أمد/ نشرت صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية صباح اليوم، أن إسرائيل وافقت على عرض قطري يقضي بضخ أموال إلى قطاع غزة خلال فترة وقف إطلاق النار، في إطار ما وصفته الصحيفة بـ”دعم الاستقرار الإنساني”، دون التوصل إلى اتفاق شامل ينهي الحرب الجارية.

وبحسب ما أوردته الصحيفة، فإن هذا التمويل لا يندرج ضمن خطة إعادة الإعمار، بل يُقدَّم كآلية لاحتواء التوترات وتثبيت وقف مؤقت لإطلاق النار. اللافت أن هذا المقترح يُطرح في ظل امتناع عدد من الدول الإقليمية كالسعودية والإمارات ومصر عن تقديم أي مساهمات مالية في غياب حل سياسي واضح المعالم، يضمن إنهاء القتال ويؤسس لمسار مستدام.

ومن الواضح أن قطر، التي سبق لها أن لعبت دوراً بارزاً في تمويل احتياجات قطاع غزة خلال سنوات ما قبل الحرب، تسعى اليوم إلى تجديد هذا الدور، ولكن عبر بوابة جديدة أكثر تنظيمًا ورسمية، هذه المرة من خلال مظلة أمريكية مباشرة وبموافقة إسرائيلية علنية. الهدف القطري، بحسب مراقبين، يتمثل في خلق بيئة “هادئة ومستقرة” تسمح بتمديد حالة اللاحرب واللاسلم، بما يخدم حالة الجمود السياسي ويؤسس لوضع دائم تحت عنوان “الهدوء مقابل الاحتياجات الإنسانية”.

▪️ تحليل وقراءة معمّقة:

إن سرعة الموافقة الإسرائيلية على المقترح القطري تُعبر عن مأزق داخلي حقيقي تعيشه حكومة تل أبيب، خاصة فيما يتعلق بتمويل مشاريع الإغاثة والمساعدات التي تخدم أغراضًا أمنية وعسكرية في المقام الأول، عبر قنوات المنظمات الدولية والشركات الأمريكية العاملة في القطاع.

في المقابل، فإن إسرائيل تسعى إلى الحفاظ على كامل أدوات التحكم في الميدان، بما يشمل آليات استلام الأموال، وتوزيعها، وتوجيهها، وكل ذلك تحت رقابة مباشرة تخدم أهدافها الاستراتيجية.

لكن جوهر الإشكالية لا يكمن فقط في مصدر التمويل أو جهة الإشراف، بل في البُعد السياسي الغائب تمامًا عن هذا الترتيب المؤقت. فإعادة إنتاج التهدئة من خلال المال، دون رؤية وطنية شاملة، لا يسهم في الحل بل يعيد إنتاج الأزمة ويكرّس الانقسام.

• إننا أمام مقاربة “إغاثية تقنية” تُجنّب الاحتلال كلفة الانفجار، وتُبقي الوضع الفلسطيني في دائرة الاحتواء الإنساني، بعيدًا عن الحلول الجذرية التي تستند إلى وحدة الأرض والشعب والمشروع السياسي.

▪️ الحل الحقيقي لا يبدأ من ضخ المال، بل من إعادة تعريف طبيعة الحل: رؤية سياسية شاملة تنهي الحرب، وتُعيد غزة إلى الشرعية الفلسطينية، ضمن مظلة وطنية تحظى بإجماع عربي ودولي. وهنا تبرز الرؤية المصرية باعتبارها المقترح الأكثر اتزانًا وواقعية، والذي يلقى قبولاً إقليميًا واسعًا.

▪️ إن القبول بمقترحات جزئية، حتى وإن جاءت تحت مسمى “المساعدات”، دون معالجة الجذر السياسي للأزمة، لن يؤدي إلا إلى تعميق الواقع القائم وإدامة الانقسام.

▪️ إن ما يُطرح اليوم من تفاهمات مالية جديدة، لا يختلف في جوهره عن تفاهمات العمادي السابقة، وإن بدا أكثر أناقة في الشكل، لكنه لا يزال بعيدًا عن أي حل وطني حقيقي.

شاركها.