أمد/ في زمنٍ عزّ فيه الثبات، وقلّت فيه النماذج التي تمشي بين الناس كما تمشي النار في الهشيم،
ظهرت ليلى غنام لا كمسؤولةٍ متعالية، بل كابنة الأرض التي لا تفصلها عن شعبها حواجز ولا بروتوكولات.
امرأة فلسطينية خرجت من بين الناس، وبقيت في خدمتهم، تخطو على دروبهم، وتشاركهم جراحهم وهمومهم،
كما لو كانت أماً لكل شهيد، وأختاً لكل جريح، وابنةً لكل أسير.
الوجه الآخر للقوة
ليلى غنام ليست مجرد اسم في سجلّ المناصب؛
هي ملامح وطن، وصرخة حق، وتجسيد حيّ لشموخ المرأة الفلسطينية.
تمشي في صفوف الجماهير بلا حراسة مشددة، ولا مظاهر استعلاء،
وكأنها واحدة من نساء المخيمات اللواتي يحملن الحطب على ظهورهن، ويمضين بالحياة رغم الجراح.
شجاعتها لا تصرخ… بل تُرى، تُلمس، وتُعاش.
تواجه المواقف الحاسمة بثبات لا تملكه جيوش،
وتخوض معارك الحياة الاجتماعية والسياسية بضمير لا يعرف المساومة.
رأيناها في ميادين المواجهة، كما رأيناها في بيوت الفقراء،
تحتضن أمّ شهيد، وتربت على كتف مكلوم، وتخاطب الجميع بلغة القلب، لا بلغة السلطة.
أنوثة لا تُكسر، وقوة لا تُباع
لم تتخلَّ ليلى غنام عن أنوثتها، لكن تلك الأنوثة كانت دومًا محصّنة بالعزّة والهيبة.
لم تكن امرأة تبحث عن مجدٍ شخصي، بل كانت تسعى لحماية كرامة الناس،
وإعلاء راية فلسطين في كل موقف.
لم تحتمي بكرسيّ، بل احتمت بالحب الشعبي، وهو أقوى درع يمكن لإنسان أن يحمله.
صوت الناس… ونبضهم
لم تكن صوتًا فوقيًّا يعلو على هموم الناس، بل كانت هي صوتهم.
تدخل البيوت كما تدخل القلوب: دون استئذان، لأن الجميع يعرف أنها منهم، ولهم، ومعهم.
كانت —وما زالت— النموذج الذي يثبت أن المناصب لا تصنع العظمة، بل الإنسانية.
ليلى… في وجه العاصفة
في وجه الاحتلال، وفي وجه الفقر، وفي وجه الوجع الفلسطيني الذي لا يهدأ،
كانت ليلى غنام واقفة كجبل، سامقة كزيتونة، شامخة كمنارة لا تنطفئ.
لم تنحنِ إلا لتواسي أمًا، أو تقبّل يد عجوز، أو تحتضن طفلاً يبكي وطنه.
في ختام سطور مقالي:
منارة لا تنطفئ
في حضرة ليلى غنام، تقف الكلمات احترامًا،
لأننا أمام امرأة ليست ككل النساء، بل رمز من رموز النضال الفلسطيني،
تُشبه الأرض التي لا تخون، والوطن الذي لا يموت.
ولأن الرموز لا تُحتمل في زمن الوضيعين،
ولأن الشرفاء يُرعبون المُتصيدين،
كان طبيعيًا أن تتعرض هذه القامة الفلسطينية لهجومٍ رخيص تقوده صفحات مأجورة، لا تجيد سوى بث الفتن والتشويه.
لكنهم ينسون أن ليلى غنام لم تصنعها الأضواء، بل صنعها الشارع الفلسطيني النقي،
وأن من يخدم الناس بصدق لا تهزه أبواق الفتنة.
ومن يتطاول عليها، لا يطعنها وحدها، بل يطعن كل فلسطيني حر.
فليعلموا أن صوت الحق لا يُسكت،
وأن الشجرة المثمرة وحدها تُرشق بالحجارة.
وأن ليلى غنام… ستبقى.
ـ ليلى غنام رمز وطني… ومن يهاجمها ساقط أخلاقيًا ووطنياً.