فشل الكيان الصهيوني استخباراتيًا ينذر بالانهيار

أمد/ لطالما تفاخر الكيان الصهيوني بتفوقه الاستخباراتي الذي يُعد إحدى الركائز الأساسية لاستمراره وضمان بقائه و أمنه القومي في منطقة مليئة بالتحديات والمخاطر. غير أن عملية طوفان الأقصى و ما تلاها من تطورات، أكدت وجود ثغرات خطيرة في منظومته الاستخباراتية، مما يثير تساؤلات جوهرية حول مدى قدرة هذا الكيان على الحفاظ على تفوقه الأمني والاستخباراتي، بل و ضمان بقائه و تفادي الإنهيار .
أهمية الاستخبارات للكيان الصهيوني
يعتمد الكيان الصهيوني بشكل رئيس على أجهزته الاستخباراتية، مثل “الموساد” و”الشاباك” و”أمان”، في تأمين جبهاته الداخلية والخارجية، وتوجيه عملياته العسكرية والاستراتيجية. وقد استثمر الكيان موارد ضخمة في التكنولوجيا المتطورة والذكاء الاصطناعي والتنصت الإلكتروني، إلى جانب تجنيد عملاء داخل الدول المستهدفة. ومع ذلك، فإن الفشل المتكرر لهذه الأجهزة يكشف عن وجود اختلالات هيكلية عميقة.
دلائل الفشل الاستخباراتي
1. عدم القدرة على التنبؤ بالهجمات
شهدت السنوات الأخيرة مجموعة من الهجمات التي فاجأت الأجهزة الأمنية، من بينها العمليات الفدائية التي ينفذها أفراد فلسطينيون دون انتماء تنظيمي واضح، مما يدل على ضعف القدرة الاستخباراتية في التنبؤ بالأحداث.
2. فشل الاختراق البشري
رغم محاولات الكيان المستمرة لاختراق الفصائل الفلسطينية، فإن الأخيرة نجحت في الحفاظ على أمنها الداخلي، كما تجلى ذلك في عدم قدرة الاحتلال على استباق تحركات المقاومة الفلسطينية أو كشف خططها قبل تنفيذها.
3. إخفاقات على الجبهة الشمالية
في السنوات الأخيرة، واجه الكيان الصهيوني انتكاسات استخباراتية في مواجهته مع حزب الله ، حيث تمكن الحزب من تطوير قدراته العسكرية دون أن تتمكن أجهزة الكيان من عرقلتها أو حتى رصدها بدقة.وما حدث في قضية البيجرز و استهداف منظومة القيادة و الاتصالات لحزب الله ، وقد عمل عليه الكيان منذ هزيمته في العام 2006، تم تفاديه من قبل حزب الله ، وهو أكده إذعان الكيان بالهزيمة ، وقبوله وقف العدوان.
4. ثغرات في الجبهة الإلكترونية
على الرغم من كون الكيان رائداً في مجال الأمن السيبراني، إلا أن هجمات إلكترونية متكررة من قبل محور المقاومة، مثل إيران، كشفت عن ضعف غير متوقع في البنية التحتية السيبرانية للكيان، ما أدى إلى اختراق بيانات حساسة وتسريبها.
5. الاعتراف الرسمي بالفشل خلال طوفان الأقصى
في أعقاب طوفان الأقصى ، قدم العميد يوسي ساريئيل، قائد وحدة الاستخبارات العسكرية الصهيونية 8200، استقالته، معترفًا بفشل وحدته في تقديم إنذار مبكر عن الهجوم. في رسالة استقالته، قال ساريئيل: “في 7 أكتوبر الساعة 6:29 صباحًا، لم أقم بمهمتي كما توقعت من نفسي، وكما توقع مني قادتي ومرؤوسي، وكما توقع مني مواطنو الأمة التي أحبها كثيرًا”.
و بحسب تصريحات ساريئيل الجيش كان مشلولاً لساعات طويلة يوم 7 أكتوبر.
كما كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية عن تفاصيل جديدة حول التحقيقات في الفشل الاستخباراتي للجيش الصهيوني خلال عملية طوفان الأقصى . أشارت الصحيفة إلى أن وزير الجيش السابق، يوآف غالانت، زار منطقة “غلاف غزة” قبل أيام من الهجوم، وصرح بأن “حماس تبعث إشارات تقول إنها تريد تسوية، وهي غير قادرة على اجتياز السياج”. هذه الاعترافات تسلط الضوء على الثغرات الاستخباراتية والتقديرات الخاطئة التي أدت إلى شلل جيش الاحتلال لساعات طويلة.
