أمد/ غزة: يواصل الجيش الإسرائيلي حربه المفتوحة على قطاع غزة لليوم الـ708 على التوالي، وسط مشاهد كارثية من التجويع الممنهج، والدمار الواسع، والمجازر بحق المدنيين، خاصة أولئك الذين يحاولون الوصول إلى مراكز توزيع المساعدات الإنسانية، التي تعرف بـ”المساعدات الأميركية”، لسد رمق أطفالهم في ظل الانهيار الكامل للمنظومة الإنسانية.
وترافق هذه الهجمات حصار خانق وإغلاق كامل للمعابر، مع منع دخول المساعدات الإنسانية، ما أدى إلى تفشي المجاعة على نطاق واسع وظهور أمراض مرتبطة بسوء التغذية، خاصة بين الأطفال والنساء.
في اليوم الـ180 من استئناف الحرب الإسرائيلية على غزة، بعد خرق اتفاق وقف إطلاق النار، ركز سلاح الجو الإسرائيلي ضرباته على مناطق قريبة من مراكز توزيع المساعدات، مستهدفا بشكل مباشر تجمعات مدنية.
استشهد وأصيب العديد من المجوّعين ومنتظري المساعدات نتيجة استهدافهم بنيران الاحتلال في شمال وجنوب قطاع غزة، في وقت يدعي الاحتلال عمله من أجل توفير “ممرات آمنة” وإتاحة الوصول إلى حمولات المساعدات التي يتم إسقاطها من الجو على القطاع.
وتتزامن هذه الجرائم مع سياسة ممنهجة لتجويع السكان ومنع دخول المساعدات، ما تسبب بوفاة عشرات المدنيين، معظمهم أطفال، جراء سوء التغذية ونقص الخدمات الطبية.
ورغم تصاعد الانتقادات والاتهامات الدولية لإسرائيل بارتكاب “جرائم إبادة جماعية” واتباع “سياسة تجويع ممنهجة”، صادق الكابينيت على مخطط رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بالمضي قدمًا نحو “احتلال كامل لقطاع غزة”.
وأعلنت الأمم المتحدة، رسميا، المجاعة في غزة، في أول إعلان من نوعه في الشرق الأوسط، وقال خبراؤها إن 500 ألف شخص يواجهون جوعا “كارثيا”. وبعد أشهر من التحذيرات بشأن الوضع الإنساني واستشراء الجوع في القطاع الفلسطيني، أكّد التصنيف المرحلي للأمن الغذائي ومقره في روما، اليوم، أن محافظة غزة التي تغطي نحو 20% من قطاع غزة، تشهد مجاعة.
كما أحصت وزارة الصحة 14 شهيدا و143 إصابة من منتظري المساعدات في آخر 24 ساعة، ليرتفع إجمالي شهداء لقمة العيش ممن وصلوا المستشفيات إلى 2479 شهيدا وأكثر من 18,091 إصابة.
وكثّف جيش الاحتلال الإسرائيليّ، يوم الجمعة، قصفه وغاراته على قطاع غزة، وبخاصة على مدينة غزة، التي تسبّب عدوان الاحتلال المتواصل عليها، إلى دمار واسع النطاق في البنية التحتية والمناطق السكنية، خلال أقل من أسبوع واحد فقط؛ كما بات 50 ألف شخص بلا مأوى، خلال أقل من أسبوع.
ودمّر الاحتلال 12 بناية سكنية يزيد عدد طوابقها عن 7 طوابق، تضم نحو 500 شقة سكنية، ما أدى إلى نزوح وتشريد أكثر من 10 آلاف شخص من الأهالي؛ كما قصف الاحتلال أكثر من 120 بناية تقل عن 7 طوابق، بمتوسط 3 طوابق لكل بناية، ما أدى إلى تشريد ما يزيد عن 7,200 شخص.
وألحق الاحتلال أضرارا بأكثر من 500 بناية بشكل جزئي، الأمر الذي حرم ما يقارب 30 ألف شخص من مأواهم. ودمّر أكثر من 600 خيمة كانت تؤوي نازحين، وتشريد ما لا يقل عن 6 آلاف شخص إضافي، كما تم تدمير كامل لـ10 مدارس، و5 مساجد.
وتتواصل حرب الإبادة في غزة في ظل تصعيد عسكري واسع، يستهدف الأحياء السكنية ومناطق تجمع النازحين. وخلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، أسفر القصف المتواصل عن عشرات الشهداء ومئات المصابين، فيما تتواصل المعاناة الإنسانية وتتفاقم الكارثة.
ارتفاع حصيلة الضحايا
ارتفعت حصيلة شهداء عدوان الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة إلى 64,756 والإصابات إلى 164,059 منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وقالت مصادر طبية، اليوم الجمعة، إن حصيلة الشهداء منذ 18 آذار/ مارس الماضي، أي منذ خرق الاحتلال الإسرائيلي لاتفاق وقف إطلاق النار بلغت حتى اليوم 12,206 شهداء و52,018 إصابة.
وخلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، استقبلت المستشفيات 38 شهيدًا، بينهم شهيدان تم انتشالهما، و200 إصابة جديدة، في وقت لا يزال فيه عدد من الضحايا تحت الأنقاض وفي الطرقات، وسط عجز طواقم الإسعاف عن الوصول إليهم.
وفيما يتعلق بـ”شهداء لقمة العيش”، فقد وصل إلى المستشفيات خلال الساعات الـ24 الماضية 14 شهيدا و143 إصابة، ليرتفع العدد الإجمالي إلى 2,479 شهيدًا وأكثر من 18,091 إصابة جراء استهداف الطوابير ومناطق توزيع المساعدات.
كما سجلت مستشفيات قطاع غزة، خلال الساعات الـ24 الماضية، حالتي وفاة نتيجة المجاعة وسوء التغذية، ليرتفع العدد الإجمالي إلى 413 حالة وفاة، من ضمنها 143 طفلًا.
مجازر متواصلة.. شهداء وجرحى
استشهد مواطنان، مساء يوم الجمعة، وأصيب مواطنون آخرون في قصف قوات الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، واستهداف منتظري المساعدات.
وقالت مصادر محلية إن مواطنا استشهد، وأصيب آخرون، من منتظري المساعدات بعد استهدافهم من قبل قوات الاحتلال وسط قطاع غزة.
واستشهد مواطن في قصف طيران الاحتلال منازل مواطنين شرق دير البلح وسط القطاع.
كما أصيب 5 مواطنين إثر قصف يران الاحتلال مركبة في محيط مسجد العقاد في شارع الاسطبل شمال غرب مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.
وبذلك يرتفع عدد الشهداء في قطاع غزة منذ فجر اليوم إلى 70 شهيدا.
استشهد ما لا يقل عن مواطنين اثنين، وجرح 7 آخرون، في استمرار قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي، مناطق عدة بقطاع غزة.
ففي مدينة غزة، استشهد عدد من المواطنين، وجرح آخرون، بعضهم خطيرة، جراء استهداف طائرات الاحتلال الإسرائيلي، خيمة تؤوي نازحين قرب دوار 17 غربا.
واستهدفت قوات الاحتلال دراجة هوائية في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، ما أسفر عن استشهاد مواطن، وإصابة أخرين، فيما شنت الطائرات غارة جوية على محيط مسجد بئر السبع في حي الشيخ رضوان، واستهدفت بناية سكنية قرب مستشفى الكرامة شمالا.
وفي خان يونس جنوب القطاع، استشهد شقيقان من عائلة أبو ريدة، في قصف شنه الاحتلال على منطقة ارميضة في بلدة بني سهيلا شرق المدينة.
استشهد مواطنان أحدهما طفل، إثر إطلاق طائرة مسيرة للاحتلال الإسرائيلي النار عليهما في مخيم النصيرات، وحي الدرج بقطاع غزة.
وأفادت مصادر محلية، بأن مواطنا استشهد، بنيران مسيرة إسرائيلية شمال مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، أثناء جمعه الحطب.
وقال إن طفلا استشهد، وأصيب عدد من المواطنين بجروح، إثر إطلاق طائرة إسرائيلية مسيرة النيران تجاههم في حي الدرج بمدينة غزة، نقلوا على إثرها إلى المستشفى المعمداني.
وفي السياق، أطلقت مدفعية الاحتلال عدة قذائف نحو مخيم النصيرات وسط القطاع، فيما واصلت الطائرات الحربية وطيران الاستطلاع تدمير وقصف العمارات السكنية بمدينة غزة، واستهدفت منزلًا بجوار برج الزهارنة في شارع الجلاء غربا.
استشهد 43 مواطنا بينهم 33 في مدينة غزة وشمال القطاع منذ فجر يوم الجمعة، في قصف ونيران الاحتلال الإسرائيلي.
وأفادت مصادر طبية، باستشهاد 14 مواطنا في غارة للاحتلال على منزل بمنطقة التوام شمال مدينة غزة.
وأضافت المصادر، أن 4 مواطنين استشهدوا وأصيب آخرون جراء قصف للاحتلال استهدف بلدة جباليا النزلة شمال القطاع.
وفي حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، استشهد 4 مواطنين وأصيب آخرون جراء قصف للاحتلال.
كما استشهد 4 مواطنين في قصف الاحتلال على حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة.
وفي مدينة خان يونس، استشهد 3 مواطنين في غارة للاحتلال على حي الكتيبة شمال المدينة
أما في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، استشهد مواطنان وأصيب آخرون إثر استهداف خيمة تؤوي نازحين، فيما استشهد مواطنان وأصيب آخرون جراء استهداف الاحتلال مجموعة من المواطنين في شارع الجلاء شمال المدينة.
كما استشهد مواطن وأصيب آخرون من منتظري المساعدات برصاص الاحتلال شمال مدينة رفح، فيما استشهد مواطن آخر في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.
وفي منطقة السودانية شمال غرب قطاع غزة، استشهد وأصيب عدد من المواطنين جراء استهداف الاحتلال لأحد المنازل.
