قراءة أولية في قرار المجلس المركزي باستحداث منصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية رئيس دولة فلسطين

أمد/ يَنشغلُ الفلسطينيون عادة بأسماء الأشخاص الذين سيتولون المناصب المستحدثة كما هو الحال في تعيين نائب رئيس اللجنة التنفيذية رئيس دولة فلسطين، وكذلك في العام 2003 عند استحداث منصب رئيس الحكومة في السلطة الفلسطينية، فيما يهملون النقاش الجدّي للنصوص الدستورية والسياسية المنشئة للمناصب والمحددة للصلاحيات والمسؤوليات. كما تُهمل القيادات السياسية أهمية المداولات على المستوى المؤسسي والمجتمعي في انتاج وثائق وقرارات دستورية وسياسية سليمة أو متوافقة مع القواعد القانونية الحاكمة للنظام السياسي الفلسطيني المزدوج. لذا ينتاب هذه القرارات والوثائق العوار أو لا تُجيب على جوهر المسألة المطروحة بما يحقق المصلحة العامة، وبما يمنع تنازع القواعد الدستورية. الأمر الذي يخلق إشكاليات مستقبلية محققة. ما يلي قراءة أولية في قرار المجلس المركزي باستحداث منصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية رئيس دولة فلسطين من الناحيتين الدستورية والسياسية:
(1) من الناحية الدستورية
1. طبيعة قرار المجلس المركزي باستحداث منصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية رئيس دولة فلسطين
يعد القرار الصادر من المجلس المركزي قرارا إدارياً وليس تعديلاً دستورياً للنظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية؛ حيث لم ينص على تعديل المادة 13 بإضافة فقرة جديدة فيها، أو إضافة مادة جديدة في النظام الأساسي، فيما أشارت ديباجة القرار إلى الأخذ بعين الاعتبار أحكام الفقرة (ب) من المادة 13 “يتم انتخاب رئيس اللجنة التنفيذية من قبل اللجنة”، والمادة 16 من النظام الأساسي المتعلقة بمهام اللجنة التنفيذية.
2. الجمع بين منصبين مختلفين في المرجعية والإنشاء
يحتوي القرار على عوار دستوري حيث ضم القرار منصبين مختلفين في المرجعية والانشاء؛ فرئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية يتم انتخابه من قبل أعضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة وفقا لأحكام المادة 13 الفقرة (ب) من النظام الأساسي للمنظمة، فيما رئيس دولة فلسطين يتم انتخابه مباشرة من قبل المجلس المركزي لمنظمة التحرير. كما أنّ منصب رئيس اللجنة التنفيذية منشأ بموجب النظام الأساسي للمنظمة، فيما رئيس دولة فلسطين منشأ بموجب قرار المجلس الوطني الفلسطيني.
لم يمنح النظام الأساسي لمنظمة التحرير صلاحيات محددة لرئيس اللجنة التنفيذية، كما لم يحدد قرار إنشاء منصب رئيس دولة فلسطين صلاحيات محددة لرئيس الدولة. في المقابل قرار المجلس الوطني المودع لدى هيئة الأمم المتحدة منذ العام 1988 ينص على تتولى اللجنة التنفيذية للمنظمة مهام حكومة دولة فلسطين إلى أنّ يتم تشكيلها.
3. يفتح القرار على احتمالية تنازع القواعد الدستورية بين الدولة والسلطة
يتضمن قرار استحداث منصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية رئيس دولة فلسطين احتمالية وجود حالة تنازع للقواعد الدستورية في حال “شغور منصب رئيس الدولة/ السلطة الفلسطينية”؛ فتعيين رئيس الدولة وفقاً للإجراءات المعمول بها في النظام القانوني لمنظمة التحرير الفلسطينية يعتمد على قرار من المجلس المركزي، فيما تعيين رئيس السلطة يعتمد على النظام القانوني للسلطة الفلسطينية المنصوص عليه في القانون الأساسي؛ حيث نصت المادة 115 من القانون الأساسي المعدل للعام 2003 (دستور دولة فلسطين) على أنّه “يعمل بأحكام هذا القانون الأساسي مدة المرحلة الانتقالية ويمكن تمديد العمل به إلى حين دخول الدستور الجديد للدولة الفلسطينية حيز التنفيذ”.
