أمد/ تل أبيب: في تقارير منفصلة نُشرت يوم الاثنين، من قبل منظمة “بتسيلم” وجمعية “أطباء من أجل حقوق الإنسان”، دعت المنظمتان المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات ضد إسرائيل من أجل وقف الإبادة الجماعية في القطاع. وأكد تقرير “بتسيلم” أن نسبة الوفيات الكبيرة في غزة خلقت ما وصفه بـ”أكبر أزمة أيتام في التاريخ الحديث”. حسب إعلام عبري.

تقرير “بتسيلم” يبدأ بإدانة شديدة لهجوم السابع من أكتوبر، ويؤكد أن هجوم حماس تخلله العديد من جرائم الحرب وربما جرائم ضد الإنسانية أيضًا. ومع ذلك، يضيف التقرير أن رد إسرائيل على الهجوم كان استثنائيًا في وحشيته، وأسفر عن قتل، دمار، تهجير وتجويع على نطاق واسع.

وجاء في التقرير أن الهجوم الإسرائيلي ألحق “ضررًا بالغًا، لا يمكن إصلاحه جزئيًا على الأقل، بأكثر من مليوني فلسطيني يعيشون في قطاع غزة، كجزء من الشعب الفلسطيني”. ووفق التقرير، فإن إسرائيل ارتكبت في غزة “قتلًا جماعيًا، وخلقت ظروف حياة كارثية أدت إلى نسب وفيات مرتفعة، وتسببت بأذى جسدي أو نفسي خطير لجميع سكان القطاع؛ ودمرت البنية التحتية وسبل العيش على نطاق هائل؛ كما دمّرت النسيج الاجتماعي، والمؤسسات، والمواقع الثقافية والتعليمية الفلسطينية؛ وارتكبت اعتقالات جماعية، وعذّبت أسرى فلسطينيين في سجون تحولت إلى معسكرات تعذيب لآلاف المعتقلين دون محاكمة؛ بالإضافة إلى تهجير قسري جماعي ومحاولات للتطهير العرقي، وجعل التطهير هدفًا رسميًا للحرب؛ وهاجمت الهوية الفلسطينية عبر تدمير المخيمات واستهداف الأونروا عمدًا”.

وأشار التقرير إلى أن هذه الأفعال تمت “في ظل تصريحات لمسؤولين سياسيين وعسكريين إسرائيليين رفيعي المستوى حول أهداف الهجوم”. ومن بين التصريحات المذكورة: وصف وزير الأمن السابق يوآف غالانت للفلسطينيين بأنهم “حيوانات بشرية”، وتصريح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأن الحرب ضد “عماليق”، وكذلك تصريحات وتحريضات متكررة لصحفيين وشخصيات عامة تدعو لإبادة جماعية.

وخلص التقرير إلى أن “الواقع في غزة، إلى جانب تصريحات المسؤولين، أوصلتنا إلى استنتاج قاطع مفاده أن إسرائيل تعمل بشكل منسق وبنية واضحة لتدمير المجتمع الفلسطيني في غزة أي أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين سكان القطاع”.

ويستند التقرير إلى مقابلات مع سكان غزة، وتقارير من منظمات حقوق إنسان، ووكالات أممية، وتحقيقات صحفية وآراء خبراء دوليين. كما اعتمد التقرير على بيانات وزارة الصحة في غزة رغم كونها تحت سيطرة حماس وأشار إلى أن هذه البيانات “تعتبر موثوقة وتم تبنيها من قبل العديد من المنظمات والباحثين، بل وتعد محافظة مقارنة بالعدد الفعلي للضحايا”. التقرير استند أيضًا إلى دراسة طبية نُشرت في مجلة “لانسيت” في فبراير، أظهرت أن متوسط ​​العمر المتوقع انخفض بنسبة 51% للرجال و38% للنساء خلال عام واحد من الحرب، وأن متوسط عمر الوفاة بلغ 40 عامًا للرجال و47 للنساء في غزة.

ويتضمن التقرير شهادات صادمة من سكان غزة، مثل شهادة أم رأت زوجها وطفليها يُسحقون تحت دبابة، وأب شاهد ابنه يحترق حيًا، ومسعف اضطر لترك جثثًا، وعاد ليجد كلابًا ضالة التهمت بعضها، بينما نجا طفل رضيع. شهادة أخرى لسكان منطقة المواصي، حيث استُهدف محمد الضيف وقُتل معه 90 مدنيًا، توصف المشهد وكأنه “قطع من الجحيم تسقط من السماء”.

ويؤكد التقرير أيضًا أن عدد الأيتام في غزة وصل إلى نحو 40 ألف طفل فقدوا أحد والديهم أو كليهما، وأن 41% من العائلات ترعى أطفالًا ليسوا أبناءها. كما عبّر معدو التقرير عن قلقهم العميق من “اتساع دائرة الإبادة إلى مناطق أخرى يعيش فيها الفلسطينيون تحت الحكم الإسرائيلي، مثل الضفة الغربية وداخل إسرائيل”.

تقرير “بتسيلم” يدعو المجتمع الإسرائيلي والدولي لاستخدام “كل الوسائل الممكنة حسب القانون الدولي” لوقف الإبادة.

