ما مصير “ائتلاف الأغلبية” بعد انسحاب حركة البناء؟
اتضح بما لا يدعو مجالا للشك، مثلما أوردت “” أمس، بأن التحالف الرباعي بين أحزاب الأغلبية البرلمانية تصدع قبل أن يكتمل تكوينه، وتأكدت كل المؤشرات التي كانت توحي بوجود خلافات جوهرية وعميقة داخل الكيان السياسي الجديد، بل تحولت في الساعات القليلة الماضية الى مواقف وقرارات تجلت في تجميد حركة البناء الوطني لعضويها، وانسحاب ممثلها من اجتماع اللجنة، بعد مشادات كلامية مع ممثل حزب جبهة التحرير الوطني.
وكانت “” قد عددت المؤشرات الدالة على وجود أزمة بين قادة الائتلاف، والمرصودة على مدار الأيام الماضية، وتجلت في انزعاج الأعضاء من مسارعة واحد منهم وهو حركة البناء الوطني، إلى ترشيح الرئيس تبون للانتخابات الرئاسية المقبلة، بشكل انفرادي، الى جانب التراشق في التصريحات بين عضوين بارزين في التكتل.
ومن أبرز مظاهر بداية انفراط عقد التحالف جزئيا، تراشق التصريحات والتلميحات بين أمين عام حزب جبهة التحرير الوطني، ورئيس حركة البناء الوطني، على خلفية مسألة ترشيح الرئيس تبون لعهدة ثانية، حيث يراها عبد الكريم بن مبارك بأنه تصرف متسرع وقرار انفرادي من قبل شريكه في التحالف عبد القادر بن قرينة ويقتضي أن تكون في إطار التحالف، بينما يبرر الثاني بأنها قرار سيد من قبل مجلس الشورى ويلزم حركته دون غيرها.
ومن بين المؤشرات التي تؤكد وجود اختلاف في التصور والمنهج والأدوات، انخراط رئيس حركة البناء الوطني، في تشكيل ما يمكن وصفه بـ “تحالفات موازية” مع قادة أحزاب أخرى، الأمر الذي جعل بن قرينة يبدو كمن جالس على كرسيين.
وفُهم من تصريحات بن قرينة ومن مصادر داخل التكتل، أنها بمثابة رد غير مباشر على تصريحات الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، عبد الكريم بن مبارك، عندما أبدى انزعاجا، وراح يقول إن الحزب يقود ولا يُقاد وسيظل القاطرة التي تجر العربات، في إشارة واضحة إلى الخلاف حول مسألة الترشيح للرئاسيات.
وبتجميد حركة البناء الوطني لعضويتها في الائتلاف الجديد، يكون هذا الأخير قد صار ثلاثيا، يجمع “الأفالان” و”الأرندي” وجبهة المستقبل، وتحيط به تساؤلات عديدة حول مصيره ومدى قابليته لانضمام أحزاب أخرى تقاسمه نفس التصور والتوجهات، حتى وإن لم تكن من الأغلبية البرلمانية.