مناصرو مولودية الجزائر: أسياد الروح الرياضية وأعداء التخريب
فريق الألقاب والإنجازات، فريق النجوم، فريق عظماء كرة القدم، فريق لم يبخل يوما أن يُسعد مناصريه ومعهم كل فئات الشعب في المحافل الكروية وطنيا ودوليا، فريق بمناصرين من ذهب، لطالما قدّموا دروسا في الانضباط والروح الرياضية التي استمدوها من عراقة وأصالة فريقهم، فريق مولودية الجزائر، وما أدراك ما المولودية.
تملك المولودية تاريخا طويلا وإرثا عريقا وجزء لا يتجزأ من المخيال الجمعي، استمرت أفراح الشعب معه لعشرات العقود من الزمن، فلا تكاد أن تُفصل المولودية ومناصريها الأوفياء من قصص النجاحات والإنجازات وبطولات الشعب الجزائري، ذلك أنّ هذا الفريق العريق الضارب في أعماق تاريخ كرة القدم الجزائرية، تجاوزت عنده “الكرة” من مجرد “لعبة” إلى حكاية توارثتها الأجيال جيلا عن جيل.
تكوّنت لدى الأجيال المتلاحقة من مناصري فريق مولودية الجزائر، قصة عشق لكرة القدم قلّما تجدها في نواد أخرى، وطنيا أو دوليا، وتربّت أجيال المناصرين على عظمة لاعبين زرعوا في نفوس هؤلاء المشجعين، من مختلف الأعمار، الانضباط والروح الرياضية.
لا تكفي الكلمات ولا أشياء أخرى أن تصف عراقة فريق مولودية الجزائر وقيمته التاريخية التي حافظت عليها أجيال الأنصار المتعاقبة، الذين يعطون، في كل مناسبة، دروسا في المناسبات الكروية بحسن الانضباط والتمتع المبهر بالروح الرياضية وتقبّل التعثر، ذلك أنهم فريق تعوّد على كسب الرهانات وتحقيق الإنجازات وإهداء الانتصارات، ولهذا لا يمكن لهؤلاء الأنصار أن يعطوا صورة سيئة أو يلطّخوا مجد فريقهم المولودية وتاريخه وقيمته، بل هي أطراف وجهات تحسدهم على وفائهم وولائهم لفريقهم وانضباطهم الرياضي، وينبغي عليهم الحفاظ على سمعة فريقهم وتجنب الانسياق وراء مخططهم الخبيث.
نقول هذا الكلام، الذي وإن كثر أو طال لا يفي الفريق ولا مناصريه حقهم وأخلاقهم، ونحن نشاهد تلك المشاهد المأساوية التي شوّهت نهاية مباراة فريق مولودية الجزائر التي فاز فيها على اتحاد المنستير التونسي، في ملعب “علي لابوانت” بالدويرة، متأهلا إلى دور المجموعات لرابطة أبطال إفريقيا لكرة القدم، حيث أنّ التشويه كان الغرض منه النيل من مناصري المولودية وضرب سمعتهم الحسنة في المدرجات، باتهامهم بالتخريب والتكسير. غير أنّ الحقيقة عكس ذلك، فهل يعقل أن فريقا فائزا بهدفين وقطع تأشيرة التأهل، يَعمدُ مناصروه الشجعان على التخريب والعنف؟ هل يُعقل أنّ مناصرين مُحترفين في صناعة الأفراح وكسر الأقراح أن يخرّبوا جوهـرة بمثل ملعب “علي لابوانت” الشهيد الرمز البطل، ملعبهم الذي يتمتع بكافة المرافق والمقاييس العالمية في أول مباراة تقام على بساطه الأخضر؟ هل يعقل أنّ مناصري مولودية الجزائر الذين يحملون في قلوبهم مجد فريق تجاوز عمره الـ 100 سنة، أن يلجأوا إلى التحطيم ويرضون أن يلطخوا سمعة فريق ساهم في النضال الثوري والحركة الوطنية؟ الإجابة: طبعا “لا” و”ألف لا”.
إن ما حدث في ملعب الدويرة نفّذته أيادي مخربين لا علاقة لهم، لا بكرة القدم، ولا مولودية الجزائر، ولا مناصري العميد، ولا علاقة لهم أصلا بالأخلاق والشرف، هؤلاء المُخرّبون ما جاؤوا إلى الملعب إلا ليفسدوا على المناصرين فرحتهم وانتصارهم وانضباطهم، إذ لا يوجد عاقل واحد يمكن ولو للحظة أن يصدّق أن تلك الأحداث المشينة يقف وراءها مناصرو المولودية، بل إنّ فطنة هؤلاء فوّتت على المخربين فرصة أن تتطور تلك الأحداث إلى ما لا يحمد عقباه، خصوصا وأن الكثيرين لم يتقبلوا لحد الآن، أن أصبح للمولودية ومناصريها ملعبهم الخاص الذي نالته في الذكرى المئوية لتأسيس الفريق.
إنّ مشاهد التخريب وطريقة تنفيذها تثبت وقوف يد حركة “رشاد” خلفها، ذلك أن الأيادي (المناصرون) التي اعتادت أن تحمل كؤوس الانتصارات وترفع فريقها إلى سموات الإنجازات، لا يمكن لها بأي حال من الأحوال أن تمتد إلى التخريب والعنف، فلو عدنا بالذاكرة إلى الوراء قليلا، في جوان الماضي، لوجدنا أن مشاهد ملعب الدويرة هي نفسها أحداث ملعب قسنطينة (اتحاد الجزائر وشباب قسنطينة)، ذلك أن الذي ضرب في قسنطينة، مستهدفا الفريق العريق شباب قسنطينة، هو نفسه من ضرب في الدويرة، مستهدفا الفريق العريق مولودية الجزائر، ما يعني أن الصدفة هنا لا مكان للاعتقاد بها، بل هي يد التخريب التي تريد تشويه سمعة فريقين عريقين ومناصرين منضبطين.