اخر الاخبار

نتنياهو : البحث عن من يرفعون القبعة قبل رفع التقارير 

أمد/ لطالما كان نتنياهو بارعا في صراعاته السياسية ، و هو مستعد للتضحية بأي شيء في سبيل ضمان ولاء المحيطين به ، حتى لو كان ذلك على حساب أمن ما يدعون انها دولتهم  . محاولة إقالة رئيس الشاباك لم تكن بسبب ضعف في الأداء أو إخفاقات أمنية كارثية ، بل لأن رئيس الجهاز لم يكن يدين بالولاء المطلق لنتنياهو . رئيس الوزراء الذي يواجه أزمات لا تنتهي مع صراع البقاء ، يريد أشخاصا يرفعون له القبعة قبل أن يرفعوا تقاريرهم الأمنية ، أشخاصا يدينون له بالولاء لشخصه قبل الولاء للبلاد!.  

 

يسعى نتنياهو إلى تثبيت نفسه كحاكم لا يُعزل ، ليس حبا في السلطة فقط، و لكن خوفا من المحاكمات التي تلاحقه بقضايا الفساد . إقالة رئيس الشاباك ليست سوى خطوة أخرى في مخططه للهيمنة على مؤسسات الدولة ، تماما كما حاول سابقا تمرير الإصلاحات القضائية التي تمنحه نفوذاً مطلقاً على النظام القضائي.  

 

ما يفعله نتنياهو هو تفكيك ما تبقى من مبدأ الفصل بين السلطات، ومحاولة ترويض كل جهاز يمكن أن يقف يوما ما ضده، ليصبح القاضي و الحكم في كل شيء. يريد و بكل اصرار أن يصبح ذلك النموذج الذي كان يوجه سهام النقد إليه و المؤامرات بحجته نموذج الحاكم العربي المتعطش للسلطة الغارق بالفساد  ، بعيدا عن التغني بالديمقراطية و دولة القانون المزيفة .  

 

ما يجري من محاولة إقالة رئيس الشاباك هو نسخة سابقة من نفس سيناريو  إقالة وزير الدفاع السابق يوآف غالانت مع فارق  بالعراقيل التي يواجهها  في تفاوت و تداخل في صلاحيات رئيس الوزراء  . و في الحالتين كان نتنياهو يواجه شخصا لم يلتزم بأجندته الشخصية و في الحالتين كان القرار مفاجئا ومثيرا للجدل و مثيرا للرأي العام الداخلي .  

 

غالانت كان من أوائل المعارضين لخطط نتنياهو في الإصلاحات القضائية، و وقف ضدها علنا فكانت الإقالة بمثابة رسالة لكل من يفكر في معارضته فقط “لا التمرد عليه”. و اليوم رئيس الشاباك يتلقى نفس الرسالة: “إما الولاء و الإنصياع المطلق، أو الطرد من ممكلته!”  

 

لم تكن الأمور بهذه السهولة أمام المستشارة القضائية للحكومة و خصم نتنياهو الأشد خطورة “ميارا” ، رفضت تمرير القرار و أكدت أن إقالة رئيس الشاباك تحتاج إلى مبررات قانونية واضحة، ليست مبنية على الولاء لشخصه فقط . رفضها هذا القرار ليس مجرد موقف إداري، بل هو صفعة سياسية مدوية لنتنياهو.  

 

إذا تمكنت المستشارة القضائية من إفشال خطة نتنياهو في إقالة رئيس الشاباك، فإنه بذلك يكشف نقاط ضعفه للمعارضة ،  نتنياهو الذي اعتاد أن يظهر بمظهر “القوي الذي لا يُهزم”، سيجد نفسه أمام تحديات جديدة من صنيع يديه خصوصا بعد أن قام رئيس الشاباك بتهديد نتنياهو بإفشاء اسراره ، وسيصبح ضعفه نقطة قوة لمعارضيه الذين سيستغلونها في كل مواجهة مستقبلا . 

 

 

منع إقالة رئيس الشاباك قد يكون ضربة موجعة لنتنياهو إذا نجحت ، لكنها ليس بالضرورة النهاية. ما نراه الآن هو صراع  بين دولة المؤسسات و دولة الفرد الواحد، بين من يريد الحفاظ على نظام ديمقراطي زائف “ولو بصورته المشوهة” ، و من يسعى لإقامة ممكلة لنفسه داخل نظام قائم على الولاء قبل الكفاءة  . هل يصنع نتنياهو بنفسه خصوما ذات ثقل أمني و شعبي كرئيس الشاباك و وزير الجيش المقال و المستشارة القضائية لنشهد تبلور كيان معارض قوي داخل السلطة و خارجها ؟ .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *