اخر الاخبار

(لماذا يبتلينا الله؟) أمد للإعلام

أمد/ أقسم المولى عز وجل في مواضع عدة في كتابه العزيز أن يبتلينا، ونستحضر منها  على سبيل المثال ما جاء في هذه الآية الكريمة: “وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ “؛ فكما ترون  يقسم المولى عز وجل هنا بابتلاء عباده، والسؤال هنا: لماذا يقسم الله أن يبتلينا؟، لماذا تُشن علينا الحروب؟ لماذا نُقصف؟ لماذا تُهدم بيوتنا؟ لماذا نحاصر ونجوع؟ لماذا نفقد أحبتنا؟ لماذا نفقد السمع والبصر أو أي شيء من صحتنا؟ لماذا نُبتلى بالفقر والحرمان من الوظيفة ومن المال والأهل و الولد؟

 لماذا ؟ ولماذا ؟ ولماذا؟ هل يحب الله أن يعذبنا وينتقم منا؟ هل يحب أن يرانا في وجعٍ وألمٍ و في همٍ وحَزَن؟

قطعا الإجابة لا، فحكمة الله من الابتلاء واضحة جلية لمن أراد الله به خيراً، فبالابتلاء يتمايز الناس، بالله عليكم لو لم يكن هناك ابتلاء كيف يتبين الصابر المحتسب المتزود بالتقوى من الجازع القانط، وكيف يتبين المؤمن من المنافق، فقد أنزل الله المحن للتمحيص والارتقاء لا للتنغيص والبكاء.

  بدأ المولى عز وجل الآية بقسم الابتلاء وختمها بوعدٍ بالبشرى “وَبَشِّرِ الصابِرين”، فما هي هذه البشرى التي يحملها وعد الله؟

وعدهم الله بصلواته عليهم، وبها نالوا منزلة القرب من الله، ووعدهم بالرحمة، وبها نجوا من الهم والشقاء، ووعدهم  بالهدى، وبها ابتعدوا عن الشكوى لغير الله وعن التأفف.

“أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِم وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ”

من هؤلاء الصابرون الذين يبعث لهم الله  هذه البشريات العظيمة؟ وكيف كان صبرهم؟

من هؤلاء؟ هل هؤلاء “الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ”، مكروه، قصف، خوف ، حرمان ، قَالُوا يا رب ليش تعمل فينا هيك، خلص بكفي، اتعبنا، مش قادرين نتحمل، لا بل هم الذين قالوا، بقلوبهم قبل ألسنتهم: “إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ”

هؤلاء الذين فهموا جيداً قول النبي: “ما من مصيبةٍ تصيب عبداً فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها، إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيراً منها”، فهؤلاء حفظوا جيداً أن الصبر على الابتلاء تكفيرٌ للسيئات، والرضا به رفعةٌ وارتقاء في الدرجات، وأن الابتلاء إذا لازمه غضبٌ وسخطٌ كان عقاباً من رب الأرض والسماوات، كيف يغضبون وقد علموا أن الله يحب الصابرين، وأن الله معهم، وأنه يوفيهم أجورهم بغير حساب وأنهم الفائزون، وكيف يسخطون وقد علموا أن الصبر نصفُ الإيمان كما قال ابن مسعود، وكيف يغضبون وقد علموا أن لا إيمان لمن لا صبر له، كما قال علي ابن أبي طالب.

كان بعض السلف يقول: إني أفرحُ بالمصيبة تصيبني، يفرح بها!!!؟ نعم يفرح بها، طيب لماذا يفرح بها؟

لأن الله جعلها له في الدنيا، ولم يجعلها في الآخرة، وأن الله لم يجعلها أشدَ مما هي عليه، وأن الله لم يجعلها في دينه، فكلُ مصيبةٍ دون الدين تهون.

عند وقوع الابتلاء علينا مسارعة النظر إلى موطِئ وقوفنا، هل نحن مع الذين يعبدون الله على حرف، إن أصابنا خير سكنت في نفوسنا الطمأنينة، وإن أصابنا ابتلاء انقلبنا على وجوهنا وبدا منا ما يعبر عن سخطنا وغضبنا، أم مع” الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *