اخر الاخبار

مواجهة جرائم الاحتيال والسرقة في المجتمع

 تعتمد الشريعة الإسلامية مداخل عدة للحد من الجريمة عموما، والسرقة خصوصا، واعتمادها على الوسائل التربوية والوقائية تأتي في صدر التدابير المؤسِّسة لصيانة المجتمع من جرائم السرقة والاحتيال، إذ هي الضمانة التي تحصن المجتمع المسلم من ضياع الأمن وفقدان السلم الاجتماعي.

وجريمة الاحتيال، أساسها المكر والخديعة، باستحلال المحرم، وإبطال الحقوق، وإسقاط الواجبات، فهي أكل أموال الناس بالباطل، وإفساد في الأرض، وتدمير للبلاد والعباد.
تؤثر السرقة على المجتمع بشكل سلبي ومن جميع الجوانب، ولحل هذه الجريمة يجب معرفة الأسباب والدوافع التي تشجع وتحفز ظهورها لإيجاد الحلول واتخاذ الإجراءات المناسبة للتخلص منها.
ومن أهم أسباب اللجوء إلى السرقة والاحتيال ضعف الوازع الديني، والوضع الاقتصادي المتمثل بالبطالة والفقر وارتفاع مستوى المعيشة وانخفاض القوة الشرائية للمواطن.. قد يكون السبب في تفشي السرقة في المجتمع تعاطي الأفراد للمواد المخدرة أو الإدمان على الكحول أو كليهما ويعود ذلك لكسب المزيد من النقود التي تخدم إدمانهم والتي تتطلب الكثير من الأموال التي لن يكونوا قادرين على تحصيلها.

إِن الجريمة سلوك شاذ، يهدد أمن الأفراد، واستقرار المجتمعات، ويقوض أركان الدول والبلاد، وأحكام الشريعة الإسلامية الغراء بعدلها القويم، ومبادئها الشاملة تدور حول صيانة الضرورات الأساسية التى لا يستطيع الإنسان أن يستغنى عنها، ويعيش بدونها، وقد وضعت الشريعة الإسلامية فى سبيل المحافظة على هذه الكليات عقوبات زاجرة وأليمة لكل من يتعدى عليها، وينتهك حرمتها.

والإسلام باعتباره دين صلاح وإصلاح قد تصدى للظاهرة الإجرامية، وحرص الإسلام على الوقاية من الجريمة، وحاربها بطرق متعددة، وعلى مستويات مختلفة، وفاق بذلك كل النظم الوضعية في الحد والإقلال من الجريمة، وإحدى الطرق التي اتبعها الإسلام في ذلك هي وضعه لنظام العقوبة.

ولقد سعى الإسلام إلى تحصين المجتمع من الجرائم انطلاقا من منهج وقائي محكم، يقوم على ثنائية الترغيب والترهيب، والخوف والرجاء؛ إذ يعد تقوية الضمير الديني خط الدفاع الأول الذي تعتمده الشريعة في حربها ضد الجريمة، ويهدف إلى تطهير البيئة الاجتماعية من العوامل المؤدية إلى الجريمة والانحراف، فضلا عن كونه يرتكز عن إعداد الإنسان السوي الذي يتجنب سلوك الجريمة والانحراف.

كما عمل الإسلام على اجتثاث الفقر الذي يعد من أهم أسباب الجريمة من جذوره من خلال مداخل شتى، حيث ذمته الشريعة واعتبرته من البلاء الذي علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستعيذ بالله منه، فقد كان يدعو ويقول: “اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر”، وعمل على التقليل من آثاره عبر مصارف الزكاة التي يأتي على رأسها الفقراء والمساكين، وجعل المقصد الأساس من الزكاة هو إغناء هؤلاء عن ذل المسألة.

وأمر الإسلام كل قادر أن يعمل ويسعى في طلب الرزق ليكفي نفسه، ويغني أسرته، بل ويسهم بالنفقة في سبيل الله على المحاويج، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير له من أن يأتي رجلا فيسأله أعطاه أو منعه”.

إن مكافحة الجريمة في الجزائر يكمن في معالجة أسبابها وجذورها، وإذا كنا نعلم الأسباب التي تتصدرها الأوضاع الاقتصادية فإن ذلك يوقع المسؤولية الأولى على الحكومة لمواجهة هذه التحديات، ليس من خلال السياسات الإعلامية والدعائية فقط، ولكن من خلال وضع السياسات والاستراتيجيات التنفيذية السريعة على المدى القصير والمتوسط، والبعيد.

نوصي بضرورة تنشيط الحملات الإعلامية للتوعية بمخاطر السرقة وأساليب السارقين المستخدمة وطرق تجنبها، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والرسائل النصية في نشر رسائل توعوية لأفراد المجتمع حول مخاطر الجريمة وأساليب الوقاية منها، وزيادة التثقيف الديني وتعزيز الوازع الديني، وتنشيط دور الجمعيات الأهلية في التوعية بالسرقة وحث المجتمع على تأسيس جمعيات أهلية للوقاية من الجريمة بشكل عام، وتوعية المواطنين بأهمية اتخاذ التدابير الأمنية الوقائية في منازلهم ومركباتهم وممتلكاتهم.

وندعو كل مسلم لتطبيق الإسلام في واقع حياته، لما يترتب على ذلك من الخير له، ولكل من حوله، ويصبح بعيدا عن الجريمة وانتشارها، وفي مأمنٍ من عذاب الله، ودعوة الأمة الإسلامية للعودة إلى التمسك بكتاب الله وسنة رسوله، لكي تعيش في منأى عن الجرائم، والدعوة إلى إقامة حدود الله والعقوبات الشرعية في الجرائم، ففيها الضمان الأكيد في رسوخ الأمن والأمان والاستقرار، للفرد والمجتمع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *