أمد/ بروكسل: اعتبرت حجة لحبيب المفوضة الأوروبية لتسوية الأزمات، أن تحقيق السلام الدائم في قطاع غزة قد لا يتم دون تغيير القيادة الإسرائيلية.

وأشارت، في مقابلة مع صحيفة بوليتيكو، إلى أن عدداً من الساسة الإسرائيليين، وعلى رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يرفضون جوهريًا حل الدولتين، وهو ما يُعقّد أي مسعى حقيقي نحو تسوية سلمية.

وقالت المفوضة الأوروبية، إن حركة حماس هي المسؤولة عن مجزرة السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 في إسرائيل، والتي أودت بحياة نحو 1200 شخص. وفي المقابل، أشارت إلى وجود “متطرفين على الجانب الإسرائيلي لا يريدون سماع أي شيء عن حل الدولتين”، في إشارة إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وأعضاء في حكومته. وأضافت: “نسمع أحيانًا تصريحات غير مقبولة تصدر عن شخص يتولى قيادة بلاده”.

ومن النادر أن يتطرّق السياسيون الأوروبيون إلى الشؤون الانتخابية في دول أخرى، غير أن إسرائيل تستعد لإجراء انتخابات عامة لاختيار أعضاء الكنيست الـ120 في أكتوبر/تشرين الأول 2026، رغم أن مراقبين يتوقّعون تقدّم موعدها بعد أن فقد نتنياهو أغلبيته البرلمانية إثر انسحاب عدد من شركائه في الائتلاف الحكومي.

ويُعرف نتنياهو بأنه “الناجي الأكبر” في السياسة الإسرائيلية، وقد تعهّد بخوض الانتخابات المقبلة مجددًا.

هدنة ترامب

مرّ أسبوعان على دخول الهدنة التي رعاها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حيّز التنفيذ، والتي قضت بإفراج حماس عن الأسرى الإسرائيليين الأحياء مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية من مناطق عدة. ورغم تسجيل هجمات وسقوط قتلى واستمرار التوترات، فإن الهدنة صمدت إجمالًا حتى الآن.

بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي — أكبر مانح مساعدات للفلسطينيين، إذ قدّم أكثر من 500 مليون يورو منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 — يظلّ السؤال السياسي قائمًا: هل سيتمكّن من ترميم علاقاته مع إسرائيل بما يكفي ليؤدّي دورًا في صياغة مستقبل الشرق الأوسط؟

وتتولّى هادية لحبيب مسؤولية الإشراف على ميزانية المساعدات الإنسانية الضخمة التابعة للمفوضية الأوروبية، وتشغل موقعًا محوريًا في استجابة الاتحاد الأوروبي للنزاع. وإذا استمرّ وقف إطلاق النار، فإن الأنظار ستتّجه قريبًا نحو إعادة الإعمار السياسية والميدانية لقطاع غزة.

ويتّفق الحلفاء الدوليون على أن حماس لا يمكن أن تستمر في إدارة شؤون القطاع بعد انتهاء الحرب.

وعندما سُئلت عمّا إذا كانت تعتقد أن نتنياهو يريد السلام، أجابت المفوضة الأوروبية بالقول: “طرح السؤال هو بحد ذاته إجابة”، مضيفة: “لدي بعض الشكوك. لقد نجح حتى الآن في تنفيذ وقف إطلاق النار، فلننتظر لنرى ما سيحدث. لكننا جميعًا نعلم أنه كان ضد حل الدولتين… وكما نقول بالفرنسية: الأغبياء فقط هم من لا يغيّرون آراءهم”.

وأكدت المفوضة أنها لم تكن تصف الزعيم الإسرائيلي بالأحمق، لكنها أوضحت بجلاء أنها ليست من مؤيديه.

وعندما طُرحت عليها مسألة ما إذا كانت إسرائيل بحاجة إلى قيادة جديدة مستعدة لتبنّي حل الدولتين، بحيث تقوم دولة فلسطينية قابلة للحياة إلى جانب إسرائيل آمنة، أجابت قائلة: “هذا سؤال وجيه للغاية، وهذه هي الخطوات الحاسمة المقبلة”. وأوضحت أن الأولوية الآن هي وقف إطلاق النار، ثم تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة، يلي ذلك تحديد مسار لمستقبل يمنح الأمل للناس الذين يعيشون اليوم وسط بحر من الأنقاض.

وقالت وزيرة الخارجية البلجيكية حدجة لحبيب، إن الشعب الفلسطيني ربما يحتاج إلى شخصية قيادية تمتلك شرعية ومصداقية واسعة تشبه في مسيرتها الزعيم الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا، مشيرة إلى القيادي البارز في حركة “فتح” مروان البرغوثي، المعتقل في السجون الإسرائيلية منذ عام 2002.

وأضافت لحبيب أن البرغوثي، الذي تصدّر مرارًا استطلاعات الرأي كخيار أول للفلسطينيين لرئاسة السلطة، قد يكون الشخص القادر على توحيد الصف الفلسطيني وإعادة الثقة بقيادته.

وقالت:”ربما يكون [البرغوثي] شخصية ما تزال تحظى بالمصداقية والشرعية لدى الشعب الفلسطيني. وإذا كان هو نيلسون مانديلا الجديد، الذي يُفرج عنه ويتمكن من كسب ثقة شعبه وقيادتهم نحو السلام، فسيكون ذلك أمرًا رائعًا.”

ويُنظر إلى تصريح لحبيب على أنه دعوة ضمنية لإيجاد قيادة فلسطينية جديدة قادرة على توحيد الفلسطينيين وإحياء عملية السلام المتعثرة، في ظل غياب الأفق السياسي الراهن وتراجع الثقة بالقيادات التقليدية.

شاركها.