اخر الاخبار

قراءة في كلمة الرئيس بشار الأسد في القمة العربية والإسلامية

أمد/ قراءة في كلمة الرئيس بشار الأسد في القمة العربية والإسلامية

سورية ومنذ استقلالها لم تبرح خطها البياني في التزامها وتمسكها بإرثها الوطني والقومي، والذي مثّل الناظم لهذا الخط الغير قابل للتأرجح أو التذبذب هي القضية الفلسطينية قضية العرب الأولى التي التزمتها سورية على المستويين الشعبي والرسمي على مر العقود. وليس أبلغ من تمسك سورية العربية الأصيلة ما عبرت عنه في سياق طويل من التأكيد على نهجها القومي والمقاوم في الدفاع عن قضايا العرب والعروبة في مواجهة المشروع الصهيو أمريكي، المستمد في تماديه وعلى حساب قضايانا وأمننا القومي من قبل تلك النظم الرجعية المرتهنة قدرها ومقدراتها لهذا المشروع. وإذا كان ما سأكتبه لا يتسع للإسهاب في هذا السياق الطويل لدور سورية المُشرّف قيادة وجيشاً وشعباً في هذه المواجهة المفتوحة والمحتدمة منذ عقود نشأة كيان العدو الصهيوني الغاصب على أرض فلسطين العام 1948 مع قوى التسلط والهيمنة والعدوان من قبل الدوائر الإمبريالية الأمريكية والصهيونية وحلفائهما في الواقعين الدولي والإقليمي. ولكن أرى أنّ ما جاء في كلمة السيد الرئيس الدكتور بشار حافظ الأسد في القمة العربية الإسلامية الغير عادية والتي عُقدت في الرياض قبل أيام لبحث تداعيات استمرار حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان، على أنها التعبير الواقعي والحقيقي والعملي لهذا الدور التاريخي الرائد والريادي.

بتقديري أولاً، أنّ دولة قد تعرضت ولا زالت تتعرض له منذ العام 2011، وقد جرِّبت فيها كل صنوف وأدوات الحرب القذرة من دمار وقتل وتجويع، لكانت انهارت وانتهت، أو سلمت واستسلمت ورضخت للإملاءات والشروط الأمريكية. ولكن سورية صمدت وواجهت بشرف وإباء حتى أسقطت أهداف تلك الحرب وانتصرت. ورغم ما تعرضت له بالأمس وما تتعرض له اليوم من حرب اقتصادية ظالمة بهدف إخضاعها واحتوائها وإعادة هندستها وفق رؤى الأخرين القريبين منهم والبعيدين، بقيت على مواقفها ولم تغادرها قيد أنملة، رغم كل المغريات وما يُقدم لها بسخاء من قبل هؤلاء.

أما ثانياً، وفي قراءة لكلمة السيد الرئيس في القمة، والتي جاءت مكثفة فيما تضمنته من مواقف وثوابت، وتشخيص للواقع وفي كيفية التعاطي العملي لا اللفظي مع قوى العدوان الأمريكي والصهيوني على الشعبين الفلسطيني واللبناني. غير أنها جاءت لتعبر عن كل عربي ومسلم وحر في هذا العالم بضرورة وقوفه مع مقاومة الشعبين الفلسطيني واللبناني. حيث استهل كلمته، وأمام من كشف سترهم الصحفي الأمريكي الاستقصائي “بوب وودرود” من رؤساء وأمراء وملوك في كتابه “الحرب”، كاشفاً فيه عن تورط قادة عرب في دعم حكومة “نتنياهو” الفاشية في حربها على غزة، وتلك المطالبات بضرورة القضاء على المقاومة هناك. من خلال تأكيد سيادته على شرعية المقاومة في فلسطين ولبنان، وما جسدته من شرف وكرامة ورقي، وما قدمته من أيقونات بقادتها الشرفاء ومقاتليها الشجعان.

الاستهلال الذي بدأه السيد الرئيس، أجزم أنه كافٍ، حيث جاء معبراً وترجمةً بالغة الدلالات في توقيتها ومكانها، لبقية ما تضمنته الكلمة التي أكدت على المؤكد لتلك المواقف الصلبة مع كل منعطف تاريخي، وخصوصاً في مرحلة تشهد فيه منطقتنا تحولات وصلت او ستصل في تداعياتها وارتداداتها الاستراتيجية على غير صعيد ومستوى إقليمي ودولي. وذلك على وقعِ معركة طوفان الأقصى في 7 أكتوبر تشرين الأول من العام الماضي، وحرب الإبادة والتطهير العرقي التي يشنها الثنائي الأمريكي والصهيوني منذ أكثر من عام. فالأولوية حالياً بحسب الرئيس الأسد هي لإيقاف المجازر، هي لإيقاف الإبادة، هي لإيقاف التطهير العرقي. ومن دون ذلك فنحن نحض على استمرار الإبادة لنصبح شركاء غير مباشرين فيها.

وبغض النظر عن مطالبته المحقة وفي ظلِّ استمرار المجازر، لضرورة العمل على تغيير الأدوات والآليات لمواجهة العدو وألة قتله وعدوانه وحربه الإجرامية بهدف ردعه، وإن كانت تلك الوسائل والآليات لا تلزم من في القمة القيام بعمل عسكري لأنّ المقاومة في فلسطين ولبنان تكفلت به. بل المتوخى والمطلوب تفعيل وقف المقاطعة، ووقف كافة أشكال العلاقات من دبلوماسية واقتصادية وسياسية وغيرها. إلاّ أنّ أهمية ما جاء في الكلمة هو في توصيفه وتشريحه لطبيعة كيان الاحتلال الصهيوني بمكوناتها المجتمعية والسياسية والحزبية، في قوله: “نحن لا نتعامل مع دولة بالمعنى القانوني وإنما مع كيان استعماري خارج عن القانون، نحن لا نتعامل مع شعب بالمعنى الحضاري وإنما مع قطعان من المستوطنين أقرب إلى الهمجية منهم إلى الإنسانية”. وأضاف “ومن غير الصحيح القول إن المشكلة هي في حكومة راهنة متطرفة فاقدة للعقل وشعب مذعور مما حصل في السابع من تشرين الأول في العام الماضي، كلهم يعملون بعقل إيديولوجي واحد، عقل مريض بسفك الدماء، مريض بوهم التفوق، مصاب بانفصام الشخصية بين كره النازية ظاهرياً وعشقها كجزء عضوي منه واقعياً”. كلمة السيد الرئيس جاءت خارطة طريق لمن امتلك إرادة رفع الكرت الأحمر للولايات المتحدة الأمريكية قبل كيان العدو وحكومته الفاشية، ولكن ما كشفه “بوب وودرود” توصيف دقيق لواقع حال تلك الأنظمة التي لا تمتلك من إرادتها شيء.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *