أمد/ “الجدار الواقي” ـ هو عنوان الفصل السابع من كتابه مكان تحت الشمس ط 1995ـ يناقش فيه قضية شديدة الأهمية في البناء الفكري لنتنياهو, والتي يمكن من خلال عرضها تفسير كثير من تصرفاته العدائية التوسعية، وهي قضية قدرة “إسرائيل على الردع”. والتي تعتمد ـ كما يرى ـ على ثلاثة عناصر رئيسية:

أولا، قوة اسرائيل العسكرية مقابل القدرة العسكرية العربية..

ثانيا، المدة الزمنية للانذار المبكر لتمكينها من تجنيد قوات الاحتياط لديها…

ثالثا، الحد الأدنى من المساحة المطلوبة للجيش كي يستطيع الانتشار لمواجهة أي خطر محتمل..

ورغم أن نتنياهو يضخم القوة العسكرية العربية في العنصر الأول، إلا أن ذلك ـ في نظري ـ لخلق الدافعية المتجددة لمراكمة الترسانة العسكرية لدي “اسرائيل”، ومن جهة أخرى هي محاولة منه لابتزاز الغرب لدفعهم إلى المزيد من الدعم العسكري..

أما العنصر الثاني المتعلق بالمدة الزمنية للانذار المبكر، فيعتبره نتنياهو شرطا ضروريا لبقاء إسرائيل، فهي بحاجة إلى الوقت الكافي لتعبئة جنود الاحتياط الذين يشكلون القوة الرئيسية في الجيش..

أما العنصر الأخير وهو المجال الأرضي، فالجيش الإسرائيلي بحاجة ـ كما يرى ـ إلى مساحة جغرافية تمكنه من الاستعداد على صعيدي الطاقة البشرية والسلاح، بعد اندلاع الحرب،

والنتيجة التي يريد نتنياهو أن يوصلها، أن الجيش الاسرائيلي ـ المضطر حاليا ـ كما يقول ـ لضغط نفسه داخل الحدود الحالية لإسرائيل، لن يستطيع الانتشار بفاعلية فيما لو حرم من مناطق الانتشار المتوفرة في الضفة الغربية، وكنتيجة لهذا سيجد نفسه مضطرا للانتشار في شوارع القدس ومداخل تل أبيب..

ويذهب نتنياهو إلى أن سور الضفة الغربية، يشكل “الحاجز الطبيعي، الذي لا يحمي بصورة مباشرة سكان اسرائيل الذين يعيشون على الساحل فحسب، إنما يمنح الجيش الاسرائيلي الوقت المطلوب لنقل قوات الاحتياط إلى الجبهة”

إذن حديث نتنياهو عن الضفة الغربية يتعلق بخلق منطقة عازلة عسكرية تتكفل بتحقيق أمرين اثنين أولهما توفر مسافة تمنح الوقت “الذي سيضطر العدو لقطعها، قبل أن يتغلغل داخل المناطق الإسرائيلية”..

أما الأمر الآخر التي توفره المنطقة العازلة هو الوقت اللازم لتجنيد قوات الاحتياط ” وكلما اتسعت المنطقة التي سيضطر العدو لاجتيازها ازدادت احتمالات نجاح الجيش الاسرائيلي”

والخلاصة كما يصيغها نتنياهو أن اسرائيل ” يجب أن تحتفظ بالعمق الاستراتيجي الحالي الذي تمثله مناطق الضفة الغربية”.

إلى جانب هذه المسائل الأمنية، يتطرق نتنياهو إلى أهمية أخري للضفة الغربية وتتعلق بالأمن القومي، هي “قضية المياه”.. فيقول: ـ وأنقل الكلام حرفيا لدلالته ـ

” إن ما لا يقل عن 40% من مجمل المياه العذبة التي تستهلكها اسرائيل هي مياه جوفية يتم سحبها من أحواض تحت أرضية توجد غالبيتها في مناطق الضفة الغربية، وهذه الأحواض تشكل مصدرا للمياه، يمكن أن تتعرض اسرائيل دونها لكارثة”

إن الكلام السابق يفسر سياسة نتنياهو طوال فترة حكمه الطويلة الرامية إلى إلتهام أراضي الضفة الغربية وتسريع بناء المستوطنات وترسيخ السور العازل حولها ومحاولات تقويض السيادة الفلسطينية عليها..

شاركها.