مقام الإحسان
في صحيح الإمام مسلم عن شداد بن أوس رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته». هذا الحديث النبوي دلّ على أهمية الإحسان في جميع الأعمال، لكن إحسان كل شيء بحسبه، ومنه الإحسان في قتل ما يجوز قتله من الدواب، وذلك بإزهاق روحه على أسرع الوجوه وأسهلها من غير تعذيب، وهذا النوع هو الذي ذكره المصطفى صلّى الله عليه وسلم في الحديث، ولعله ذكره على سبيل المثال، أو لحاجته إلى بيانه في تلك الحال، فقال: «إذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة» والقتلة والذبحة بالكسر، أي: الهيئة، أي: أحسنوا هيئة الذبح، وهيئة القتل، وهو يدل على وجوب الإسراع في إزهاق النفوس التي يباح إزهاقها على أسهل الوجوه.
والإحسان عموما مقام رفيع، فهو غاية الطالبين، ومنتهى السالكين، وهو دليل على النبل، واعتراف بالفضل، وقيام بالواجب، واحترام للمنعم، الإحسان خلق ينبئ عن الصفاء، وينطق بالوفاء، ويترجم عن السخاء، بالإحسان يُشترى الحب، وتُستعبد الأفئدة، الإحسان عطاء بلا حدود، وبذل بلا تردد، وإنعام دونما منٍّ، وإكرام لا يلحقه أذى، إذا عامل الناس عاملهم بالفضل، فيعطي وإن حُرم، ويتفضل وإن مُنع، ويصل وإن قُطع.. وبالله التوفيق.