اخر الاخبار

ملف إيغيل مرفوض لهذه الأسباب

بقدرة قادر، تعالت أصوات عديد من “الجهات” منها مَن هم محسوبون على الإعلام، للحديث باسم القانون الفاصل في ملفات الترشح لانتخابات الإتحادية الجزائرية لكرة القدم، فكثُر اللغط حول مفاهيم القوانين، وتم الخلط بين القانون المحلي وغيره من القوانين، للدفاع عن ملف مزيان إيغيل والضغط على لجنة الترشيحات والطعون لقبوله مترشحا منافسا للمترشح وليد صادي الذي تم قبول ملفه دون بقية الملفات الأخرى.

ولأن التأويلات كثيرة وقد حادت معظمها عن القراءة الصحيحة، فقد وجب التصحيح ووضع الأمور في نصابها وفي إطار القانون المتمثل أساسا في المرسوم التنفيذي 22 / 309 للإتحادات الرياضية الوطنية والقانون الأساسي للإتحادية الجزائرية لكرة القدم، بعيدا عن “القوانين الأجنبية” التي لا تفرضها “الفيفا” إطلاقا على الإتحادات المنخرطة تحت لوائها، طالما أن الهيئة الكروية الدولية اعتمدت قانونا أساسيا لكل إتحادية، وهي تحرص في قوانينها على مطالبة الإتحادات الكروية على احترام قوانين بلدانها.

ومن هذا المنطلق، وجب القول إن المادة 11 من المرسوم التنفيذي 16 / 153 للمسير الرياضي المتطوع المنتخَب تُنهي الجدل نهائيا، وتؤكد وجوبا في الفصل المتعلق بـ”شروط الترشح” بأن “المسيّر الرياضي المتطوع المنتخَب يتم انتخابه بموجب الأحكام القانونية والتنظيمية السارية المفعول التي تحكم الهيئات الممثلة للإتحادات الرياضية الوطنية والرابطات الرياضية والجمعيات الرياضية والنادي الرياضي الهاوي”، ما يعني أن لجنة الترشيحات عليها أن ترتكز في دراسة الملفات على شروط الترشح على قوانين الهيئة الكروية ذاتها.

 

المادة 11 من مرسوم المسير المتطوع تغلق باب التأويلات

 

المادة 11 من المرسوم تضع في موضع تسلل “فقهاء القانون الجدد” المرتكزين على المادة 35 من قانون الإنضباط للإتحادية الدولية لكرة القدم لـ”إسقاط” عقوبة مزيان إيغيل في 2013 (الإيقاف لمدة ستة أشهر منها ثلاثة أشهر غير نافذة) حين كان مدربا لأولمبي الشلف .. (محضر سماع رقم 04 حصة الإثنين 16 / 09 / 2013 ــ إعادة دراسة القضية رقم 24 ــ مباراة شبيبة بجاية ــ أولمبي الشلف التي جرت بتاريخ 03 / 09 / 2013 ــ بعد دراسة الوثائق المدرجة في الملف وتقارير الرسميين للمباراة وبعد سماع المعنيين ــ معاقبة مزيان إيغيل بالإيقاف لمدة ستة أشهر منها 3 أشهر غير نافذة بداية من تاريخ 04 / 09 / 2013.)

وحتى وإن كان الإستناد على قانون غير جزائري في آخر “مراوغات” البعض غير مفروض على لجنة الترشيحات للإتحادية الجزائرية لكرة القدم، فإن تصحيح المفاهيم واجب أيضا، فالمادة 35 من قانون الإنضباط لـ”الفيفا” تنص فعلا على سقوط العقوبة بالتقادم بعد مرور خمس سنوات عن تاريخ بدايتها، لكن ما غفل عنه البعض أن ذلك يسري على مَن تعرض لعقوبة بموجب قانون انضباط “الفيفا”، في إطار مباريات دولية، بينما واقع مزيان إيغيل غير ذلك تماما، فقد تمت معاقبته بموجب قانون الإنضباط لرابطة كرة القدم المحترفة في إطار مهمته كمدرب لنادي جزائري وفي منافسة رياضية جزائرية.

