محكمة النقض تقضي بحق الإبن غير الشرعي في التعويض من الشخص الذي تسبب في حمل أمه اليوم 24

في اجتهاد قضائي جديد قررت محكمة النقض، أن المولود الناتج عن علاقة جنسية غير شرعية، لا يستحق النفقة على غرار الولد الشرعي، لكنه يستحق التعويض في إطار جبر الضرر.
واعتبرت المحكمة في قرار صدر في 15 أبريل 2025، أن معاقبة الجاني، لا تسقط حق المولود الضحية، في التعويض جبرا للضرر الحال أو المستقبلي، في إطار قواعد المسؤولية التقصيرية الناشئة عن جريمة.
وجاء قرار محكمة النقض بعد دعوى رفعتها سيدة بالحسيمة، في 3 مارس 2023، قالت إنها تعرضت لاعتداء جنسي نتج عنه حمل، وقد كانت السيدة تعاني من مشاكل عقلية استغلها الجاني. وقد تابعته النيابة العامة بتهمة هتك عرض شخص معروف بضعف قواه العقلية، وأدين بسنة واحدة حبسا نافذا.
وقد وضعت السيدة مولودها، في غشت 2022، ولجأت إلى المحكمة تطالب بالحصول على تعويض من الجاني لفائدة الإبن، لتحمل أعبائه المادية، فرغم عدم نسبة الطفل إليه شرعا، إلا أن ذلك لا يعفيه من مسؤولياته تجاه الإبن، ذلك أن كل شخص مسؤول، استنادا للدستور، عن أفعاله وأخطائه التي تتسبب في ضرر للغير متى ثبتت العلاقة السببية بين الخطأ والضرر، وأن الأطفال في حاجة لرعاية من جانب أولياء أمرهم، ولهم عليهم حقوق في الأكل والشرب والتطبيب والسكن والتدريس إلى حين بلوغهم سن الرشد، وفي حالة متابعتهم لدراستهم إلى حين بلوغهم 25 سنة.
المحكمة قضت بتاريخ 2024/03/25 برفض الطلب، فاستأنفته المدعية، وأيدته محكمة الاستئناف، فلجأت السيدة إلى الطعن بالنقض.
وقد استندت المشتكية إلى عدة مبررات منها قاعدة أن من تسبب في ضرر يعد مسؤولا عن جبره، ومن أجله التمست الحكم على المدعى عليه بأدائه لها تعويضا شهريا بمثابة نفقة للإبن قدره 500 درهم في الشهر ابتداء من تاريخ 2022/08/24 مع الاستمرار في الأداء إلى حين حدوث ما يسقطها شرعا.
وقد اعتبرت محكمة النقض أن ما كان معروضا على قضاة الموضوع، هو أن السيدة التمست الحكم لها بتعويض عن خطأ المسؤول عن هتك عرضها مستغلا حالة ضعفها العقلي، نتج عنه ولادة طفل يحتاج إلى إنفاق، وأن إشارتها في الملتمس المذكور إلى النفقة هي لتحديد شكل التعويض المطالب به قياسا على ما جرى به العمل من فرض نفقة شهرية للولد الناتج عن علاقة شرعية، دون أن ينصرف ملتمسها إلى إثبات نسب الولد المذكور للمتهم، أو ترتيب آثار البنوة الشرعية على ذلك، وأن إيقاع العقوبة على الجاني لا يسقط حق الضحية في التعويض جبرا للضرر الحال أو المستقبلي في إطار قواعد المسؤولية التقصيرية الناشئة عن جريمة.
واستشهدت المحكمة بقول الإمام مالك فيما روي عنه من أنه « إن زنى رجل عاقل بمجنونة فعليه الحد والصداق، لأنه نال منها ما ينال من العاقلة، ولا حد عليها لرفع القلم عنها، وعدم اللذة لها »، (كتاب الجامع لمسائل المدونة، ابن يونس الصقلي، ج 22 ، ص (46)، وإقرار مبدأ جبر ضرر المكرهة على الوطء فيما فاتها من صداق أمثالها، هو نفسه مبدأ جبر ضرر المولود إذا ما ثبت أنه كان فعلا نتاج ماء واطئ لم يصب به محلا مشروعا، ولم يلق رضى من الموطوءة الخالية من الزوج ».
كما استشهدت المحكمة بقول عائشة رضي الله عنها في « ولد الزنا »، حيث قالت « ما عليه من ذنب أبويه شيء »، ثم قرأت ولا تزر وازرة وزر أخرى، ولما يحتاجه من مكارم وإحسان. وما ورد عن الفاروق عمر بن الخطاب « أكرموا ولد الزنا وأحسنوا إليه »، وبذلك قضت محكمة النقض بنقض القرار المطعون فيه، وبإحالة الدعوى على محكمة الاستئناف بفاس للبت فيها طبقا للقانون.