مسلمو الهند يعيشون في رعب يومي
كتب صحفي هندي مسلم في مقال نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، أنه لم يعد يجاهر بدينه في بلاده التي يحكمها رئيس وزراء هندوسي وصفه بالمتعصب، في إشارة إلى رئيس الوزراء ناريندرا مودي. وقال الصحفي الكاتب المستقل، محمد علي (الذي يقسم وقته بين نيويورك والهند)، إنه اعتاد الرد على المكالمات الهاتفية بتحية الإسلام، وهي “السلام عليكم”، إلا أن الأمور اختلفت بعد الآن لأنه لا يريد أن يعرف الناس أنه مسلم، حسب تعبيره. وأضاف أن ما من شيء يمكن أن يكشف عن هويته الإسلامية سوى اسمه، فهو لم يعد يرتدي قلنسوة، ويتجنب ارتداء زي قبيلة الباثان المسلمة بالأماكن العامة، أو يمزج حديثه بكلمات باللغة الأردية، لأنها “كلها علامات تدل على هوية المسلمين الهنود”، ففي الهند “التي يحكمها مودي، لا يمكنك المجازفة”. وأكد المواطن الهندي المسلم أنه على مدى السنوات العشر الماضية، عمدت حكومة مودي “الهندوسية المتعصبة” على الحط من قدر أكثر من 200 مليون مواطن هندي مسلم، وتشويه سمعتهم، باعتبارهم أشخاصا غير مرغوب فيهم.
وفي الآونة الأخيرة، انحدر هذا الخطاب وفق المقال إلى مستوى متدن جديد خلال 6 أسابيع من التصويت بالانتخابات الوطنية الهندية، التي بدأت مرحلتها الأولى يوم 19 أفريل وتختتم في الأول من جوان بعد انتهاء مرحلتها السابعة. ومن المتوقع، على نطاق واسع، أن تسفر عن فوز مودي وحزبه بولاية ثالثة على التوالي مدتها 5 سنوات.
وقال الكاتب الهندي إن مودي وصف المسلمين، خلال خطاب ألقاه في إحدى حملاته الانتخابية الشهر الماضي، بأنهم “متسللون” في بلد يسعى هو وأتباعه إلى تحويله إلى دولة هندوسية خالصة. وبقدر ما كان هذا الكلام مهينًا، فهو مألوف، للأسف، بالنسبة للمسلمين الهنود الذين يعيشون، بعد عقد من التشويه والعنف والقتل، في رعب يومي من أن يتم التعرف عليهم والاعتداء عليهم، ما يجبرهم على إنكار الذات لحماية أنفسهم، كما ورد في مقال “نيويورك تايمز”.
وسرد الكاتب جانبا من تاريخ المسلمين في الهند، مشيرا إلى أنها تُعد موطنا لأحد أكبر تجمعات المسلمين في العالم، فقد دخل إليها الإسلام منذ حوالي 1300 عام، وينحدر مسلموها من سكان هذه الأرض الأصليين الذين اعتنقوا الإسلام منذ قرون مضت. وقد حارب العديد من المسلمين الهنود ضد الاستعمار البريطاني، ورفض الملايين منهم تقسيم البلاد عام 1947 إلى هند ذات أغلبية هندوسية وباكستان ذات أغلبية مسلمة.
وقال الكاتب إن الهند هي وطنهم وهم فخورون بوطنيتهم، لكن سياسات مودي القومية الهندوسية “جعلتنا مستهدفين” في أكبر عملية في العالم التي ربما أدت إلى تكريس ظاهرة التطرف والغلو. وأردف أن بذور هذا التطرف زُرعت مع تأسيس منظمة “راشتريا سوايامسيفاك سانغ” عام 1925، وهي منظمة هندوسية يمينية سعت إلى إقامة دولة هندوسية بالكامل في الهند، واستلهمت أفكارها من الفاشية الأوروبية في تلك الحقبة. وعندما فاز حزب بهاراتيا غاناتا الذي يتزعمه مودي، وهو ما اعتبره كاتب المقال فرعا سياسيا من راشتريا سوايامسيفاك سانغ، في انتخابات 2014، وأصبح رئيسا للوزراء، رأى هو وأتباعه أن هذه هي اللحظة الحضارية التي كان الهندوس ينتظرونها.
ويرى الكاتب أن كراهية المسلمين، في ظل قيادة مودي اليمينية المتطرفة، باتت سياسة تنتهجها الدولة. واتهم النخبة الهندوسية الليبرالية الهندوسية بأنها لم تفعل الكثير لوأد هذه الظاهرة، سوى التعبير “غير الفعال” عن الحنين إلى ماض اتسم بالتسامح الهندوسي الذي أصبح مفقودا الآن.