في تقرير موازٍ لجمعية “أطباء من أجل حقوق الإنسان”، يتضمن تحليلًا قانونيًا للجوانب الصحية للهجوم الإسرائيلي على غزة، ويصل أيضًا إلى نفس الاستنتاج بأن إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية بحسب تعريف اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية.

ويؤكد التقرير أن “الأدلة تشير إلى تفكيك منهجي ومتعمد لنظام الرعاية الصحية في غزة، إلى جانب أنظمة حيوية أخرى لبقاء السكان، بما في ذلك استهداف مباشر للمستشفيات، ومنع المساعدات الطبية، وعرقلة عمليات الإخلاء، وقتل واعتقال الطواقم الطبية”.

ويضيف أن هذه الأفعال “ليست أضرارًا جانبية للحرب، بل سياسة متعمدة هدفها إيذاء السكان الفلسطينيين كجماعة”. ويحدد التقرير ثلاثة “أفعال أساسية” تنتهك الاتفاقية: القتل، الإضرار الجسدي أو النفسي، وفرض ظروف معيشية تهدف إلى التدمير الجسدي الكامل أو الجزئي للجماعة.

ورغم قرارات محاكم دولية، يقول التقرير: “تستمر دولة إسرائيل في عدم تنفيذ التزاماتها، بينما تواصل أجهزة إنفاذ القانون الدولية التقاعس”، ويدعو “أطباء من أجل حقوق الإنسان” الدول والمنظمات الموقعة على الاتفاقية للقيام بمسؤولياتها بموجب المادة 1، و”إيقاف الإبادة في غزة”.

كذلك، دعت الجمعية المجتمعات الطبية والإنسانية حول العالم إلى التحرك العاجل، معتبرة أن انهيار النظام الصحي في القطاع “ليس مجرد انتهاك للقانون الدولي، بل كارثة إنسانية تستدعي ردًا فوريًا وتضامنًا عالميًا”.

جدير بالذكر أن منظمات ومحامين سبق أن خلصوا إلى أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة، من بينها: منظمة العفو الدولية، المركز الأوروبي لحقوق الإنسان، الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، وأطباء بلا حدود. كما أشار تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” إلى أن إسرائيل ترتكب جريمة “الإفناء” والتي قد ترتقي إلى إبادة جماعية.

ومن بين الأكاديميين الإسرائيليين الذين دعموا هذا الاستنتاج: باحثو الإبادة والهولوكوست دانييل بليتمان، عمر بارتوف، شموئيل ليدرمان، عاموس غولدبرغ، راز سيغال، المحامي إيتامار راز، والمؤرخان لي مردخاي وآدم راز وآخرون

رسالة 5 جامعات

توجه رؤساء خمس جامعات يوم الاثنين، بنداء لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، لادخال المساعدات الانسانية في غزة.

وجاء في الرسالة التي تم تعميمها، وقد وقع عليها رئيس معهد وايزمان للعلوم، رئيس معهد التخنيون، رئيس الجامعة العبرية في القدس، رئيس الجامعة المفتوحة، رئيس جامعة تل أبيب: ” نتوجه إليك بنداء للسماح للجيش وبقية قوات الأمن بإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، دون أي ارتباط بملف الأسرى والرهائن، من أجل حل مشكلة الجوع الحاد في غزة، والذي يصيب بشكل خاص النساء، وأغلبهن أمهات، وكذلك الأطفال والرضع”.

وواصلت الرسالة: “مع الأطفال الرضع والأطفال الأكبر سنًا، نحن مواطنو الدولة نشاهد الكارثة على شاشاتنا، حيث تصل إلينا مشاهد من غزة، وغالبيتها لأطفال رضع يعانون من الجوع ويموتون من الجوع والمرض. إطلاق سراح الرهائن أمر بالغ الأهمية، وهنالك خطر على حياتهم، لكن شعبًا كان ضحية للمحرقة في أوروبا، تقع عليه مسؤولية خاصة وفريدة للعمل بجميع الوسائل المتاحة لنا لمنع كارثة إنسانية حادة بحق رجال ونساء وأطفال أبرياء”.

واختتمت الرسالة: “نحن ننضم إلى تصريحات أعضاء الكنيست من مختلف الكتل بشأن كارثة غزة، التي تتعارض مع القيم اليهودية الواضحة ومع المبادئ الإنسانية، ومن جانب آخر مع القيم الديمقراطية لدولة إسرائيل. نحن نتحدث عن كارثة إنسانية ناجمة عن أفعال قد تُفسر على أنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. الكارثة الإنسانية الموصوفة في تقارير رسمية للأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى تدل على أننا لا نستطيع أن نقف مكتوفي الأيدي أمام كارثة إنسانية من هذا النوع، التي قد يصعب إصلاح أضرارها لاحقًا”.

وامتنع عن التوقيع على هذه الرسالة رؤساء الجامعات التالية: جامعة رايخمان، جامعة بار إيلان، جامعة بن غوريون، جامعة حيفا وجامعة أقيمت بشكل غير قانوني في مستوطنة.

شاركها.