اخر الاخبار

كلمة في ذكرى الثامن من آذار

أمد/ تعود أصول الاحتفال بيوم المرأة العالميّ إلى أوائل القرن العشرين، إذ كانت تكابد ظروفًا قاسية في مجال العمل، من ظلم وتمييز ممّا حرّك مجموعة من النّساء العاملات في مدينة نيويورك للخروج بمسيرةً احتجاجيةً للمطالبة بتحسين ظروف العمل، وزيادة الأجور والمساواة بين الجنسين الثّامن من آذار عام 1908، وفي هذا إشارة لأنّ الحقوق لا تُنالُ إلّا بالمطالبة، ولا تُنتزع إلّا بالسّعي والمحاولة.

كما قال الشّاعر أحمد شوقي:

وما نيل المطالب بالتّمني ولكن تؤخذ الدّنيا غلابا.

فلن يلتفت للمرأة أحد، ولن يحسّ بما يؤرّقها إن لم تلتفت هي لنفسها، وتشعر بها…إن لم تملك جرأة الكلام، أو الاعتراض.

وتمرّ أعوام على ذكرى يوم المرأة العالميّ، ولا يزال هناك نساء تجهلن حقوقهن، تصمتن في أكثر وقت يُتطلّب منهنّ الكلام.

ولا تبنى المجتمعات السّويّة إلّا بالنّساء المستقلّة القويّة، النّساء الواعيات المثقّفات، ذوات الأهداف في الحياة.

امرأة تعرف حقوقها وواجباتها، لا تلغي شخصيّتها لأجل الرّجل، تكون رفيقة له تسانده، وفي ذات الوقت لا تمنح له من الصّلاحيّات ما يفقده قوامته تجاهها.

تعطي لكن بحدود، فكلّ شيء له حدّه الطّبيعي، ويُقلب لضدّه إذا زاد عنه.

فدلال المرأة الشّديد لأبنائها، وتضحياتها الجمّة لهم على حساب راحتها النّفسيّة يخلق منهم أبناء أنانيّين اتكاليّين، وتَحمّلها أعمالًا تفوق طاقتها لتسدّ ما نقص من متطلبّات الحياة يجعل من زوجها

يشعر في قرارة نفسه أنّها تنافسه في قوامته، لا تظنّين يا عزيزتي أنّ بتفانيك المُفرط هذا تكسبين قلبه بل على العكس ما بدوت امرأة مضحيّة ترفع لك القبّعات لكن الحقيقة أنّ الرّجل يظلّ معك على ما عوّدتِه عليه، وهو بفطرته يحبّ أن يكون مصدر المسؤوليّة والعطاء، لتكون له المرأة الأمان والحنان والاكتفاء، والرّجال معادن فكوني ذكيّة ولا تبحثي عن بريق الماس في الخُردة، ولا تبذري عطاءك في أرض بور.

وأنتهز هذا اليوم لأقول لكلّ نساء العالم عامّة والمرأة الفلسطينيّة خاصّة..

إلى أمّ الشّهيد والأسير والجريح..

إلى النّساء المنسيّات اللّواتي ينتظرن يومًا ليلتفت لهنّ العالم..

لستنّ بحاجة يوم للاحتفال بكن فأنتنّ زينة الأيّام كلّها، وأعياد الحبّ الحقيقيّ والعطاء والتّضحيات…

بكن تقوم أساسات المجتمع، وعلى أيديكن يتربّى أعظم الرّجال…

قفن كل يوم أمام مرآة تضحياتكنّ وعطائكنّ واستمددن من ذواتكنّ القوّة.

كنّ لأنفسكنّ كلّ شيء، ولا تنسين أن لأحلامكنّ وطموحاتكنّ حقًّا عليكن؛ لتبقين شعاع الشّمس الذي ينير كلّ ما حوله دون أن ينطفئ، أو ينكسر..

كفاكن أن كنتنّ آخر وصيّة لرسول الله عليه السلام حين خطب في حجّة الوداع:”استوصوا بالنّساء خيرًا” لتظلّ وصيّته الخالدة إلى يوم الدين..

ولا بدّ أن أوجه تحيّة للفئة النّادرة من الرّجال…للأوفياء المخلصين، الدّاعمين للمرأة في نجاحاتها.

لمن ينظرون للمرأة كفكر وروح وليس جسد.

للأخ الحنون الذي يصادق أخته،

للزّوج الذي يُمسك زوجته بمعروف أو يسرّحها بإحسان، الذي إن انعدمت سبل المودّة بينهما لم يشدد عليها الخناق، أو يشّن الحرب عليها لجعلها تتنازل عن حقوقها…

للزّوج الذي يكون راقيًا في تعامله وانفصاله،

للرجال القوّامين حقيقة وفعلًا لا كلامًا وتجبّرًّا…

للرّجال المخلصين في أعمالهم أيًّا كانت….

للذين تتجلّى رجولتهم بأخلاقهم…

للصّادقين الذين وعودهم سيف، وكلامهم ميزان…

للقابضين على جمر المبادئ والقيم في زمان كثرت فيه المغريات…

فبكم تسهل رحلة النّساء في هذه الحياة، ويكتمل دورهنّ الصّحيح بأقلّ المعيقات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *