كل الخدمات التي تقدمها السلطة لأمريكا ويهود لم تشفع لها عند ترامب فحتى الفتات أوقفه!

أمد/ أعلنت الإدارة الأمريكية مساء الأربعاء 19/02/2025، وقف كامل التمويل المخصص لأجهزة السلطة الفلسطينية. وقال مسؤولون في السلطة لصحيفة واشنطن بوست إن التجميد يضر بقدرات القوات في الميدان، ويؤثر على برامج التدريب ومراكز قوات الأمن الفلسطينية. وقدر مصدر في كيان يهود تحدث لصحيفة واشنطن بوست أن التنسيق الأمني بين كيان يهود والسلطة الفلسطينية لن يتضرر، وأن “مانحين آخرين” تم العثور عليهم وافقوا على ملء الفراغ الذي نشأ نتيجة التجميد الأمريكي. (وكالة معا “بتصرف يسير”، 19/02/2025م)
صحيح أن ترامب جاء بعقلية التاجر لا السياسي، وهو قد أعلنها منذ البداية أنه يريد جمع الأموال والتوفير في النفقات، متعاملا مع الدولة كشركة ربحية، تقرر نجاحها من فشلها من خلال صافي الربح الذي يحتسب بطرح النفقات من الواردات، وهو ما أثر على كثير من الجهات والمؤسسات والدول التي كانت تعتمد على الفتات الذي تقدمه أمريكا لها، ولكن هذا له دلالات أخرى وارتدادات يمكن أن نذكر منها:
1 الأموال التي كانت تنفقها أمريكا على السلطة كانت مخصصة للأجهزة الأمنية وهي أداة لدوام ربطها بالإرادة الأمريكية ولتمكينها من البقاء والاستمرار في عملها الذي تؤديه بكل تفان وإخلاص في خدمة كيان يهود، وهو ما يطلق عليه التنسيق الأمني الذي بات سر حياة الأجهزة الأمنية والسلطة الفلسطينية. فهي أموال خبيثة تخدم غرضا خبيثا، فلا بارك الله فيها ولا فيمن كان يرسلها ولا من ينفقها.
2 الذي يتوقع أن يتأثر بحجب هذه الأموال والمساعدات للأجهزة الأمنية في حال توقفها بالكامل هو كيان يهود بالمقام الأول، فالأجهزة الأمنية تسهر على حماية يهود وكيانهم، وما حدث إبان عملية طوفان الأقصى وطوال الأشهر الـ16 الماضية، وخاصة آخر شهرين، يرسخ هذه الحقيقة، فقد عملت السلطة وما زالت على تكثيف التنسيق الأمني وملاحقة المقاومين واعتقالهم وقتل بعضهم كما حدث في مخيمي جنين وطولكرم بشكل لم يبق لها ورقة توت تستر بها تعاونها مع كيان يهود.
3 إن ترامب على الأرجح لن يتخلى عن السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، لأنها تخدم مصالح أمريكا ويهود، ولكنه سيعمل على توفير التمويل المطلوب لها بالحد الأدنى من خلال الحكام العملاء كأمثال حكام السعودية والإمارات وقطر، وبذلك يكون قد وظف السلطة بأموال المسلمين أنفسهم لمعاداة الإسلام والمسلمين.
4 أما إن قرر ترامب عدم توفير بديل للتمويل، فستكون رسالته للسلطة بأن تقتات على كاهل أهل فلسطين، فتضاعف عليهم الضرائب والإتاوات والرسوم، لتضيق عليهم أكثر فأكثر لتدفعهم إلى الهجرة. وبذلك يكون قد أصاب عصفورين بحجر واحد كما يقال.
ولكن في قرار ترامب عبرة لكل متعاون وعميل، بأن عاقبته الخذلان والخسران، وهي في الدنيا أقل بكثير مما سيلقاه في آخرته، إذ يصدق فيهم قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ﴾.