أمد/ في مشهد يكاد يلخّص مأساة التديُّن الممسوخ تحت راية “الإسلام السياسي الإسرائيلي”، خرج كمال الخطيب نائب رئيس ما يُسمّى “الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر الشق الشمالي” في مظاهرة مرخّصة من شرطة نتنياهو، في قلب تل أبيب، يهاجم فيها مصر والسعودية، لا الاحتلال الذي يحتل المسجد الأقصى ويدنّسه يوميًا!
بشعارات فضفاضة مشبعة بالتضليل العقائدي والسياسي، يرفع الخطيب صوته ضد “الاحتلال السعودي” للحرمين الشريفين في مكة والمدينة، متجاهلًا بل متواطئًا مع الاحتلال الحقيقي الذي يُحكم الحصار على القدس، ويقتل الأطفال في غزة، ويمنع الأذان في الأقصى، ويهوّد كل شبر من فلسطين التاريخية.
لم نسمع من هذا “الشيخ” يومًا دعوة صريحة لزوال الاحتلال الإسرائيلي، لكنه لا يكلّ ولا يملّ من الطعن في خاصرة الأمة: مصر والسعودية والأردن.
المفارقة الكبرى أن مظاهرة الخطيب نُظمت تحت حماية الشرطة الإسرائيلية، في قلب تل أبيب، التي تقصف غزة وتهاجم الأقصى وتمنع رفع علم فلسطين، لكنها تفسح المجال واسعًا لخطابه المسموم، لأنه ببساطة لا يُزعج الاحتلال بل يخدم أجندته: ضرب وحدة الصف العربي، وشيطنة الدول المركزية، وتشتيت البوصلة عن العدو الحقيقي.
ما يقدمه كمال الخطيب ليس موقفًا دينيًا ولا وطنيًا، بل هو مشروع تماهٍ كامل مع مقولات “الإخوان” و”الصهيونية” في آنٍ معًا، حيث تتقاطع أجندات التشغيب الديني والتفكيك السياسي، تحت لافتة ظاهرها نصرة الإسلام وباطنها تمزيق الأمة وتبرئة المحتل.
الإسلام الذي يعرفه العرب والمسلمون ليس هذا الذي يتواطأ مع تل أبيب ضد القاهرة، ولا الذي يصمت على دماء غزة، ويهاجم السعودية بدلًا من مهاجمة الاحتلال. ومن يتبنّى هذه الثنائية المضلّلة، يصبح شريكًا في جريمة كبرى: تبرئة الاحتلال، وتلويث الوعي العربي، وخلق أعداء وهميين داخل الأمة.