كما أنّ القرار بقانون رقم (1) لسنة 2021 المعدل للقرار بقانون رقم (1) لسنة 2007م بشأن الانتخابات العامة ألغى منصب رئيس السلطة الفلسطينية وأبقى على منصب رئيس الدولة، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية؛ فقد نص على انتخاب رئيس دولة فلسطين صراحة من الشعب الفلسطيني وهو ينطبق على الضفة الغربية وقطاع غزة، وفي ذات الوقت تنص المادة 3 من القرار المعدل لسنة 2021 على أنَّ الذي يدعو إلى الانتخابات هو: رئيس دولة فلسطين رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حسب نص المادة 3 من القرار بقانون “عدل المادة (2) من القانون الأصلي، لتصبح على النحو التالي: يصدر رئيس دولة فلسطين، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، مرسوماً رئاسياً، خلال مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر قبل تاريخ انتهاء مدة ولايته أو ولاية المجلس التشريعي، يدعو فيه لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية أو أيّ منهما في دولة فلسطين، ويحدد فيه موعد الاقتراع، وينشر هذا المرسوم في الجريدة الرسمية، ويعلن عنه في الصحف المحلية.
وكذلك الأمر ينطبق على الإعلان الدستوري رقم 1 لسنة 2024 القاضي بتولي رئيس المجلس الوطني الفلسطيني رئاسة السلطة المؤقتة في حال شغور منصب رئيس السلطة الفلسطينية. علما أن المجلس المركزي في البيان السياسي للدورة 32 المنعقدة في 2324 نيسان 2025 بارك هذا الإعلان.
(2) من الناحية السياسية
1. منح القرار الرئيس مزيداً من السلطة والصلاحيات
هذا القرار منح الرئيس سلطة مطلقة للتحكم بتعيين نائب رئيس اللجنة التنفيذية رئيس دولة فلسطين واقالته وقبول استقالته؛ فهو وحدة له حق الترشيح “القرار المنشئ” فيما قرار اللجنة التنفيذية بالمصادقة يصبح قراراً كاشفاً. كما أنّ هذا القرار يمنع حق وإمكانية المنافسة بين أعضاء اللجنة التنفيذية على نيل منصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية رئيس دولة فلسطين وذلك على خلاف المبدأ المنصوص عليه في أحكام الفقرة (ب) من المادة 13 من النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية التي تتيح بالأساس التنافس على منصب رئيس اللجنة التنفيذية “يتم انتخاب رئيس اللجنة التنفيذية من قبل اللجنة”.
2. المسؤوليات والصلاحيات والمهام
لم يحدد قرار المجلس المركزي أيّة صلاحيات أو مسؤوليات أو مهام محددة لنائب رئيس اللجنة التنفيذية رئيس دولة فلسطين، بل منح رئيس اللجنة التنفيذية/ رئيس دولة فلسطين تكليف النائب بمهام أي بمعنى أدق بأعمال ونشاطات محددة للقيام بها دون صلاحيات.
3. لم يُجبْ قرار المجلس المركزي على مسألة الخلافة في حال شغور منصب رئيس اللجنة التنفيذية
لم ينص على أنّ نائب رئيس اللجنة التنفيذية/ رئيس دولة فلسطين يتولى رئاسة اللجنة التنفيذية في حال شغور المنصب. وهذا الأمر لن يمنع مستقبلاً احتمالية وجود صراع بين مراكز القوى والنفوذ في الوصول إلى رئاسة اللجنة التنفيذية أو رئاسة دولة فلسطين.