” نتنياهو ” يقيل وزير الحرب في حكومته فما هي التداعيات
أمد/ في توقيت دقيق، وقبل ساعات من ظهور نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، قرّر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إقالة وزير الأمن يوآف غالانت، من منصبه، وعيّن وزير الخارجية، يسرائيل كاتس، مكانه، بسبب ما برّره في خطاب له على أنه ” تصدّع في الثقة”. وذلك قبل أن يسلّم حقيبة الخارجية لـ” لليكوديّ” القديم، جدعون ساعر، الذي انضمّ حديثاً إلى الحكومة عقب انشقاق حزبه عن كتلة ” المعسكر الوطني”، التي بدورها انسحبت من ” حكومة الطوارئ”.
تأتي إقالة وزير الحرب الإسرائيلي غالانت في وقت وصفه الأمريكيون بالدقيق حيث تشن إسرائيل حرب الإبادة على مناطق شمال قطاع غزة، لإرساء سيطرة عسكرية ومدنية، يعارضها غالانت، والمؤسّسة الأمنية عموماً نظراً إلى التكاليف المرتفعة على إسرائيل؛ فيما يؤيدها كاتس. كما أتت الإقالة، وسط استمرار العدوان على لبنان، وفيما يُعاد تشكيل المشهد السياسي في الولايات المتحدة من خلال الانتخابات الرئاسية. ورُبط توقيت الإقالة بيوم الانتخابات الأميركية.
وذكرت صحيفة “هارتس ” عن مسئول في البيت الأبيض أن المسئولين في واشنطن ” فوجئوا” بقرار الإقالة، وأنه تعمّد توقيتها مع يوم الاستحقاق ” لتجنّب رد فعلٍ أميركي عنيف” . فيما أن الخطوة قد لا تقف عند هذا الحد، إذ نقلت “القناة 12″ عن مصادر سياسية، تقديرها أن نتنياهو سيطيح رئيس الأركان، هرتسي هليفي، وقادة الأجهزة الأمنية الذين سبق أن اصطدم معهم أكثر من مرّة بما يتعلّق بمسار الحرب، وصفقة تبادل الأسرى، وخصوصاً جهازي ” الشاباك و” الموساد”. لكن مكتب نتياهو، نفى ذلك.
إقالة غالانت هي الثانية من نوعها، وكان نتنياهو قد مهّد لها خلال الأسابيع الأخيرة، لكن لتوقيت جاء مفاجئاً؛ حيث تنتظر إسرائيل رداً عسكرياً من إيران. وفيما تمكّن الشارع الإسرائيلي، تفاعلاً مع الإقالة السابقة، من رفع الضغط على نتنياهو من خلال موجة واسعة من الاحتجاجات، ما دفعه إلى التراجع عن قراره، في العام المنصرم، وقد لا تنجح الاحتجاجات في هذه المرّة في دفع نتنياهو إلى التراجع، على الرغم من خروج احتجاجات في العديد من المناطق في إسرائيل .
خطوة نتني اهو كما يصفها المتابعين و المحللين هي هروب إلى الأمام مما يعاني منه رئيس الحكومة من العديد من القضايا التي تؤرقه وتؤرق ائتلافه اليميني ، حيث تغرق إسرائيل في تحقيق بقضيتين أمنيّتين خطيرتين ضدّ طاقم مكتبه، وأقرب مقرّبيه. الأولى محورها معرفة الجهة العسكرية التي تسرّب وثائق سرية لمكتب نتنياهو، والثانية بخصوص ما تكشّف عن تزويره بداية الحرب، لبروتوكولات جلسات ” الكابينت” ، ومنعه السكرتاريين العسكريين من إدخال أجهزة التسجيل، كما كان متعارفاً عليه في الحروب السابقة. وبالموازاة، تفجّرت أزمة ” قانون التجنيد” في وجه الائتلاف الحاكم، وهي التي أعلن غالانت علناً معارضته حلّها، إلا بقانون يحظى بتوافق الجميع، فيما فقد الائتلاف الثلاثاء الأغلبية لتمرير قانون ” تمويل الحضانات” الذي أُعدّ لتجاوز قرار المحكمة ” العليا”، بخصوص قطع التمويل عن المؤسّسات الحريدية. كما كان غالانت قد أصدر قراراً باستدعاء 7000 من الشبّان الحريديم، إلى الخدمة العسكرية الإلزامية، الأمر الذي اعتبره نتنياهو محاولة من غالانت لاستفزاز الحريديم والإطاحة بالحكومة.
وقد لاقت إقالة غالانت مباركة الأحزاب الحريدية من وراء الكواليس، خصوصاً وزير الإسكان يستحاك غولدكنوبيف، الذي نسج الإقالة منذ كان جزءاً مركزياً في التنسيق لضمّ ساعر إلى الحكومة، وصولاً إلى إقالة غالانت نفسها. وفيما نقل موقع ” واينت” عن مسئول في الحكومة قوله إنه ” تمّت التضحية بغالانت على مذبح قانون التهرّب (من الخدمة العسكرية)” ، فيما اعتبرت كتلة ” يهودية التوراة” الحريدية الإقالة خطوة ” مرجوّة” ، معتبرةً أنها تسهّل تمرير قانون التجنيد على مقاسها، وقوانين أخرى في صالح جمهورها.
هذا وقد حذّرت دوائر أمنية إسرائيلية من تداعيات وعواقب الإطاحة بوزير الجيش المُقال يوآف غالانت، إذ تتخوف من أن تكون الخطوة مقدمة لإقالة قادة الأجهزة الأمنية، وعلى رأسهم قائد الأركان هرتسي هليفي.
وأكد مسئولون كبار في جيش الاحتلال، خطورة الخطوة وتوقيتها على الأمن الإسرائيلي، محذرين من أن يسرائيل كاتس، الذي عيّنه نتنياهو خليفة لغالانت، عديم ة الأمنية.
وعبّر هؤلاء عن خوفهم من اصطدام كاتس مع الجيش بالنظر إلى أنه سيكون دميّة بيد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، هذا فيما تظاهر الآلاف من الإسرائيليين الليلة الماضية في عدة مدن، منها تل أبيب والقدس؛ احتجاجاً على إقالة غالانت ، واتهم المتظاهرون نتنياهو بإسكات آخر الأصوات المعارضة له في الحكومة، وبالتالي التحول إلى الحكم الديكتاتوري المطلق.
أما على صعيد زعماء أحزاب المعارضة فوصفوا الخطوة بالكارثية على الأمن الاسرائيلي، متهمين نتنياهو بمحاولة التفرد بقرار إطالة أمد الحرب، والتخلي عن الأسرى عبر استبدال غالانت بـ”وزير ألعوبة”، على حد تعبيرهم.حد تعبيرهم.