وفي مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، استشهد المواطن مهند أبو ميري، متأثرا بجروح أصيب بها في قصف سابق على المدينة، فيما استهدفت طائرات الاحتلال 3 منازل فجر اليوم تعود لعائلة “أبو ميري” شرقي دير البلح.
الأمم المتحدة تصوت بغالبية ساحقة لصالح الاعتراف بالدولة الفلسطينية
صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بغالبية ساحقة لصالح مشروع قرار يؤيد إعلان نيويورك بشأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
جاءت نتيجة التصويت على النحو التالي:
142 دولة صوتت لصالح القرار.
10 دول صوتت ضده.
12 دولة امتنعت عن التصويت.
ويعتبر هذا القرار تأييداً دولياً واضحاً لحل الدولتين.
وأعرب القرار عن عميق امتنان الجمعية العامة لفرنسا والسعودية لاضطلاعهما بمسئولياتهما بصفتهما الرئيسين المشاركين للمؤتمر الدولي رفيع المستوى لتسوية قضية فلسطين بالوسائل السلمية وتنفيذ حل الدولتين، ولقيامهما، بالاشتراك مع رؤساء الفرق العاملة واستنادا إلى مشاورات مع جميع الدول المشاركة، بصياغة إعلان نيويورك.
قدم مشروع القرار: جيروم بونافو الممثل الدائم لفرنسا لدى الأمم المتحدة، قبل التصويت بالنيابة عن فرنسا والسعودية والدول الراعية لمشروع القرار.
وقال بونافو: “يضع هذا الإعلان خارطة طريق واحدة لتحقيق حل الدولتين، وذلك بفضل الالتزامات الرئيسية التي قطعتها السلطة الفلسطينية والدول العربية من أجل السلام والأمن للجميع في المنطقة”.
وأكد أن خارطة الطريق هذه تتضمن وقفا فوريا لإطلاق النار في غزة وإطلاق سراح جميع الرهائن، وإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة وذات سيادة، ونزع سلاح حماس وإقصاءها عن الحكم في غزة، والتطبيع بين إسرائيل والدول العربية، وتنفيذ ضمانات الأمن الجماعي.
وفي المقابل، هاجم الممثل الدائم لإسرائيل لدى الأمم المتحدة السفير داني دانو، القرار ووصفه بأنه “أحادي الجانب ولن يقود إلى سلام أو استقرار”، متهما الأمم المتحدة بـ “العبث بمصداقيتها”.. وزعم : “ليست تلك هي الدبلوماسية.. إنه عبث مسرحي”.
ويتضمن الإعلان الاتفاق على العمل المشترك لإنهاء الحرب في غزة والتوصل إلى تسوية عادلة وسلمية ودائمة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني بناء على التطبيق الفعال لحل الدولتين، وبناء مستقبل أفضل للفلسطينيين والإسرائيليين وجميع شعوب المنطقة.
وجدد القرار، إدانة “جميع الهجمات” من أي طرف ضد المدنيين، بما في ذلك جميع أعمال الإرهاب والهجمات العشوائية وكل الاعتداءات ضد الأعيان المدنية والأعمال الاستفزازية والتحريض والتدمير.
وأشار القرار إلى أن أخذ الرهائن محظور بموجب القانون الدولي.. وأكد رفض أي أعمال تؤدي إلى التغييرات الإقليمية (المتعلق بالأرض) أو الديموجرافية (السكانية)، بما في ذلك التهجير القسري للمدنيين الفلسطينيين الذي يعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني.
وأدان القرار الأممي الهجمات، التي ارتكبتها حماس في السابع من أكتوبر… كما أدان الهجمات من إسرائيل ضد المدنيين في غزة والبنية الأساسية المدنية والحصار والتجويع؛ بما أدى إلى كارثة إنسانية مدمرة وأزمة حماية.
وشدد “إعلان نيويورك” على أن الحرب والاحتلال والإرهاب والتهجير القسري لا يمكن أن يؤدوا إلى تحقيق السلام أو الأمن، وأن الحل السياسي هو الوحيد الكفيل بتحقيق ذلك.
وأضاف أن إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وتطبيق حل الدولتين، هما السبيل الوحيد لتلبية التطلعات المشروعة وفق القانون الدولي لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين وأفضل طريقة لإنهاء العنف بكل أشكاله وأي دور مزعزع للاستقرار من الأطراف من غير الدول، ووضع حد للإرهاب والعنف بكل الصور، وضمان أمن الشعبين وسيادة الدولتين والسلام والازدهار والتكامل الإقليمي من أجل مصلحة كل شعوب المنطقة.
وتعهد المسئولون والمندوبون في إعلان نيويورك باتخاذ خطوات ملموسة محددة بإطار زمني ولا يمكن التراجع عنها من أجل التسوية السلمية لقضية فلسطين وتطبيق حل الدولتين، وتجسيد بأسرع وقت ممكن عبر أعمال ملموسة دولة فلسطين المستقلة الديمقراطية ذات السيادة القادرة على الاستمرار اقتصاديا، التي تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل بما يمكن التكامل الإقليمي والاعتراف المتبادل.