قصيدة: غَزَّةُ… وَجَعُ الحِصارِ وَمَطْلَعُ الفَجْرِ

يَا غَزَّةَ الدَّمْعُ في عَيْنَيْكِ مُنْسَكِبُ..
وَجُرْحُكِ الغَائِرُ المَكْلُومُ يَلْتَهِبُ!
ضَاقَتْ بِكِ الأَرْضُ، وَالآهَاتُ مُمتَلِئَةٌ..
في كُلِّ زَاوِيَةٍ، وَالنَّارُ تَلْتَهِبُ!
مَا بَيْنَ جُوعٍ، وَخَوْفٍ، وَالدَّمَارِ، وَمَا..
مِنْ فَجْرِ عِزٍّ بِهِ الأَرْوَاحُ تَنْتَسِبُ!
حُوصِرْتِ ظُلْمًا، وَمَاتَ العَدْلُ في وَطَنٍ..
أَعْمَى الضَّمِيرَ بِهِ الجَانِي وَما احْتَسَبُوا!
لَكِنَّكِ السَّيْفُ، وَالإِصْرَارُ مَعْقِدُهُ..
وَفيكِ لِلمَجْدِ إِشْرَاقٌ وَمُكْتَسَبُ!
فَالنَّخْلُ فيكِ، وَإِنْ ضَاقَتْ ضُلُوعُ دِمَاهُ..
يَبْقَى عَلَى الأَرْضِ، رُغْمَ الجُرْحِ، يَنْتَصِبُ!
وَالطِّفْلُ يَرْسُمُ في كَفِّ الرَّمَادِ غَدًا..
كَأَنَّهُ الشَّمْسُ، لا يَخْشَى وَلا يَهَبُ!
وَالمَسْجِدُ العَتِيقُ مَا زَالَ يَهْتِفُ في..
صَمْتِ المَآذِنِ: "لَنْ تُمحَى وَلا تَغِبُوا"!
يَا غَزَّةَ العِزِّ، صَبْرًا، إِنَّنَا وَطَنٌ..
بِالحَقِّ نَحْيَا، وَإِنْ جَارُوا وَإِنْ كَذَبُوا!
سَيُرْفَعُ الظُّلْمُ عَنْكِ اليَوْمَ مُنْتَصِرًا..
نُورُ الشَّهَادَةِ، وَالأَبْطَالُ مُنْقَلِبُ!
وَكَنَائِسُ المَجْدِ فيكِ اليَوْمَ صَامِدَةٌ..
كَالصَّخْرِ، لا تَنْحَنِي لِلْعَصْفِ أَوْ تَتْعَبُ!
أَجْرَاسُهَا رَغْمَ نَارِ الحَرْبِ عَالِيَةٌ..
تُصَلِّي لِلسَّلَامِ، وَالحُبُّ مُقْتَرِبُ!
فِيكِ الهِلَالُ مَعَ الصَّلِيبِ في قَبَسٍ..
يُوَحِّدُ الدَّمْعَ، إِنْ ضَاقَتْ بِنَا السُّحُبُ!
مَسَاجِدٌ وَكَنَائِسٌ في العَزْمِ مُؤْتَلِفَةٌ..
كَأَنَّهَا القَلْبُ في نَبْضِ الوَفَا تُصِبُ!
فَجْرُ البُطُولَةِ آتٍ، رَغْمَ مَهْلَكَةٍ..
وَالمَجْدُ يُولَدُ مِنْ رَحِمِ الأَسَى العَجَبُ!