مساهمة: رؤية لمستقبل أفضل
مع اقتراب عملية اختيار المدينة التي ستستضيف معرض إكسبو 2030، أصبحت العديد من المدن المتميزة في دائرة الضوء. من بينها مدينة بوسان في كوريا الجنوبية والتي تُعدّ الأكثر تألقاً. إذ أن هذه المدينة الرائعة تقدّم رؤية مغايرة تتجاوز نطاق الحدث، فهي تطمح إلى أن تكون معلما عالميا فارقا في الاستدامة والتكنولوجيا. وبدلا من أن يكون هذا المقال نداء، بل اعتبروه دعوة موجهة للجزائر والعالم للانضمام إلى رحلة جماعية نحو مستقبل أكثر ازدهارا وإنصافا للجميع.
إن تحول كوريا الجنوبية المثير للإعجاب من دولة مزّقتها الحرب إلى دولة رائدة عالمياً في مجال التكنولوجيا والترفيه والتصنيع ليس مجرد درس في التاريخ، فهو يشكّل شعاع أمل للبلدان التي تمر بمراحل مختلفة من التنمية، بما في ذلك الجزائر. واستلهامًا من رحلة التحول التي مرت بها كوريا الجنوبية، فإن مدينة بوسان مستعدة استعدادا جيدًا وكلها شغف لاستضافة معرض إكسبو العالمي تحت عنوان “تحويل عالمنا والإبحار نحو مستقبل أفضل”.
وإن يدل عنوان هذا المعرض على شيء، فإنما يدل عن التزامنا الثابت بمعالجة التحديات العالمية مع تعزيز منصة للحوار الدولي. وتجدر الإشارة إلى أن نهجنا يتوافق تمامًا مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، وهي القضية التي دافعت عنها الجزائر كجزء من رؤيتها “للجزائر الجديدة”. وإذ نؤكد أن هذا الحدث يمكن أن يكون بمثابة حافز لتحقيق هذه الأهداف العالمية، فإننا ندعو الجزائر إلى المشاركة في هذا المسعى الهام.
وفي محاولة طموحة لإعادة صياغة تجربة المعرض، تهدف بوسان إلى أن تكون مركزًا للتكنولوجيا المتطورة. إذ أن الذكاء الاصطناعي واتصالات الجيل السادس والبنية التحتية الذكية ليست مجرد كلمات رنانة: إنها جزء لا يتجزأ من استراتيجيتنا الشاملة، ولا تقتصر أهمية هذه التكنولوجيات على الإبهار فحسب، بل تتعلق بتوفير حلول ملموسة لمشاكل العالم الأكثر استعجالا، مثل تغيّر المناخ وعدم المساواة الاجتماعية.
ويهدف المعرض إلى أن يكون منصة للحوار العالمي والتعاون الهادف، حيث لا يقتصر الأمر على عرض براعة الدولة فحسب، بل يتعلق بمشاركة أفضل للممارسات والتفكير الجماعي لإيجاد حلول للتحديات الأكثر إلحاحًا في العالم، مثل تغيّر المناخ والفوارق الاجتماعية والاقتصادية، وفي أوقات الأزمات العالمية هذه أصبح هذا التعاون أكثر أهمية من أي وقت مضى.
وتتمتع الجزائر وكوريا الجنوبية بعلاقات متبادلة المنفعة منذ سنوات، خاصة في مجالات الطاقة والبناء والتكنولوجيا. نحن لا نعتبر الجزائر مجرد دولة عضو في المكتب الدولي للمعارض، بل شريكا قيما تضفي وجهات نظره قيمة إضافية إلى فهمنا. ومعًا، يمكننا توسيع هذه الشراكة لتشمل المجالات التي لن تعم بالفائدة على بلدينا فحسب، بل على المجتمع الدولي عامة.
ومع اقتراب موعد اتخاذ القرار، ندعو جميع الدول، بما في ذلك الجزائر، إلى النظر في الفرص الفريدة التي توفرها مدينة بوسان. إن التصويت لصالح بوسان لا يشكّل مجرد تأييد لقدرات كوريا الجنوبية، إنه تصويت لرؤية مشتركة للمستقبل، مستقبل تواجه فيه التحديات بشكل جماعي وتصاغ الحلول بشكل تعاوني ويعايش الرخاء على قدم المساواة.
* سفير جمهورية كوريا لدى الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية