أمد/ كتب حسن عصفور/ حملت الوثيقة الموقعة في شرم الشيخ يوم 13 أكتوبر 2025، من قبل ترامب، السيسي، تميم وأروغان، تسمية اتفاقية إعلان السلام في غزة، تسمية تحمل علامات استفهام سياسية واسعة، بالشكل والمضمون، فما حدث ليس سوى وقف حرب الإبادة الجماعية، وما يرتبط بها من آليات لاحقة، عرفت بمتطلبات اليوم التالي، فقطاع غزة ليس كيانا منفصلا يوقع له اتفاقية سلام مع أي طرف.
كان بالإمكان الحفاظ على مسمى الاتفاق الأول الموقع يوم 9 أكتوبر 2025، بأنه إعلان الزامي لتنفيذ خطة ترامب، أي كان الموقف منها، ما دام تم الاتفاق عليها، والبحث فيما سيكون بدلا من الدخول في نفق سياسي خطير، يمس جوهر القضية الفلسطينية، خاصة وأن الإعلان يتحدث عن الفلسطينيين ولا يشير إلى الحالة الكيانية ذاتها، وهو تعميم لا يمكن اعتباره “عفويا” سياسيا وقانونيا، خاصة وأن الطرف الأمريكي له موقف صريح ضد الكيانية الموحدة.
وتأكيدا بأن التعميم الذي جاء في الإعلان حول الفلسطينيين لم يكن عفويا، عودة لخطاب ترامب في كنيست دولة العدو الاحلالي، حين تحدث تفصيلا عن حقهم وحياتهم وكل ما له صله بأمنهم، وأن فجر جديد بشرق أوسط جديد، وأن هذا هو العصر الذهبي لإسرائيل، مقابل المرور سريعا على ذكر الفلسطينيين بواقع اتهامي، عليهم الاختيار بين العنف والتطرف أو الاستقرار.
في شرم الشيخ، تجاهل الشعب الفلسطيني وممثله وكيانه، فيما تحدث لأول مرة بمسألة تمثل خطورة سياسية فكرية بالغة، بقوله إنه تمكن من وصع نهاية لحرب امتدت 3 آلاف سنة، وهو بذلك يعتبر أن فلسطين هي أرض اليهود، وفقا لما تقوله غالبية أركان إدارته ورأس حربتهم سفيره هاكابي، أنهى حربها مع “الفلسطيني في قطاع غزة”، بما يشير أن الضفة والقدس لم تعد جزءا من الكيان الموحد، دون التذكير بتصريحات سابقه له، بأنه يرفض الحديث عن دولة فلسطينية، فتلك مسألة متروكة لإسرائيل.
بعيدا عن وقف حرب الإبادة الجماعية، بكل ما تحمله من أبعاد إنسانية، لكن ما حدث من إعلان في شرم الشيخ ونصه المنشور رسميا، يمثل رسالة سياسية خطيرة على المستقبل الوطني، في ظل الاندفاعة الأمريكية المتعددة الرؤوس، بعدما كشف ترامب أن أحد أسباب وقف حرب غزة، لم يكن حرصا على الإنسانية، بل حماية لدولة إسرائيل من عزلة كادت أن تكون شاملة عالميا، لذا جاء جهده لوقف حصار الكيان قبل أن يكون حرصا على أهل القطاع.
وجاءت فقرة الحديث عن “الأهمية التاريخية والروحية العميقة لهذه المنطقة بالنسبة للطوائف الدينية التي ترتبط جذورها بأرضها ومن بينها المسيحية، والإسلام، واليهودية”. إن احترام هذه الروابط المقدسة وحماية مواقعها التراثية سيبقى من أولويات التزامنا بالتعايش السلمي.”، مؤشر خطير جدا سياسيا وفكريا في ظل الحديث عن الرواية اليهودية في القدس وارض فلسطين، بل وما تحدث عنه نتنياهو منذ أيام فقط حول “إسرائيل الكبرى”.
وبعيدا عن أي محاولات تبريرية، فنص الإعلان وما تضمنه من تعميم المسألة الفلسطينية، وزرع فكرة “اليهودية” دون وضوح بتحديد جغرافيتها ضمن دولة إسرائيل وليس خارجها، ووفق حدودها حسب الشرعية الدولية التي أقرت دولة فلسطين واعترفت بها بقرار 19/67 لعام 2012 وتعزز في مايو 2024 لتصبح دولة مراقب زائد، دون ذلك يكون الإعلان منح “شرعية” لدولة الاحتلال بحربها ضد الفلسطيني بذريعة أنهم أصحاب الأرض قبل 3000 عاما، وهناك بيدهم وثيقة رسمية معترف بها عربيا ودوليا.
واستكمالا لنص “إعلان شرم الشيخ” يجب أن يتم وفورا إصدار وثيقة عالمية توضيحا لمسار سياسي يكمل ما بدأ في مؤتمر نيويورك، وأن تشارك أمريكا في التوقيع على وثيقة التحالف الدولي من أجل استكمال مسار السلام، وليس حصره بقطاع غزة، ضمن مفهوم توراتي.
وهنا على الرسمية الفلسطينية أن تفك لسانها وتتحرك بما يحمي مستقبل القضية الوطنية، وتكف عن حالة “البيات السياسي” الذي طال أمده، وتعلن ما طالبته المؤسسة الشرعية قبل سنوات، فصمتها أو تغاضيها عما يحدث للمسار الفلسطيني ليس سوى إنتاج كارثة تفوق كارثة قبلها، ولا يجب أن تغرق في سردية المهم إنقاذ غزة، وهو صواب لكنه الأهم إنقاذ فلسطين..فغزة تحت الوصاية لن تحمي هوية كان ثمنها غاليا جدا، ولن تحمي مكاسب ثورة وضعت فلسطين في قائمة الأمم.
في مواجهة تحقيق حلم ترامب لتهويد الشرق الأوسط الجديد وسيادة عصر إسرائيل الذهبي، يمكن لمصر والعربية السعودية، قيادة قاطرة تصويب المسار السياسي الشامل ومنع انحرافه، والخروج من مسار لا مستقبل لسلام في المنطقة بدونه..مسار دولة فلسطين.
ملاحظة: حضور المطلوب للعدالة نتنياهو من عدمه في قمة الشرم صارت قصة..بعد ما باس القدم المصري ليشارك.. طلع قالك مش قادر يروح عشان العيد..طبعا طلع كم يهودي ملتحي قاله انت كذاب يا بيبي…الصح الصح انه خاف من فلسطين أكتر من غيرها..لو غابت كان عملها وعيد في الشرم بطقية النصب والاحتيال..شو ما كان منيح انه غار وانقلع..
تنويه خاص: اللي عمله أيمن عودة ورفيقه عوفر كسيف نواب الجبهة الديمقراطية في كنيست الكيان مفخرة سياسية..ولهم قبل غيرهم ترفع قبعات البلد وقبضات جدعانها..لو غيرهم من المتأسلمين عمولها كان صارت حدث فلسطيني ونص..بس التجارة السياسية غلبت المصلحة الوطنية..المتأسلون طاعون..أيمن وعوفر الفخر فيكم وبكم فوق خالص..
لقراءة مقالات الكاتب تابعوا الموقع الخاص
منصة أكس