 

عقوبة إيغيل في 2021 واضحة ولا غبار عليها

 

وإذا افترضنا جدلا بأن العقوبة تسقط بالتقادم بعد خمس سنوات (الأمر الذي لا يذكره إطلاقا قانون الإنضباط لرابطة كرة القدم الجزائرية)، فإن مزيان إيغيل تمت معاقبته (مرة أخرى) سنة 2021، وكان أيضا، وقتها مدربا لأولمبي الشلف، وتم إيقافه لمدة شهر واحد نافذ، وهي عقوبة لم يمر عليها سوى سنتين ونصف.. (الدور التمهيدي كأس الرابطة ــ القضية رقم 01  ــ مباراة أولمبي المدية / أولمبي الشلف ــ يوم 20 / 04 / 2021  ــ إيغيل علي أمزيان ــ رقم الإجازة 451021002 مدرب  ــ الألفاظ المهينة التي تمس الكرامة والشرف ــ الإيقاف لشهر واحد نافذ).

وبالعودة إلى نفس المرسوم التنفيذي 16 / 153، وفي الفصل المتعلق دوما في شروط الترشح، فإن نجد، من بين الشروط للترشح لرئاسة الإتحادية أو لكسب عضوية مكتبها التنفيذي “عدم التعرض إلى عقوبة رياضية خطيرة”، ولم يربط المشرع “العقوبة الرياضية الخطيرة” بالمدة الزمنية، ما يجعلنا، منطقيا، نقف عند سبب العقوبة، لنجد إيغيل تم إيقافه سنة 2021 لمدة شهر نافذ بسبب “الألفاظ المهينة التي تمس الكرامة والشرف”، حسبما ورد في نص قرار لجنة الإنضباط، بما يجعل العقوبة الرياضية “فعلا” خطيرة.

ولأن علي مالك رئيس لجنة الترشيحات أعلن صراحة، في بيان على موقع “الفاف” بعد قرار تمديد آجال الترشح، بأنه يرتكز على المرسوم التنفيذي للإتحادات الرياضية الوطنية 22 / 309 وعلى القانون الأساسي لـ”الفاف”، فإننا نجد في شروط الترشح، وتحديدا في المادة 26 البند الثاني أن على أي مترشح لرئاسة الإتحادية أو لعضوية مكتبها الفدرالي ألا يكون قد تعرّض إلى عقوبة رياضية خطيرة .. يبدو أن الصورة واضحة ولا غبار عليها.

 

التفويض بين الجمعية العامة للمساهمين وبين مجلس الإدارة

 

أما عن التفويض الذي أتى بهم زيان إيغيل من نادي بارادو، فهو فعلا غير قانوني، وربما لتداول محضر اجتماع أعضاء لجنة إدارة نادي بارادو على مواقع التواصل الإجتماعي وعلى نطاق واسع، تحوّل إلى “ضربة قاضية” أسقطت أرضا حظوظ إيغيل، على اعتبار أن نادي بارادو “المحترف” هو شركة رياضية ذات أسهم، ويحكمها القانون التجاري، بل وهو قانون ينطبق على الشركات الرياضية المحترفة ما ينطبق على بقية الشركات الأخرى ذات الأسهم، مثلما تبرزه المادة 1 من المرسوم التنفيذي 15 / 73 للشركات الرياضية التجارية والتي تنص “أحكام الشركات الرياضية التجارية المشار إليها في الفقرة 1 أعلاه، هي نفسها المقررة في أحكام القانون التجاري المتعلقة بالشركات ذات الشخص الوحيد والشركات ذات المسؤولية المحدودة والشركات ذات الأسهم”.

وبموجب هذه المادة، فإن تفويض مزيان إيغيل من نادي بارادو “فعلا” غير قانوني، لأن المادة 611 من القانون التجاري، المادة 15 من القانون الأساسي النموذجي للشركات الرياضية ذات الأسهم في المرسوم التنفيذي 15 / 73 التعلق بالشركات الرياضية التجارية، تقطعان الشك باليقين، وقد جاء فيهما بأن “الجمعية العامة للمساهمين هي التي تعين أعضاء مجلس الإدارة”.

وبدا واضحا، بسبب التسرع ومسابقة الزمن (أو بسبب شيئ آخر)، بعد فشل دخول إيغيل الإنتخابات باسم الودادية، عدم تمييز نادي بارادو بين الجمعية العامة للمساهمين وبين اجتماع مجلس الإدارة، وجاء في محضر اجتماع مجلس الإدارة، الذي تم تداوله، بأن مزيان إيغيل أصبح عضوا في مجلس إدارة نادي بارادو، ليس في جمعية عامة للمساهمين، إنما في اجتماع لمجلس الإدارة، وهو ما يخالف القانون، ويجعل التفويض غير قانوني.

وما نسيه مزيان إيغيل، في رحلة البحث عن تفويض في الوقت بدل الضائع، أن المشرع حرص، في القانون الأساسي النموذجي للمرسوم التنفيذي 22 / 309 المعدّل والمتمم للمرسوم التنفيذي 14 / 330 للإتحادات الرياضية الوطنية، على غلق منافذ المراوغة”، وأمر “وجوبا” أي مترشح لرئاسة الإتحادية أو لعضوية مكتبها الفدرالي باسم أي جمعية أن يكون له مع الجمعية ذاتها مشاطا “فعليا” لمدة عام على الأقل، بينما لم يكن لمزيان إيغيل تواجدا “فعليا” مع نادي بارادو سوى يوما واحدا.

 

هذا هو مفهوم “المستوى العالي” في المرسوم وفي القانون الأساسي

 

ولأن “فقهاء القانون” توقفوا، في ملف وليد صادي، عند “الجامعة” للقول إن ملفه لا يستوفي الشروط، فقد وجب أيضا “تنوير” هؤلاء ودعوتهم إلى قراءة القانون بتمعن وتأنّ، فلجنة الترشيحات ارتكزت على شروط الترشح المنصوص عليها في المادة 26 البند الثاني في القانون الأساسي للفاف، وهي تشير صراحة إلى أحد الشرطين في قضية المستوى، وليس كلاهما”.

وجاء في المادة 26 البند الثاني الفقرة السابعة المتعلقة بشروط الترشح ما يلي “أن يكون للمترشح تكوين مبرر، سواء بشهادات جامعية، أو بتبوء مناصب مسؤولية عالية على مستوى القطاع العام أو الخاص”.

وهنا وجب أن يكون الفهم شاملا وواضحا، فالمادة لا تطلب “وجوبا” الشهادة الجامعية” دون سواها، إنما تمنح لأي مترشح الخيار بين تبرير مستواه العالي بشهادات الجامعية وبين تبرير مستواه العالي بشهادات تثبت تبوءه منصب مسؤولية عالية سواء في القطاع العام أو الخاص.

ولمن يتحدث عن شهادة البكالوريا كشرط لتبرير المستوى العالي، فإن المادة صريحة ولا تتحدث عن ذلك، لأن الدراسة الجامعية يمكن كسبها في الجامعة الليلية، كما أن هناك عدة معاهد، على غرار المعهد العالي لعلوم الرياضة وتكنولوجياتها الذي تخرّج منه مزيان إيغيل، كان بين 1977، سنة تدشينه وحتى بداية التسعينيات مفتوحا للطلبة دون شرط البكالوريا، وكان يكفي أن يكون المترشح بمستوى السنة ثالثة ثانوي لينال شهادة مستشار في الرياضة، وهو معهد ظل يفتح أبوابه لغير الحاصلين على شهادة البكالوريا لرياضيي المستوى العالي لأن القانون الجزائري يُتيح لهم ذلك، غير أنه ظل تابعا لوزارة الشباب والرياضة وليس لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

