ذلك يصرّون عليه. وبخصوص هؤلاء، أكد لنا الدكتور سمير عويش، رئيس وحدة الاستشفاء الخاصة بالنساء بمصلحة أمراض السكري في مستشفى مصطفى باشا الجامعي، أن وحده طبيبهم المعالج المقرّر لصيامهم من عدمه، والذي تتوجّب مراجعته عدة أشهر قبل شهر رمضان، حتى يتم تعديل مستوى السكر في الدم، وبالتالي السماح للمريض بالصيام من عدمه، “شريطة أن يلتزم المريض باحترام تعليمات الطبيب وعدم تجاوزها، وألا يقوم الإمام مقام الطبيب في هذا الشأن” يقول عويش، خاصة وأن عددا كبيرا من مرضى السكري يصومون لارتباطهم بالجانب الديني الذي يحول دون إفطارهم.

نوع آخر من المرضى يحظر عليهم صيام رمضان، يمثلهم المصابون ببعض أمراض القلب، وعن هؤلاء أوضحت لنا البروفيسور حنان زوزو، رئيسة مصلحة أمراض القلب والشرايين بالمستشفى الجامعي لبجاية، وهي فئة الذين يعانون من فشل في عضلة القلب والذين لا يمكنهم بذل أي مجهود إضافي، مؤكدة أن الصيام لا يؤثر بصورة سلبية على مرضى القلب المستقرة حالتهم، لتنصح بالتزام نظام غذائي سويّ والابتعاد خاصة عن “شربة الفريك” وتعويضها بشربة خفيفة، لأنه من شأن “الفريك” أن يتسبب في تذبذب نتائج تحاليل الدم، مما يحول دون تحديد جرعة دواء “سنتروم”، وهو أحد أدوية مريض القلب المسؤول عن عدم تخثر الدم.

من جهة أخرى، يتعذّر صيام مرضى القصور الكلوي بسبب حاجتهم الدائمة للماء “ناهيك عن التزامهم بمواعيد محددة للدواء، مما يجعل من صيامهم أمرا صعبا”، يقول البروفيسور فريد حدوم، رئيس مصلحة أمراض الكلى، تصفيتها وزرعها بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، مضيفا أن معاناتهم كذلك من ارتفاع نسبة الحموضة بالدم يعتبر سببا آخر لعدم الصيام، لأن ذلك يزيد من هذه النسبة ويمثل خطورة على صحته.

فئة أخرى من المرضى يحذرهم المختصون في الطب من الصيام، ويمثلهم مرضى تشمع الكبد، وخاصة من تظهر عليهم المضاعفات الجانبية مثل الماء في البطن أو النزيف الدموي أو الفشل الوظيفي للكبد، مما يجعل من الصيام خطرا حقيقيا على صحتهم. كما يمنع من الصيام المصابون بأورام خبيثة على مستوى الجهاز الهضمي كالمعدة أو الأمعاء، لأنه من شأن الصوم عند هؤلاء أن يضعف أجسامهم ويفقدهم المناعة.

وحول حكم المريض الذي يتعمد صيام رمضان مخالفا رأي طبيبه المعالج الذي يمنعه عن ذلك، أكد الشيخ جلول حجيمي، إمام خطيب والأمين العام للفيدرالية الوطنية للأئمة وموظفي الشؤون الدينية والأوقاف، في حديث مع “”، أنه يتوجب عليه الالتزام برأي طبيبه المعالج الذي يشترط أن يكون مسلما وأن يكون محل ثقة، ليصبح بالتالي إفطاره واجبا بعد مشورة طبيبه، لأن الصيام في هذه الحالة يلحق الضرر بالنفس وبالتالي فليس على هذا الشخص حرج لأنه مريض، لكن بتعمّده الصيام يكون قد أضر بنفسه ويكون بالتالي آثما ويتحمل إثم ذلك الضرر، يقول حجيمي، مشيرا إلى أن الله يؤثم عن إلحاق الضرر بالنفس، كما أوضح محدثنا قائلا بخصوص المريض الذي لا يعاني من أمراض مزمنة يبطل عنه الصيام، أن على هذا الشخص قضاء الأيام التي أفطر فيها إن كان مرضه آنيا، وفي حال ما تعلق الأمر بمرض مزمن، فعليه أن يفتدي لتسقط الفدية عن الفقير المدقع، يوضح جلول قائلا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *