أمد/ باريس: كشف تقرير استناداً إلى تقييم استخباراتي إسرائيلي “سري” أن المنشآت النووية الإيرانية “لم تُدمّر بشكل كامل” إثر الضربات التي وجهتها لها تل أبيب وواشنطن خلال حرب الـ 12 يوماً في يونيو/ حزيران الماضي، مشيرة إلى أن هذا الفشل “خطير”؛ إذ سيتيح لطهران إنتاج القنبلة في النهاية.
ووفق تقرير لصحيفة “لو فيغارو”، فإن التقييم الحديث الذي تمّت مشاركته مع السلطات الفرنسية، يفنّد مزاعم الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، التي أعلن فيها “تدمير كامل البرنامج النووي الإيراني” في تصريحات أدلى بها في 26 يونيو الماضي.
ونقلت الصحيفة عن مصدر دبلوماسي فرنسي مقرب من قصر الإليزيه، أن المخابرات الإسرائيلية أكّدت بأن الضربات أدت إلى تدمير مواقع تصنيع أجهزة الطرد المركزي ومعظم المنشآت المخصصة لتخصيب اليورانيوم، خاصة في موقعي فوردو ونطنز.
وفي المقابل، أقرّت المخابرات الإسرائيلية أن الإيرانيين لا يزالون يحتفظون ببعض تلك المعدات، على الرغم من أن عددها قليل جداً لاستئناف البرنامج على المدى القريب، معتبرة أن هذا الأمر مجرد “مسألة وقت”، حيث يمكن لطهران إعادة بناء قدراتها تدريجياً.
كما أكد التقييم الاستخباراتي الإسرائيلي أنّ طهران احتفظت بكامل مخزونها من المواد النووية اللازمة لإنتاج قنبلة نووية، مقدراً بحوالي 450 كيلوغراماً من اليورانيوم في شكل غازي، وهذا المخزون يتطلب تخصيباً بنسبة تتراوح بين 20% و60% للاستخدامات المدنية، بينما يحتاج الاستخدام العسكري إلى تخصيب بنسبة 90%.
وأوضح المسؤولون الإسرائيليون أن عملية التخصيب هذه لا تحتاج إلا إلى مساحة 250 متراً مربعاً، وهي متاحة بسهولة للسلطات الإيرانية، إضافة إلى ذلك، تحتفظ طهران بكامل خبراتها العلمية رغم اغتيال أكثر من اثني عشر عالماً نووياً مرتبطاً بالبرنامج.
ومع ذلك، يشير التقييم إلى تحديات إضافية في بناء سلاح نووي فعّال، فالتخصيب إلى 90% لا يكفي وحده؛ إذ يجب تحويل اليورانيوم الغازي إلى معدن اليورانيوم للاستخدام العسكري، وهذه العملية تتطلب خبرة واسعة، مع وجود جوانب مجهولة في قدرات إيران بهذا الشأن.
كذلك، يظل السؤال حول الناقل الذي يمكن استخدامه لإيصال الحمولة النووية دون حل نهائي، على الرغم من وجود مشاريع متقدمة في هذا المجال.
من جهة أخرى، أكدت هذه التبادلات الاستخباراتية بين إسرائيل وفرنسا على مستوى عالٍ من المعلومات المتاحة لدى الإسرائيليين عن إيران، إذ يعتمدون على شبكة جواسيس الموساد المخترقة للأراضي الإيرانية منذ زمن طويل، إضافة إلى أجهزة استشعار تقنية متقدمة.
ووفق “لوفيغارو” فإن هذا يُمكّن تل أبيب من رصد أي استئناف للبرنامج النووي، خاصة من خلال إنشاء مختبرات جديدة، في الوقت الذي تؤكد فيه إسرائيل استعدادها لشن هجمات جوية وكوماندوزية جديدة إذا أظهر البرنامج زخماً جديداً.
لكن الهدف هذه المرة سيكون النظام الإيراني نفسه، بما في ذلك الأهداف السياسية والاقتصادية، وليس الترسانة النووية فقط، وفق الصحيفة الفرنسية.
ومع ذلك، لا تبدو إسرائيل في عجلة من أمرها لشن هجوم واسع النطاق، حيث تحتاج إلى إعادة بناء قدراتها المضادة للطائرات التي أثبتت فعاليتها خلال الحرب القصيرة في يونيو.
كما تعبر عن عدم معارضتها لفكرة اتفاق نووي جديد، بشرط وقف تام لجميع عمليات تخصيب اليورانيوم ودعم الوكلاء مثل حزب الله والحوثيين، أما بالنسبة لفرنسا، فإن لهذه التبادلات قيمة بشكل خاص، حيث أوقفت أجهزة الاستخبارات الأمريكية جميع أشكال التعاون مع شركائها الأوروبيين بشأن القضية النووية الإيرانية منذ نهاية يونيو.
يعود ذلك إلى إصرار ترامب على روايته بتدمير البرنامج بشكل كامل؛ ما يجعل أي نقاش مخالف تحدياً لكلمته. وفي مثال على ذلك، أقيل رئيس وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية، الفريق جيفري كروز، في 22 أغسطس/آب، بعد نشر تقرير يقدر أن البرنامج الإيراني تأخر “بضع سنوات” لكنه لم يدمر، ثم تسريبه إلى الصحافة؛ ما أثار غضب الرئيس الأمريكي.