أمد/ واشنطن: كشف تقرير جديد تفاصيل لقاء جمع السفير الأمريكي لدى إسرائيل مايك هاكابي، مع جوناثان بولارد، الذي قضى 30 عاما في السجون الأمريكية بتهمة التجسس لصالح إسرائيل، في شهر يوليو الماضي.

وأوضح جوناثان ج. بولارد، أن السفير مايك هاكابي، “التقى به في سفارة الولايات المتحدة في القدس في شهر يوليو”، فيما فاجأ هذا الاجتماع غير العادي بعض المسؤولين الأمريكيين، وبدا أنه يمثل خروجا حادا عن سنوات من السوابق الدبلوماسية الأمريكية.

وأشارت صحيفة “نيويورك تايمز” إلى أنها علمت بالاجتماع من ثلاثة مسؤولين أمريكيين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة معلومات حساسة. وعندما سألت الصحيفة بولارد عن الاجتماع، أكده.

وأفاد بولارد بأنها كانت المرة الأولى التي يستضيفه فيها مسؤول أمريكي في مكتب حكومي أمريكي منذ إطلاق سراحه قبل عقد من الزمن. وأضاف في مقابلة هاتفية: “لقد كان اجتماعاً وديا”.

ونقلت “نيويورك تايمز” عن اثنين من المسؤولين الأمريكيين أن الاجتماع مع بولارد، وهو محلل سابق في الاستخبارات البحرية، لم يُدرج اسمه في الجدول الرسمي للسفير هاكابي. وقال ثلاثة من المسؤولين للصحيفة إن حصول الاجتماع أثار قلق رئيس مكتب وكالة المخابرات المركزية (CIA) في إسرائيل.

ولفتت “نيويورك تايمز” إلى أن وكالة المخابرات المركزية رفضت التعليق. في حين لم يكن البيت الأبيض على علم بالاجتماع مسبقا، وفقا لمسؤول في البيت الأبيض وشخصين مطلعين على الأمر. كما ذكر مسؤول البيت الأبيض أيضا أن كبار المسؤولين هناك شعروا بالقلق عندما علموا بحدوثه.

وبينت الحصيفة في تقريرها أنه “لم يتضح ما إذا كان المسؤولون في وزارة الخارجية قد وافقوا مسبقا على اجتماع هاكابي مع بولارد. ولم تستجب وزارة الخارجية لطلب التعليق”.

وفي بيان، قالت السفارة الأمريكية إن السفير هاكابي عقد “اجتماعات مع العديد من الأشخاص، وكقضية سياسة عامة، فإننا لا نعلق على محتوى المحادثات”. وادعت السفارة أيضا أن تقرير التايمز عن هذا المقال “مليء بالمغالطات”.

بولارد، البالغ من العمر 71 عاما، كان قد أُدين بالتجسس لصالح إسرائيل وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة في عام 1987 في واحدة من أشهر قضايا التجسس في الحرب الباردة. وبينما اعتبره العديد من الأمريكيين خائنا، اعتبره بعض الإسرائيليين، وخاصة أولئك الذين ينتمون إلى اليمين، بطلا وضغطوا من أجله حتى تم إطلاق سراحه تحت بند الإفراج المشروط في عام 2015.

بعد خمس سنوات، انتقل إلى إسرائيل، حيث استقبله رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو “استقبال الأبطال” على مدرج مطار بن غوريون.

من غير الواضح سبب موافقة هاكابي ومستشاره الكبير، ديفيد ميلشتاين، على مقابلة بولارد، فيما تجدر الإشارة إلى أن هاكابي وميلشتاين بذلا جهودا لتعزيز العلاقات مع اليمين الإسرائيلي، الذي ينتمي إليه بولارد.

وفي مقابلته مع “نيويورك تايمز”، قال بولارد إنه شكر هاكابي على جهوده في دعم إطلاق سراحه. وكان هاكابي، وهو جمهوري ومرشح رئاسي سابق، قد دعا إلى الإفراج عن بولارد قبل أكثر من عقد من الزمان.

وأضاف بولارد أيضا أن هناك “الكثير من الأمور التي طرحت في المحادثة” مع السفير، لكنه رفض الخوض في التفاصيل.

وأوضح بولارد أنه لا يندم على التجسس لصالح إسرائيل، مدعيا أن الولايات المتحدة قطعت تبادل المعلومات الاستخباراتية عن إسرائيل. وهاجم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشدة، واصفا إياه بأنه “مجنون باعنا حرفيا، من أجل الذهب السعودي”، وفق وصفه، وذلك عقب إعلان ترامب  أن الولايات المتحدة ستبيع طائرات مقاتلة من طراز F35 للمملكة العربية السعودية، وهي خطوة جاءت على الرغم من المخاوف التي أثارها المسؤولون الإسرائيليون.

ووفقا لـ”نيويورك تايمز”، اعترض مسؤولون أمريكيون سابقون على قرار هاكابي. وسأل دانيال كيرتزر، سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل من 2001 إلى 2005 في عهد الرئيس جورج دبليو بوش: “لماذا يريد الممثل الأمريكي في دولة إسرائيل مقابلة جوناثان بولارد؟” وأضاف: “هذا يتعارض ببساطة مع أي منطق”.

بينما اعترف كيرتزر بأن بولارد دفع ثمنا باهظا لأفعاله، وقال إنه “لا يوجد سبب لإعادة تأهيله”.

لطالما كانت قضية بولارد نقطة احتكاك بين الولايات المتحدة وإسرائيل. فبين عامي 1984 و1985، سلم بولارد مجموعة من الوثائق السرية لإسرائيل. وبيّن كاسبار واينبرغر، وزير الدفاع حينها، عندما اعتُقل بولارد في عام 1985، أن الأخير سلم وثائق كثيرة لدرجة أنها يمكن أن تملأ مساحة أبعادها 6 أقدام في 6 أقدام في 10 أقدام (حوالي 1.8 م × 1.8 م × 3 م).

وتابع واينبرغر أن أفعال بولارد عرضت مصادر الاستخبارات الأمريكية للخطر ووضعت القوات الأمريكية المنتشرة حول العالم في خطر. وكتب: “لقد أضر المتهم بالولايات المتحدة بشكل كبير”.

في نوفمبر 2015، أُطلق سراح بولارد تحت بند الإفراج المشروط من سجن اتحادي في كارولينا الشمالية، لكن لم يُسمح له بالسفر إلى خارج الولايات المتحدة. وبعد خمس سنوات، في نهاية الولاية الأولى للرئيس ترامب، رفضت وزارة العدل تمديد قيود الإفراج المشروط الخاصة به، وانتقل إلى إسرائيل، التي منحته الجنسية في أثناء وجوده في السجن.

في ذلك الوقت، اعتُبر عدم اعتراض وزارة العدل بمثابة بادرة من ترامب تجاه نتنياهو. كما عفا ترامب عن أفيام سيلا، وهو ضابط سابق في سلاح الجو الإسرائيلي قام بتجنيد بولارد والتعامل معه، على الرغم من أن سيلا لم يُسلم للولايات المتحدة.
 

شاركها.