أمد/ غزة: يواصل الجيش الإسرائيلي حربه المفتوحة على قطاع غزة لليوم الـ680 على التوالي، وسط مشاهد كارثية من التجويع الممنهج، والدمار الواسع، والمجازر بحق المدنيين، خاصة أولئك الذين يحاولون الوصول إلى مراكز توزيع المساعدات الإنسانية، التي تعرف بـ”المساعدات الأميركية”، لسد رمق أطفالهم في ظل الانهيار الكامل للمنظومة الإنسانية.
وترافق هذه الهجمات حصار خانق وإغلاق كامل للمعابر، مع منع دخول المساعدات الإنسانية، ما أدى إلى تفشي المجاعة على نطاق واسع وظهور أمراض مرتبطة بسوء التغذية، خاصة بين الأطفال والنساء.
في اليوم الـ152 من استئناف الحرب الإسرائيلية على غزة، بعد خرق اتفاق وقف إطلاق النار، ركز سلاح الجو الإسرائيلي ضرباته على مناطق قريبة من مراكز توزيع المساعدات، مستهدفا بشكل مباشر تجمعات مدنية.
استشهد وأصيب العديد من المجوّعين ومنتظري المساعدات نتيجة استهدافهم بنيران الاحتلال في شمال وجنوب قطاع غزة، في وقت يدعي الاحتلال عمله من أجل توفير “ممرات آمنة” وإتاحة الوصول إلى حمولات المساعدات التي يتم إسقاطها من الجو على القطاع.
وتتزامن هذه الجرائم مع سياسة ممنهجة لتجويع السكان ومنع دخول المساعدات، ما تسبب بوفاة عشرات المدنيين، معظمهم أطفال، جراء سوء التغذية ونقص الخدمات الطبية.
ورغم تصاعد الانتقادات والاتهامات الدولية لإسرائيل بارتكاب “جرائم إبادة جماعية” واتباع “سياسة تجويع ممنهجة”، صادق الكابينيت على مخطط رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بالمضي قدمًا نحو “احتلال كامل لقطاع غزة”.
استشهد 51 شخصا وأصيب 369 آخرون بنيران الاحتلال في غزة في آخر 24 ساعة، فيما سجلت حالة وفاة لطفلة بسبب التجويع وسوء التغذية، لترتفع حصيلة ضحايا التجويع إلى 240 شهيدا بينهم 107 أطفال؛ بحسب الحصيلة الأخيرة التي أعلنت عنها وزارة الصحة في القطاع اليوم الجمعة.
وأكّد الهلال الأحمر في غزة، أنّ “الطواقم الطبية عاجزة عن علاج الجرحى والمرضى بسبب توقف الإمدادات”، مشدّدت على أن “أكثر من 90% من سكان القطاع يعيشون في الخيام ويعانون الحر ّالشديد”، الذي “تسبب في ظهور أمراض في مخيمات النازحين”، في ظلّ تعمُّد الاحتلال إلى “تدوير حركة النزوح بالقطاع، وإجبار الأهالي على التنقل في ظروف قاسية”.
ارتفاع حصيلة الضحايا
ارتفعت حصيلة حرب الإبادة الجماعية، والعدوان الذي تشنه قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 61,827 شهيدا، و155,275 مصابا، منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وأفادت مصادر طبية، يوم الجمعة، بأن من بين الحصيلة 10,300 شهيد، و43,234 إصابة، منذ 18 آذار/ مارس الماضي، أي منذ استئناف الاحتلال عدوانه على القطاع عقب اتفاق وقف إطلاق النار.
ووصل إلى مستشفيات قطاع غزة خلال الـ 24 ساعة الماضية، 51 شهيدا بينهم شهيدان جرى انتشالهما، و369 مصابا، نتيجة المجازر والاستهدافات الإسرائيلية المتواصلة، وتجد طواقم الإسعاف والدفاع المدني صعوبة في الوصول إلى الضحايا حيث ما زال عدد كبير منهم تحت الأنقاض والركام، وفي الطرقات.
وقالت إن عدد ما وصل إلى المستشفيات خلال الـ24 ساعة الماضية من شهداء المساعدات بلغ 17 شهيدًا و250 إصابة، ليرتفع إجمالي شهداء لقمة العيش ممن وصلوا المستشفيات إلى 1,898 شهيدا، وأكثر من 14,113 إصابة.
وسجلت مستشفيات قطاع غزة، خلال الساعات الـ 24 الماضية، حالة وفاة لطفلة، نتيجة التجويع وسوء التغذية، ليرتفع العدد الإجمالي إلى 240 حالة وفاة، من ضمنهم 107 أطفال.
مجازر متواصلة.. شهداء وجرحى
استشهد 3 مواطنين، مساء يوم الجمعة، في قصف لطيران الاحتلال الإسرائيلي على خيام نازحين غرب مدينة غزة.
وقالت مصادر طبية إن طيران الاحتلال قصف خياما تؤوي نازحين في حي الرمال، غرب مدينة غزة ما أدى لاستشهاد 3 مواطنين على الأقل وإصابة آخرين.
استشهد 9 مواطنين، بينهم 6 من منتظري المساعدات، وأصيب آخرون، برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي، شمال غرب قطاع غزة.
وأفاد مجمع الشفاء الطبي، بأن جثامين 6 شهداء، وصلت إلى المجمع من منتظري المساعدات والشهداء هم: ثائر محمد سلمان أبو مغصيب، ومنذر نعيم سيد أبو الخير، وجهاد أحمد محمد شلحة، ومحمد رامز رمضان الناعوق، وعبد العزيز بسام أحمد حبيب، وأحمد نعيم مصطفى قنيطة، فيما أصيب عدد آخر بجروح.
كما استشهدت طفلة، وأصيب 7 مواطنين، إثر قصف طائرات الاحتلال الإسرائيلي شقة سكنية لعائلة البلعاوي قرب مسجد الإمام الشافعي بحي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة، وفقا لما أكده المستشفى المعمداني.
كما شن طيران الاحتلال غارة في محيط العيادة الخارجية لمستشفى شهداء الأقصى وسط قطاع غزّة.
وقالت مصادر محلية إن طيران الاحتلال الإسرائيلي قصف خيمة تؤوي نازحين في محيط مبنى العيادة الخارجية بمستشفى شهداء الأقصى في دير البلح وسط القطاع، ما أسفر عن استشهاد مواطنين اثنين وإصابة آخرين.
استشهد وأصيب عدد من المواطنين فجر يوم الجمعة، في قصف ونيران الاحتلال الإسرائيلي في عدة مناطق بقطاع غزة.
وأفاذت مصادر محلية، باستشهاد 3 مواطنين بينهم طفل جراء قصف الاحتلال مجموعة من المواطنين في محيط دوار الاتصالات غرب مدينة رفح.
كما استشهد مواطن وأصيب ثلاثة آخرون جراء قصف الاحتلال وسط قطاع غزة، إضافة إلى إصابة برصاص الاحتلال في مدينة أصداء شمال غربي خان يونس.
ولفتت مصادر محلية إلى أن جيش الاحتلال نفذ 5 عمليات نسف لمبان في حي الزيتون بمدينة غزة، فيما شنت طائرة الاحتلال الحربية غارة على غربي مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.
الأمم المتحدة: قوات الاحتلال قتلت 46 من عناصر تأمين المساعدات منذ الأول من آب الجاري
قال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الجمعة، إن قوات الاحتلال الإسرائيلي نفذت منذ مطلع آب/ أغسطس الجاري 11 هجوما ضد عناصر تأمين المساعدات الإنسانية الواصلة إلى قطاع غزة وقتلت 46 منهم، ما ساهم في “تفاقم حالة الفوضى وزيادة حدة المجاعة”.
وأضافت المكتب الأممي، في بيان، أن تلك الهجمات التي استهدفت عناصر التأمين خلال عملهم في حماية القوافل، أسفرت عن قتل ما لا يقل عن 46 فلسطينيا.
وأفاد بأن معظم من قتلوا كانوا من “أفراد الأمن المرافقين لقوافل المساعدات والإمدادات، إلى جانب بعض من طالبي المساعدة، فضلا عن تسجيل عدد من الإصابات”.
وتأتي هذه الهجمات، وفق الأمم المتحدة، في سياق “نمط مماثل من الهجمات على أجهزة تنفيذ القانون المدنية”.
وأوضح البيان أن مكتب حقوق الإنسان وثق ارتكاب إسرائيل عشرات الحوادث باستهداف غير قانوني للشرطة المدنية بغزة منذ بداية الحرب، ما ساهم في “انهيار النظام العام حول قوافل الإمدادات”.
وأكد أن “أفراد الشرطة المدنية والأمن يتمتعون، بموجب القانون الدولي، بالحماية من الهجمات ما لم يشاركوا مباشرة في الأعمال العدائية، وهو ما لا يشمله تأمين قوافل المساعدات الغذائية المخصصة للمدنيين”.
وأفاد مكتب حقوق الإنسان بأن إسرائيل قتلت منذ 27 أيار/مايو وحتى 13 من الشهر الجاري، ما لا يقل عن ألف و760 فلسطينيا، بينهم 994 في محيط مواقع “مؤسسة غزة الإنسانية”، و766 على طول مسارات شاحنات المساعدات الواصل للقطاع.
مفاوضات وقف إطلاق النار
نقل مسؤولون رفيعو المستوى مطلعون على المفاوضات يوم الخميس، إلى رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وثيقة تؤكد أن حماس غيّرت موقفها مقارنة بالمواقف التي عرضتها قبل ثلاثة أسابيع، والتي أدت إلى انهيار المحادثات، وذلك وفقا لما ذكره مسؤولان للقناة 12 العبرية مساء يوم الجمعة، اطلعا على الوثيقة.
الوثيقة تحتوي على تقييم يفيد، بأن الحركة غيّرت موقفها وتريد الآن التوصل إلى “صفقة جزئية” للإفراج عن الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة، الوثيقة أعدت وأقرت من قبل مسؤولين مهنيين رفيعي المستوى، وسيصعب على نتنياهو تجاهل استنتاجاتها.
إذا وافقت الحركة فعلا على صفقة جزئية، فمن المتوقع حدوث دراما سياسية في إسرائيل، خاصة بعد أن صرّح نتنياهو أنه لن تكون هناك صفقات جزئية بعد الآن.
من ناحية أخرى، يُؤكد جميع رؤساء الأجهزة الأمنية، بمن فيهم رئيس مجلس الأمن القومي، تساحي هنغبي، أن هذه فرصة لا تُفوّت، مع إمكانية إطلاق سراح عشرة رهائن أحياء وثمانية عشر رهينة ميتين. ويُتوقع من رئيس الأركان، ورئيس الموساد، والقائم بأعمال رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، بذل قصارى جهدهم لضمان عدم انهيار الصفقة ووصولها إلى قرار مجلس الوزراء.
إذا كان التوصل إلى اتفاق جزئي ممكنًا بالفعل، فسيعارضه الوزيران إيتامار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، وربما يستقيلان من الحكومة. في المقابل، قد يدعم وزراء الليكود مثل هذه الصفقة التي ستؤدي إلى إطلاق سراح 28 رهينة، أحياءً وأمواتًا.
وأشار مسؤولون إسرائيليون، إلى أن الوثيقة الجديدة تنص على أن حماس غيرت نهجها فيما يتعلق بالمواقف التي عرضتها في ردها على الوسطاء قبل نحو ثلاثة أسابيع، والتي أدت إلى انهيار المحادثات، وهي الآن مهتمة بالعودة إلى المفاوضات للتوصل إلى “صفقة جزئية” وفقا لخطة ويتكوف، والتي تتضمن إطلاق سراح 10 رهائن أحياء و18 رهينة ميتين مقابل وقف إطلاق النار لمدة 60 يوما والإفراج عن سجناء فلسطينيين.
زار رئيس الموساد دادي برنياع يوم الخميس، الدوحة واجتمع مع رئيس الوزراء القطري لبحث صفقة الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة.
أفاد مصدر مطلع أن برنياع طلب من رئيس الوزراء القطري أن يوضح لحماس أن قرار مجلس الوزراء باحتلال مدينة غزة ليس حربًا نفسية أو خدعة، وأن الجيش الإسرائيلي سيتخذ إجراءات إذا لم توافق حماس على صفقة لإطلاق سراح الرهائن. لكن دعونا نتحدث عن التطورات التي تجري خلف الكواليس بشأن صفقة الرهائن.
وفد قطري يصل القاهرة للمشاركة في دفع المفاوضات
على خلفية الإعلان الإسرائيلي والاستعدادات لاحتلال مدينة غزة، يشير الوسطاء، ولكن خلف الكواليس، إلى أن حماس في المحادثات التي يجرونها مع الحركة مستعدة لأن تكون مرنة ومهتمة بالعودة إلى خطة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، والتي تتضمن إطلاق سراح 10 أسرى أحياء مقابل وقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً، بما في ذلك المناقشات حول إنهاء الحرب.
وصل الوفد القطري إلى القاهرة اليوم لدفع المفاوضات. وينقل الوسطاء رسالة مفادها أن رد حماس هذه المرة متوقعٌ بسرعة، ربما في وقت مبكر من الأسبوع المقبل.
إذا وافقت المنظمة على صفقة جزئية، فمن المتوقع حدوث فوضى في إسرائيل، بعد أن صرّح نتنياهو بأنه لن تكون هناك صفقات جزئية أخرى. وكان الوزير رون ديرمر حازمًا للغاية في مجلس الوزراء، وقال: “علينا اتخاذ قرار إما كل شيء أو لا شيء”.