أما عن المرسوم التنفيذي 22 / 310 المتعلق بالمسير الرياضي المتطوع الحر، المعدل والمتمم للمرسوم 16 / 153، والذي لم تأخذ به لجنة علي مالك في آخر بيان لها، فإنه لا يشترط المستوى الجامعي فقط على المترشحين لرئاسة الإتحادات أو لعضوية المكاتب التنفيذية، وليس هناك حديث أصلا عن البكالوريا، وهو مرسوم يمنح الإختيار للمترشحين لإثبات “المستوى العالي” بين الدراسة الجامعية وبين التكوين العالي.

وقد جاء في المادة 13 من المرسوم في الفصل المتعلق بشروط الترشح وتحديدا لمنصب رئيس الإتحادية أو عضوية المكتب الفدرالي ما يلي “إثبات المستوى الجامعي أو تعليما أو تكوينا عال، مرفقا بالشهادات المتعلقة بذلك..”، وهو ما يؤكد أن المُشرِّع ليس بطلب وضع شروط للمترشحين بغرض توظيفهم في قطاع ما مقابل شهادة جامعية دون سواها، إنما المطلوب في نص القانون، ضمان وجود مسيرين رياضيين متطوعين منتخبين يملكون فعلا المؤهلات والكفاءة التي ترشحهم لتسيير الإتحادات الرياضية الوطنية بطريقة احترافية وصحيحة تتماشى ومتطلبات المستوى العالي.

 

أنفانتينو وموتسيبي .. مرشحان دون منافس

 

بقي أن نشير إلى أن الحديث عن “الجانب الديمقراطي” لانتخابات “الفاف”، والتي يدعو بعض “الفقهاء” إلى ضرورة إقامتها بأكثر من مرشح، والبعض الآخر يحذّر من تدخل “الفيفا” في حال الإبقاء على مرشح وحيد (وليد صادي)، لا يستند إلى أي منطق.

ففي مفهوم دعاة الديمقراطية لفرض أكثر من مترشح واحد لرئاسة “الفاف”، أنه “يجوز” باسم الديمقراطية قبول ملف مرشح ثان أو ثالث حتى لو كان ملفيهما لا يستوفيان الشروط ..

أما عن الذين يجتهدون لغلق الطريق أمام المرشح الوحيد الذي يستوفي الشروط، والمعروف عنه خبرته في تسيير الإتحادية حين كانت عالمية في عهد محمد روراوة وصغر سنه الذي يمنحه القوة وطول النفس، وسمعته الطيبة ووضعه الإجتماعي الراقي جدا وشغفه بالكرة ومعروف عنه تقديمه خدمات للكرة الجزائرية وعلاقاته الوطيدة التي يربطها بسرعة مع الأفارقة، فإن التهديد بتدخل الفيفا بسبب “المرشح الوحيد” يبعث على الضحك، كون جياني أنفانتينو نفسه ترشح لرئاسة “الفيفا” بمفرده دون منافس ورئيس “الكاف” باتريس موتسيبي ترشح بمفرده أيضا لرئاسة “الكاف” دون منافس، بل إن أنفانتينو ساعد موتسيبي في الإنتخابات حين أقنع “منافسيه” وهم السنغالي أوغسطين سانغور والإيفواري جاك برنار أنوما والموريتاني أحمد يحي بالإنسحاب من السباق وترك موتسيبي وحده، مقابل منصبي نيابة الرئيس لكل من سانغور ويحي ومنصب مستشار لأنوما .. انتهى الدرس القانوني وانتهى الكلام.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *