نشاط مُغرٍ للحلاقات ومهنيي التركيب.. أطباء الأسنان يحذرون
تحوّل طب الأسنان، وهو أحد أهم الفروع الطبية وأكثرها نشاطا، إلى مجرّد “حرفة” مدرّة للأموال، في يد الكثير من الدخلاء ممن لا علاقة لهم بممارسة مهنة الطب وأخلاقياته، وأمام تفشي هذه الظاهرة التي باتت تهدّد صحة المواطنين، من جهة، وتحكم على أطباء الأسنان بالبطالة المزمنة، خرج المجلس الوطني لأخلاقيات طب الأسنان بمراسلة عاجلة يطالب فيها الوزارة الوصية بالتدخل لقطع السبل أمام التلاعب بالصحة العمومية وممارسيها.
وفي رسالة مفتوحة وجهها المجلس، أمس الثلاثاء، إلى وزير الصحة، عبد القادر سايحي، حذّر فيها من التعدّي الصارخ لـ”ممتهني تركيب الأسنان” على مهنة طب الأسنان، وما تبع ذلك من تجاوزات وخيمة بات يدفع ثمنها المواطن بأمواله وصحته.
وحسب توضيحات المجلس، فقد أدّى انتشار هذه الممارسات غير القانونية إلى تسجيل العديد من الحالات الصحية الخطيرة، بما في ذلك التهابات مزمنة، فقدان الأسنان، وتشوهات دائمة، نتيجة العلاجات غير الآمنة التي يقدمها أشخاص غير مؤهلين لممارسة مهنة طب الأسنان، هذا فضلا عن الأعباء المالية الإضافية التي يتحملها الضحايا عند البحث عن علاجات تصحيحية لدى أطباء مختصين.
“نطالب بمراقبة سلسلة توزيع وتسويق المستلزمات الطبية”
أكد رئيس المجلس الوطني لأخلاقيات مهنة طب الأسنان، محمد رضا ديب، أن الرسالة المفتوحة الموجهة لوزير الصحة، بشأن تفشي الممارسة غير الشرعية لمهنة طب الأسنان، والتعدي عليها من قبل مهنيي “تركيب الأسنان”، تعدّ بمثابة تحذير نابع عن الالتزام المهني والأخلاقي لممارسي المهنة، لحماية وصون الصحة العمومية من جهة، وحفظ صورة المهنة وسمعة مهنييها من كل أشكال الاستغلال غير الشرعي، من جهة أخرى.
وقال الدكتور ديب في اتصال مع “”، إن “المجلس يستقبل الكثير من الحالات التي تفضح الممارسة غير الشرعية للمهنة، ما اضطرنا إلى توجيه هذه الرسالة للوزارة الوصية، نطالبها فيها بالتدخل العاجل لوقف هذا التعدي على المهنيين وصحة المواطنين على حد سواء”، مؤكدا أن “المجلس على دراية بكل التجاوزات الحاصلة من قبل ممارسين لا علاقة لهم بالمهنة”.
وأرجع الدكتور ديب، أصل هذه التجاوزات في حق المهنة وممارسيها، إلى الخلل المسجل في عملية توزيع وتسويق المستلزمات الطبية، في وقت لا تحترم فيه، حسبه، شروط بيع هذه المعدات الحساسة، بتوفيرها للدخلاء على المهنة من مهنيي تركيب الأسنان وحتى عيادات التجميل و”الحلاقات”، متسائلا هنا “كيف لحلاقة أن تحصل وتحوز على مُبيّض أسنان وهو مادة طبية حساسة لا ينبغي تسليمها إلا لطبيب أسنان ممارس يعي جيدا شروط الاستخدام الآمن لها”.
وأوضح الدكتور ديب في السياق ذاته، أن عملية اقتناء المستلزمات الطبية والمعدات الخاصة بطب الأسنان تتم بشكل بسيط “لا اعتبار ولا تفريق فيها للمهني والطبيب من الدخيل، مع استغلال كبير لغياب الرقابة على العملية من طرف المصالح المختصة”.
وفي هذا الصدد، طالب محدث “” بضرورة تفعيل النصوص بتعزيز الرقابة الميدانية، من خلال تكثيف حملات التفتيش لضبط المخالفين ومنعهم من مزاولة هذه الأنشطة غير القانونية، وفرض عقوبات صارمة تشمل إغلاق المحلات غير القانونية، ومساءلة كل من يثبت تورطه في هذه الممارسات، وبالتالي كشف سلسلة التسويق غير الملتزمة بشروط الممارسة التجارية.
كما دعا رئيس المجلس إلى تفعيل القوانين التي تمنع بيع المستلزمات الطبية الخاصة بطب الأسنان لغير الأطباء المرخصين، وذلك للحد من استغلال هذه الأدوات في أنشطة غير قانونية تهدد صحة المواطنين.
وشدد الدكتور ديب في معرض حديثه، على ضرورة تكثيف الحملات التوعوية لتحسيس المواطنين بخطورة اللجوء إلى غير المختصين لتلقي العلاجات السنية، وتسليط الضوء على المخاطر الصحية والمالية التي قد تترتب على ذلك.
وفي مقابل ذلك، ذكّر رئيس المجلس الوطني لأخلاقيات مهنة طب الأسنان، بالإجراءات الصارمة التي يتبعها مجلسه، من أجل تنظيم المهنة والحفاظ على إطارها الأخلاقي والنبيل، مستنكرا في الوقت ذاته، غض البصر عن التجاوزات اللاأخلاقية التي تشهدها المهنة، خاصة في العالم الرقمي، حيث أصبح طب الأسنان نافذة ربح وفير في يد الدخلاء و”المؤثرين والمؤثرات” على حساب صحة المواطن وسلامته.