أمد/ في 13  ديسمبر 2025، ومن مدينة إيبر البلجيكية، المدينة التي تختزن في حجارتها ذاكرة أوروبا مع الحروب والدمار، ارتفع صوت السيدة مريم رجوي تحت قبة البرلمان الأوروبي لا بوصفه خطاب معارضة، بل كـ لائحة اتهام سياسية وأخلاقية مكتملة الأركان ضد نظام الملالي؛ النظام الذي لم يَعُد يُخفي طبيعته بوصفه سلطة إعدام جماعي، لا دولة سيادة.

في تلك القاعة، لم تُطرح أسئلة دبلوماسية ناعمة، بل وُضع السؤال الجوهري:  إلى متى يواصل العالم التعامل مع جلّاد على أنه شريك؟

أصوات أوروبية تكسر التواطؤ

لم تكن السيدة رجوي وحدها في هذا المشهد. فقد وقف إلى جانبها سياسيون أوروبيون بارزون قرروا تسمية الأشياء بأسمائها، دون مواربة أو حسابات رخيصة.

قال غي فيرهوفشتات، رئيس وزراء بلجيكا الأسبق وزعيم ليبرالي أوروبي بارز:

“سياسة الاسترضاء مع طهران لم تفشل فقط، بل جعلتنا شهود زور على الإعدامات. لا يمكن لأوروبا أن تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان وهي تصافح نظامًا يبني سلطته على المشانق”.

أما آنا غوميش، النائبة البرلمانية البرتغالية السابقة، فكانت أكثر حدّة حين أكدت:

“ما يجري في إيران ليس شأنًا داخليًا. إنه جريمة مستمرة، والصمت الأوروبي لم يعد حيادًا بل تواطؤًا سياسيًا وأخلاقيًا”.

من جانبه، قال ستروان ستيفنسون، الرئيس السابق لوفد البرلمان الأوروبي للعلاقات مع العراق:

“منظمة مجاهدي خلق ليست المشكلة كما يروّج نظام طهران، بل هي البديل الديمقراطي الأكثر تنظيمًا. وكل من يهاجمها يردّد، بوعي أو بغير وعي، خطاب المخابرات الإيرانية”.

نظام الملالي: دولة تُحكم بالخوف

في كلمتها، نزعت السيدة رجوي القناع الأخير عن النظام، مؤكدة أن إيران تحوّلت إلى سجن مفتوح، تُدار فيه السياسة بالرصاص، والقضاء بالأوامر الأمنية. وأشارت إلى أن التصاعد الجنوني في أحكام الإعدام—ولا سيما بحق الشباب والنساء—ليس دليل قوة، بل علامة هلع من انتفاضة شعبية لم تنطفئ جذوتها.

وقالت بوضوح إن النظام الذي يعجز عن إطعام شعبه أو احترام كرامته، لا يملك سوى القمع وسيلةً للبقاء، وتصدير الأزمات وسيلةً للهروب.

البديل حاضر… والغرب لم يعد يجهله

التحوّل اللافت في هذا الحدث هو أن النقاش لم يعد يدور حول سقوط نظام الملالي، بل حول ما بعده.  فقد عبّر نواب أوروبيون عن دعمهم الصريح لـ خطة السيدة مريم رجوي ذات النقاط العشر، باعتبارها مشروعًا واضحًا لإقامة جمهورية ديمقراطية، تفصل الدين عن الدولة، وتضمن المساواة الكاملة وحقوق الأقليات.

الخاتمة: من إيبر يبدأ العدّ التنازلي للاستبداد

إن كلمة مريم رجوي في البرلمان الأوروبي من مدينة إيبر لم تكن حدثًا عابرًا، بل جرس إنذار.  ولم تكن حدثًا رمزيًا فحسب، بل إعلانًا واضحًا عن انتقال الشرعية السياسية من نظام الملالي إلى الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة. فإما أن تختار أوروبا الوقوف في صف القيم التي تتغنّى بها، أو أن تُسجَّل في صفحات التاريخ شريكًا بالصمت مع أحد أكثر الأنظمة قمعًا في العصر الحديث.

وحين تُسمّي أوروبا الجريمة جريمة، وتُسقِط الأقنعة عن الجلّاد، يصبح سقوط الاستبداد مسألة وقت لا أكثر.

فالاستبداد الإيراني اليوم محاصر بشعبه في الداخل، ومكشوف أمام العالم في الخارج.

لم يعُد السؤال هل سيسقط نظام الملالي، بل من سيقف في الجانب الصحيح من التاريخ حين يصبح السقوط حقيقة لا جدال فيها.

بل:  من سيملك الشجاعة ليقول إنه وقف في الجانب الصحيح حين حانت اللحظة؟

شاركها.