أمد/ غزة: يواصل الجيش الإسرائيلي حربه المفتوحة على قطاع غزة لليوم الـ670 على التوالي، وسط مشاهد كارثية من التجويع الممنهج، والدمار الواسع، والمجازر بحق المدنيين، خاصة أولئك الذين يحاولون الوصول إلى مراكز توزيع المساعدات الإنسانية، التي تعرف بـ”المساعدات الأميركية”، لسد رمق أطفالهم في ظل الانهيار الكامل للمنظومة الإنسانية.
وترافق هذه الهجمات حصار خانق وإغلاق كامل للمعابر، مع منع دخول المساعدات الإنسانية، ما أدى إلى تفشي المجاعة على نطاق واسع وظهور أمراض مرتبطة بسوء التغذية، خاصة بين الأطفال والنساء.
في اليوم الـ142 من استئناف الحرب الإسرائيلية على غزة، بعد خرق اتفاق وقف إطلاق النار، ركز سلاح الجو الإسرائيلي ضرباته على مناطق قريبة من مراكز توزيع المساعدات، مستهدفا بشكل مباشر تجمعات مدنية.
استشهد وأصيب العديد من المجوّعين ومنتظري المساعدات نتيجة استهدافهم بنيران الاحتلال في شمال وجنوب قطاع غزة، في وقت يدعي الاحتلال عمله من أجل توفير “ممرات آمنة” وإتاحة الوصول إلى حمولات المساعدات التي يتم إسقاطها من الجو على القطاع.
وتتزامن هذه الجرائم مع سياسة ممنهجة لتجويع السكان ومنع دخول المساعدات، ما تسبب بوفاة عشرات المدنيين، معظمهم أطفال، جراء سوء التغذية ونقص الخدمات الطبية.
ورغم تصاعد الانتقادات والاتهامات الدولية لإسرائيل بارتكاب “جرائم إبادة جماعية” واتباع “سياسة تجويع ممنهجة”، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن نية رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو المضي قدمًا نحو “احتلال كامل لقطاع غزة”.
استشهد أكثر من 80 شخصا في قطاع غزة، الثلاثاء، بينهم 57 على الأقل من طالبي المساعدات، فيما دخلت الحرب الإسرائيلية يومها الـ669 على التوالي، وسط استمرار الجرائم بحقّ المدنيين، تشمل القتل والتدمير والتهجير والتجويع، في ظلّ حصار خانق وإغلاق المعابر.
ارتفاع حصيلة الضحايا
أعلنت مصادر طبية، يوم الثلاثاء، ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 61,020، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وأضافت المصادر ذاتها، أن حصيلة الإصابات ارتفعت إلى 150,671، منذ بدء العدوان، في حين لا يزال عدد من الضحايا تحت الأنقاض، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
وأشارت إلى أنه وصل إلى مستشفيات قطاع غزة 87 شهيدا (8 شهداء منهم انتُشلت جثامينهم)، و644 مصابا خلال الساعات الـ24 الماضية، فيما بلغت حصيلة الشهداء والإصابات منذ 18 آذار/ مارس الماضي بعد خرق الاحتلال اتفاق وقف إطلاق النار 9,519 شهيدا، و38,630 مصابا.
وأوضحت أن حصيلة من وصل إلى المستشفيات من شهداء المساعدات خلال الساعات الـ24 الماضية 52، والإصابات 352، ليرتفع إجمالي شهداء لقمة العيش ممن وصلوا إلى المستشفيات إلى 1,568، والإصابات إلى 11,230.
مجازر متواصلة.. شهداء وجرحى
استشهد عدد من المواطنين وأصيب آخرون، مساء يوم الثلاثاء، في قصف للاحتلال الإسرائيلي شمال غرب قطاع غزة.
وأفادت مصادر محلية بأن القصف استهدف منتظري المساعدات الإنسانية في منطقة السودانية شمال غربي قطاع غزة.
واستشهد 7 مواطنين من منتظري المساعدات قرب محور موراج جنوب مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.
كما استشهد 6 مواطنين في قصف مجموعة من المواطنين في منطقة الكرامة شمال غرب مدينة غزة.
وأعلنت مصادر طبية، استشهاد 31 مواطنا بنيران الاحتلال منذ فجر اليوم بينهم 14 من طالبي المساعدات.
استشهد عدد من المواطنين وأصيب آخرون، مساء يوم الثلاثاء، في قصف الاحتلال الإسرائيلي مناطق مختلفة في قطاع غزة.
وأفادت مصادر طبية، باستشهاد 6 مواطنين وإصابة عدد آخر من بينهم بجروح حرجة، بعد قصف للاحتلال استهدف عناصر تأمين مساعدات شمال القطاع.
كما استشهد 5 مواطنين وأصيب آخرون، بعد قصف لطيران الاحتلال بالقرب من برج الأندلس شمال غرب مدينة غزة.
واستشهد مواطن بعد قصف استهدفه في منطقة ارميضة في بلدة بني سهيلا شرق خان يونس جنوب قطاع غزة.
ونفذ جيش الاحتلال عمليات نسف جديدة في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، كما جددت مدفعية الاحتلال قصفها لعدة مواقع شرق مخيم البريج وسط قطاع غزة.
أعلنت مصادر طبية في قطاع غزة، يوم الثلاثاء، وفاة 8 مواطنين، نتيجة المجاعة وسوء التغذية، سجّلتها مستشفيات قطاع غزة، خلال الساعات الـ24 الماضية.
وأفادت المصادر الطبية، بأن من بين الـ8 حالات طفلا و7 بالغين، ليرتفع العدد الإجمالي لضحايا المجاعة وسوء التغذية إلى 188 شهيدًا، من بينهم 94 طفلًا.
يشار إلى أن الأزمة الإنسانية في قطاع غزة مستمرة في التفاقم، في ظل الحصار ونقص الإمدادات الغذائية والطبية، إذ تتداخل المجاعة القاسية مع حرب إبادة جماعية تشنها إسرائيل، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وتغلق سلطات الاحتلال منذ 2 آذار/ مارس 2025 جميع المعابر مع القطاع، وتمنع دخول معظم المساعدات الغذائية والطبية، ما تسبب في تفشي المجاعة داخل القطاع.
وكانت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، قد حذرت من أن سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة قد تضاعف بين آذار/مارس وحزيران/يونيو، نتيجة لاستمرار الحصار.
وأكدت منظمة الصحة العالمية أن معدلات سوء التغذية في غزة وصلت إلى مستويات مثيرة للقلق، وأن الحصار المتعمد وتأخير المساعدات تسببا في فقدان أرواح كثيرة، وأن ما يقارب واحدا من كل خمسة أطفال دون سن الخامسة في مدينة غزة يعاني سوء تغذية حادا.
الأمم المتحدة: التقارير عن إعلان نتنياهو نيته توسيع الحرب إلى احتلال كامل لقطاع غزة مخيفة للغاية
حذر مسؤول كبير في الأمم المتحدة، الثلاثاء، من أن احتلال غزة يهدد بـ”تداعيات كارثية”، بعد أن أوردت تقارير بأن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو ينظر في احتلال كامل للقطاع المدمر.
وقال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون أوروبا ووسط آسيا والأميركيتين، ميروسلاف جينكا، خلال اجتماع لمجلس الأمن، إن توسيع نطاق الحرب “يهدد بتداعيات كارثية على ملايين الفلسطينيين، وقد يشكل خطرا أكبر على أرواح من تبقى من الرهائن في غزة”.
وأضاف جينكا “ما من حل عسكري للنزاع في غزة أو للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني الأوسع نطاقا”.
خبراء الأمم المتحدة يدعون إلى تفكيك مؤسسة غزة الإنسانية فورًا
أعرب خبراء الأمم المتحدة يوم الثلاثاء عن قلقهم البالغ إزاء عمليات مؤسسة غزة الإنسانية، قائلين إن الفلسطينيين يدفعون الثمن الباهظ لفشل المجتمع الدولي القانوني والسياسي والأخلاقي.
وأشار اء إلى أنه بموجب القانون الإنساني الدولي، تقع على عاتق إسرائيل، بصفتها القوة المحتلة، التزامات ملزمة تجاه السكان الخاضعين لسيطرتها. ووفقًا لاتفاقية جنيف الرابعة وقواعد لاهاي، يجب حماية المدنيين في الأراضي المحتلة وتوفير الخدمات الأساسية لهم. كما يجب حماية عمليات الإغاثة الإنسانية وتسهيلها، مع الالتزام الصارم بمبادئ الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلال.
وقال اء: “إن مؤسسة الإغاثة الإنسانية العالمية، وهي منظمة غير حكومية أنشأتها إسرائيل في فبراير/شباط 2025، بدعم من الولايات المتحدة، لتوزيع المساعدات المزعومة في غزة، تعدّ مثالاً مقلقاً للغاية على كيفية استغلال الإغاثة الإنسانية لتحقيق أجندات عسكرية وجيوسياسية سرية، في انتهاك خطير للقانون الدولي”. وأضافوا: “إن تشابك الاستخبارات الإسرائيلية والمتعاقدين الأمريكيين والجهات غير الحكومية الغامضة يبرز الحاجة الملحة إلى رقابة دولية صارمة وتحرك دولي قوي تحت رعاية الأمم المتحدة”.
وتابعوا: “في أي ظرف من الظروف، عندما تغضّ الطرف عن جرائم الحرب مقابل إغاثة مؤقتة، يمكن أن يصبح الإفلات من العقاب أمراً طبيعياً. ومع ذلك، في هذه الحالة، نترك دولة متهمة بالإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية مسؤولة عن إطعام السكان المتضررين من الإبادة الجماعية دون رقابة ودون عقاب. هذا النفاق المعلن مقلق”. وأردفوا: تواصل القوات الإسرائيلية والمتعاقدون العسكريون الأجانب إطلاق النار عشوائيًا على طالبي المساعدة فيما يسمى “مواقع التوزيع” التي تديرها منظمة الإغاثة الإنسانية العالمية (GHF)، منذ إنشائها لتولي مهام كانت تؤديها سابقًا وكالات الأمم المتحدة، وأبرزها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). قتل ما يقرب من 1400 شخص وجرح أكثر من 4000 آخرين أثناء بحثهم عن الطعام. وقتل ما لا يقل عن 859 شخصًا حول مواقع منظمة الإغاثة الإنسانية العالمية منذ بدء عملياتها في أواخر مايو/أيار 2025. ويصعب الوصول إلى هذه المواقع بشكل خاص من قِبل الفئات الأكثر ضعفًا، مثل النساء والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن. وقال اء إن وصفها بـ”الإنسانية” يضيف إلى تمويه إسرائيل الإنساني، ويعدّ إهانةً للمؤسسات والمعايير الإنسانية.
يأتي هذا التطور المأساوي في ظلّ النزوح القسري لأكثر من 90% من السكان، ووصول عدد القتلى إلى أكثر من 60 ألف شخص في غزة. في الأسابيع القليلة الماضية فقط، أفادت وزارة الصحة في غزة عن 180 حالة وفاة بسبب سوء التغذية، من بينهم 93 طفلاً.
وقال اء: “إن رؤية الأطفال يموتون جوعاً بين أحضان آبائهم يجب أن تخرجنا من تهاوننا”.
وأضافوا: “انّ منع أو تأخير المساعدات ليس عملاً غير إنساني فحسب، بل هو جريمة حرب، حيث يقصد به تجويع المدنيين، وفي سياق إبادة جماعية موثقة جيداً ومدانة عالمياً”.
وتابعوا: “انّ تأمين الوصول إلى الغذاء والماء والدواء والخدمات الأساسية ليس عملاً خيرياً، بل هو واجب قانوني، لا سيما في الأراضي الفلسطينية المحتلة بشكل غير قانوني”. يجب أن نتذكر أن محكمة العدل الدولية قد وجدت أن الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني، وأمرت إسرائيل بسحب قواتها، وتفكيك المستوطنات، والتوقف عن استغلال الموارد الفلسطينية، مع استمرارها في الفصل العنصري بين الفلسطينيين.
وتابعوا: “يجب على إسرائيل الامتثال لقرار محكمة العدل الدولية، وعلى الدول الأعضاء دعم إنفاذه”.
وقالوا: “بدون مساءلة واضحة، قد تصبح فكرة الإغاثة الإنسانية في نهاية المطاف ضحية للحرب الهجينة الحديثة”.
وتابعوا: “يجب استعادة مصداقية وفعالية المساعدات الإنسانية من خلال تفكيك صندوق الإغاثة العالمي، ومحاسبته ومديريه التنفيذيين، والسماح للجهات الفاعلة الإنسانية ذات ة من الأمم المتحدة والمجتمع المدني على حد سواء باستعادة زمام إدارة وتوزيع المساعدات المنقذة للحياة”.
وحث خبراء الأمم المتحدة الدول الأعضاء على فرض حظر كامل على توريد الأسلحة إلى إسرائيل بسبب انتهاكاتها المتعددة للقانون الدولي، وكذلك تعليق اتفاقيات التجارة والاستثمار التي قد تضر بالفلسطينيين، ومحاسبة الشركات.
إدارة ترامب ستتولى إدارة المساعدات الإنسانية في غزة..وتنتظر تمويل عربي
ناقش المبعوث الخاص ستيف ويتكوف والرئيس ترامب خططًا لزيادة دور الولايات المتحدة بشكل كبير في تقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة في اجتماع عُقد مساء يوم الاثنين في البيت الأبيض، وفقًا لمسؤولين أمريكيين ومسؤول إسرائيلي مطلع على القضية. حسب أكسيوس.
وصلت مفاوضات وقف إطلاق النار إلى طريق مسدود، ويتجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نحو توسيع نطاق الحرب بشكل كبير، ويشعر المسؤولون الأمريكيون بالقلق من المزيد من إراقة الدماء، لكنهم لم يعترضوا بشكل قاطع بعد. كما أن خطة المساعدات الغذائية الجديدة التي وعد بها ترامب الأسبوع الماضي لم تُستكمل بعد.
وصل ويتكوف من ميامي للقاء ترامب على العشاء يوم الاثنين، وفقًا للمصادر، بعد زيارة قام بها الأسبوع الماضي إلى إسرائيل وغزة.
صرح مسؤول أمريكي بأنه تقرر أن تتولى إدارة ترامب إدارة الجهود الإنسانية في غزة لأن إسرائيل لا تُديرها بشكل كافٍ.
ولم يُفصح المسؤول عن طبيعة الدور الأمريكي، لكنه قال إن دولًا خليجية مثل قطر ستساهم بأموال، ومن المرجح أن تشارك الأردن ومصر أيضًا. لم يستجب البيت الأبيض لطلبات التعليق.
ترامب “غير متحمس” لفكرة تولي الولايات المتحدة زمام الأمور، “لكن لا بد من حدوث ذلك”، كما قال المسؤول. “لا يبدو أن هناك سبيلاً آخر”.
“مشكلة المجاعة في غزة تتفاقم. دونالد ترامب لا يعجبه ذلك. لا يريد أن يموت الأطفال جوعًا. يريد أن تتمكن الأمهات من إرضاع أطفالهن. لقد أصبح مهووسًا بهذا الأمر”، تابع المسؤول.
وقال مسؤول أمريكي ثانٍ إن الإدارة ستحرص على عدم التورط أكثر من اللازم في أزمة غزة.
وأضاف المسؤول: “لا يريد الرئيس أن تكون الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي تُنفق الأموال على هذه المشكلة. إنها مشكلة عالمية. وقد كلف ويتكوف وآخرين بالتأكد من تكثيف جهود الجميع، أصدقائنا الأوروبيين والعرب”.
وتدعم إسرائيل الدور الأمريكي المتزايد، وفقًا لمسؤولين أمريكيين ومسؤول إسرائيلي.
وأكد المسؤول الإسرائيلي أن الولايات المتحدة تعتزم تولي زمام المبادرة في القضية الإنسانية من أجل زيادة مستوى المساعدات الواردة إلى غزة. قال المسؤول الإسرائيلي: “سينفقون أموالاً طائلة لمساعدتنا على تحسين الوضع الإنساني بشكل ملحوظ، بحيث يصبح أقل وطأة”.
يتزايد قلق البعض في الإدارة الأمريكية إزاء اقتراح نتنياهو توسيع نطاق الحرب.
أثار نتنياهو هذا الاحتمال خلال زيارة ويتكوف الأسبوع الماضي، وناقشه مع البيت الأبيض هذا الأسبوع أيضًا، وفقًا لما ذكره مسؤول إسرائيلي لموقع أكسيوس.
أكد المسؤولون الإسرائيليون تحالفهم التام مع واشنطن.
يُثير التوسيع المقترح جدلاً واسعاً، ليس فقط لأنه يستلزم احتلال قطاع غزة بأكمله، بما في ذلك مناطق مثل مدينة غزة، بل أيضاً لأنه يعني الانتقال إلى مناطق تعتقد إسرائيل أن الرهائن محتجزون فيها، وأحجمت قوات الجيش الإسرائيلية عن مهاجمة تلك المناطق خوفاً من قتل الرهائن عن طريق الخطأ.
وحذر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، ومسؤولون أمنيون كبار آخرون، نتنياهو من مثل هذه العملية. وفقًا لمسؤولين إسرائيليين، أبلغ زامير نتنياهو أن مثل هذه الخطوة ستُعرّض الرهائن للخطر، وقد تؤدي إلى حكم عسكري إسرائيلي في غزة بمسؤولية كاملة عن مليوني فلسطيني.
ومع ذلك، من المتوقع أن يعقد مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي اجتماعًا يوم الخميس، ويوافق على خطة الاحتلال الكامل لغزة.
وزعم مسؤول إسرائيلي أن نتنياهو يعمل على “تحرير الرهائن من خلال هزيمة حماس عسكريًا” لاعتقاده أن “حماس غير مهتمة بالتوصل إلى اتفاق”.
وفي الوقت نفسه، سيتم إدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق الواقعة خارج مناطق القتال “وبقدر الإمكان إلى المناطق الواقعة خارج سيطرة حماس”، وفقًا للمسؤول.
وقد تُعيق خطة نتنياهو لتصعيد الحرب آمال ترامب في زيادة المساعدات بشكل كبير وتخفيف الأزمة الإنسانية.
جنود الاحتلال يصطادون الجوعى كالعصافير شمال غزة
بدأ قاع الشمس يلامس قمة بحر غزة لتلقى بأشعتها الصفراء على آلاف المواطنين العائدين كاشفة عن وجوه شاحبة وعيون ذابلة يملأها اليأس لعودتهم بأيدٍ فارغة بعد انتظار ساعات طوال لشاحنات المساعدات في أشعة الشمس اللاهبة أقصى شمال غرب قطاع غزة قرب الحدود مع قرية “هربيا” المحتلة.
أفواج من آباء وأبناء وأمهات، تغطت ملابس بعضهم بالطحين، آخرون تلطخت بالوحل، أو بدمائهم ودماء زملاء لهم عائدين في انتظار جولة صراع أخرى من أجل سد رمق أطفالهم وسط المجاعة التي تضرب قطاع غزة بسبب الحصار الإسرائيلي الخانق.
ثلاثة شبان مصابون على كارة يجرها حمار بالكاد يستطيع السير، أحدهم أصيب بإطلاق نار في ظهره والثاني في ساقيه اللتين تنزفان دما وقد ربط أصدقاؤه ساقيه في محاولة لوقف النزيف. أما الثالث فقفز عن شاحنة الطحين وداسته الأقدام فأغمي عليه كما قال مرافقوهم.
لم يستطع الحمار الهزيل جر الكارة فأحاط مجموعة من الشبان بالكارة ودفعوها ليساعدوه في الوصول لمستشفى حمد.
آخرون حملوا فتى على طبلية الشحن وهرولوا به في الطريق الوعر إلى المستشفى وهو يصرخ راجيا أن يتواصل أحد مع والده الذي غاص وسط الزحام، لا يعلم ما إذا كان أبوه قد قتل أو نجى. “أبي ذهب ليأتي بالطحين، لا أعلم أين هو.”
لم يلتفت العائدون كثيرا لسيارات الإسعاف وعربات “التوكتوك” وكارات تجرها الدواب، التي تنقل مصابين وشهداء، فالمشهد بات “مألوفا”.
احمد لبد، (33 عاما)، يحمل كيسا فارغا ويمشي بتثاقل بملابس تلطخت بالطحين، قال إنه أمضى النهار كاملا لكنه لم يستطع الحصول على شيء لأن جنود الاحتلال يفتحون النار فيقتلون ويصيبون ولأن عدد الشاحنات التي تحمل طحينا بالكاد تكفي للحي الذي يعيش فيه فيما عدد المتواجدين عشرات أو مئات الآلاف.
“لم احصل على شيء والأمر جد خطير، ربما أعود ثانية حسب الحاجة فالجوع لا يسكته إلا الطعام ولدينا أطفال والبدائل عندنا قد نفدت”، قال لبد.
وأضاف أنه يشعر بحسرة، فبعد أن درس “تخاطب وسمعيات” في جامعة عين شمس بجمهورية مصر العربية وعمل في مؤسسة دولية قبل الحرب، الآن يضطر أن يلهث وراء حفنة طحين.
وقال عبد الرازق المبحوح، (23 عاما)، إنه قضى 11 ساعة في الانتظار لكنه لم يستطع التقاط شيء، “موت محتم وزحام وارتطم جسم صلب في رأسي لا أعرف ما هو، أغمي علي وساعدني البعض في التنحي جانبا ثم هربت دون أن أحصل على أي شيء.”
وأضاف، أنه من المفترض أن يحضر في هذه الآونة لحفل تخرجه من الجامعة، تخصص تكنولوجيا معلومات، لكنه بات مثل المتسولين الآن.
عشرات الآلاف عادوا فارغي اليدين لكن بعضهم آثر ألا يعود إلا محملا، فمنهم من حمل طبلية الشحن الخشبية لبيعها كحطب أو جمع الصناديق الكرتونية الفارغة أو بضعة أغصان جافة لاستخدامها كوقيد للطبخ.
ويعاني المواطنون في قطاع غزة من جائحة التجويع بسبب حصار تفرضه قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ أوائل آذار/ مارس الماضي تمنع فيه دخول الطعام والأدوية ما أدى لوفاة 188 مواطنا جوعا بينهم 94 طفلا.
كما ارتفع إجمالي شهداء لقمة العيش إلى 1,516، والإصابات إلى 10,067.
وبدأت قوات الاحتلال، أواخر أيار/ مايو، السماح لشركة غربية مثيرة للجدل بتوزيع صناديق مواد غذائية، بإشراف قوات الاحتلال، في نقاط محددة بقطاع غزة لكنها تطلق النار على منتظري المساعدات فقتلت أكثر من 1500 جائع وأصابت أكثر من 10 آلاف.
وكانت قوات الاحتلال تسمح بدخول ما معدله 600 شاحنة يوميا مع أنها لم تكن كافية أما اليوم فتسمح بين الفينة والأخرى لمعدل 60 فقط، وفقا لمصادر محلية في غزة.
في مستشفى حمد كان الطفل نضال عزيز، (12 عاما)، بجانب عمه الملقى على متن “توكتوك” بانتظار من يمد يد العون، وأفواج من الجرحى والشهداء يصلون بشكل يفوق طاقة الطاقم الطبي الذي يتضور جوعا.
وقال نضال: إن عمه وقع بين الزحام وتعرض للخنق وداست عجلات الشاحنة عليه.
أما الفتى أيمن السرساوي، فكان يصرخ بسبب “الكهرباء” التي يشعر بها في ذراعه بعد أن أصيب برصاصة من جنود الاحتلال.
وكان أيمن يصرخ وينادي أي شخص لديه هاتف ليخبر أباه بإصابته. “أبي لا يعرف أنني هنا، لن أعود ثانية أبدا.”
من المحظوظين كانت امتثال حمام، امرأة أربعينية، كانت تحمل نصف كيس طحين على ظهرها وتمشي بتثاقل.
ألقت الكيس عن ظهرها لتلتقط أنفاسا قبل أن تواصل المسير وقالت لمراسل “وفا” إنها التقطت كيسا لما يقارب 20 شخصا من أهلها وأبناء أخويها “ضياء” و”حسام” اللذين قتلهما الاحتلال الإسرائيلي خلال الحرب.
“وأنا بين الناس هال عليّ عدد كبير من الرجال، صارعت للخروج من بينهم ثم حاول رجل انتزاع الكيس لكني مسكت به ورفضت التنازل عنه” قالت امتثال.
أما عمر أبو غزال، (31 عاما)، فحمل بعض الطحين وعلبة معجون البندورة، وقال إنه انتظر 11 ساعة (منذ التاسعة صباحا) حتى يحصل على نصيبه.
وأشار أبو غزال، الذي خسر 27 كيلوغراما من وزنه، إلى أنه اضطر للوصول هنا بسبب الجوع الذي يضرب غزة وتعاني منه عائلته غير آبه بخطر الموت المحدق بالجميع.
ووجّه نصيحة للمواطنين بعدم التوجه لأماكن توزيع المساعدات لأن جنود الاحتلال يقتلون دون هوادة سواء عبر إطلاق نار من الدبابات أو من دُشم المراقبة أو المسيرات.
“جنود الاحتلال يصطادوننا كالعصافير، لا يتعاملون معنا كبشر”، وأشار إلى أنه قبل يومين وصل مع صديقه ثم عاد به محمولا على طبلية الشحن الخشبية ودفنه.
الجحافل لا تزال تعود خائبة دون أن تحمل شيئا، مشترون جوالة ينادون من يرغب في بيع ما استطاع انتشاله، غالبيتهم الساحقة رفضوا البيع.
واشار أبو غزال إلى أنه لن يبيع ما لديه بغض النظر عن الثمن. “أملي معدتي ومعدة اخواني أهم من أن أملأ جيبي، هذا للأكل وليس للبيع”.
استمرت حشود “الخائبة” في العودة بصمت ليدخلوا شارع “شارع المخابرات” الذي سحقه جنود الاحتلال، دمار 13 برجا سكنيا ومئات العمارات الفارهة، وخيام نازحين على الجانبين، بعض المواطنين يقطنون بما تبقى من بيوتهم المدمرة أو ينصبون خياما بجانبها وأطفال يلقون حجارة في بقع مجارٍ لينثروا رائحة معتقة بعد أن اشتهر الشارع بالزحام و24 ساعة من الحياة وصالات أفراح ومخابز مطاعم ومحال صناعة الحلويات.