أسباب الفشل الاستخباراتي
1. الاعتماد المفرط على التكنولوجيا
تركيز الكيان الصهيوني على التكنولوجيا المتقدمة قد أدى إلى إهمال العنصر البشري في العمليات الاستخباراتية، وهو ما استفادت منه المقاومة الفلسطينية من خلال استخدام وسائل بدائية لتجنب المراقبة الرقمية.
2. الثقة الزائدة بالنفس
نجاح الكيان الصهيوني في عدد من العمليات الاستخباراتية السابقة جعله يقع في فخ الغرور، مما أدى إلى استهانته بقدرات المقاومة وترك فجوات استخباراتية قاتلة.
3. تعدد الجبهات والتحديات المتزايدة
انشغال الكيان الصهيوني بعدة جبهات في آن واحد، مثل المواجهات مع المقاومة الفلسطينية وحزب الله، إضافة إلى جبهة اليمن و دخول فصائل عراقية على الخط و أيضاً التصعيد مع الجمهورية الإسلامية ، أدى إلى تشتيت قدراته الاستخباراتية، مما جعله غير قادر على التركيز بفعالية على كل هذه الجبهات.
4. التغيرات الإقليمية والدولية
التغيرات الجيوسياسية، مثل عودة بعض الدول العربية لدعم القضية الفلسطينية (ولو في الإعلام) ، بروز رأي عام عالمي مؤيد للقضية الفلسطينية و مندد بجرائم الكيان ضد الإنسانية ، إضافة إلى تحسن قدرات الدول التي لاتعترف بهذه الكيان اللقيط ، أسهمت في إضعاف قدرته على الاحتفاظ بتفوقه الاستخباراتي.
الدروس والعبر لمحور المقاومة
1. تعزيز الأمن المعلوماتي والتخفي
أثبتت تجربة المقاومة الفلسطينية أن العمل ضمن خلايا غير مركزية، والاعتماد على وسائل اتصال بديلة، يقلل من احتمالات الاختراق الاستخباراتي من قبل أجهزة الكيان المتعددة .
2. توظيف التكنولوجيا لصالح المقاومة
يمكن لمحور المقاومة تعزيز قدراته الاستخبارية من خلال تطوير تقنيات التجسس الإلكتروني والحرب السيبرانية لمواجهة التفوق التكنولوجي للكيان الصهيوني
3. تفعيل العمل الاستخباراتي المضاد
ينبغي على فصائل المقاومة تعزيز عملياتها الاستخباراتية المضادة بهدف رصد تحركات العدو وإحباط محاولاته لاختراق صفوفها.
4. استغلال نقاط الضعف الاستخباراتية الصهيونية
يمكن توظيف الفشل الاستخباراتي للكيان الصهيوني لتنفيذ عمليات نوعية، كما حدث في طوفان الأقصى في 7 أكتوبر، حيث استُغلت الثغرات الأمنية وشُلت قدرات العدو لساعات طويلة.
5. تعزيز الحاضنة الشعبية
أثبتت التجربة خاصة بعد طوفان الأقصى أن الحاضنة الشعبية وتنامي التأييد الشعبي العالمي للشعب الفلسطيني ، يشكلان عاملاً أساسيًا في نجاح المقاومة، لذا ينبغي العمل على تعزيز الروابط بين المقاومة والشعوب الداعمة لها.
التداعيات المستقبلية
1. تآكل مقولة “الردع الإسرائيلي”
يشكل الفشل الاستخباراتي المتكرر ضربة لهيبة الكيان الصهيوني العسكرية والاستخباراتية، مما قد يشجع المقاومين على تصعيد عملياتهم ضده .
2. تصاعد المخاطر الأمنية
ازدياد الثغرات الأمنية قد يؤدي إلى تنفيذ عمليات نوعية ضد الكيان الصهيوني، سواء من الداخل أو الخارج، مما يزيد من زعزعة الاستقرار الداخلي.
3. اهتزاز الثقة الداخلية
المستوطن القادم من الخارج إلى فلسطين المحتلة لم يعد يثق بقدرة المستويين السياسي والعسكري على توفير الأمن له، مما قد ينعكس في احتجاجات داخلية وضغوط سياسية على صناع القرار، ويزيد من الهجرة العكسية التي هي مقتل الكيان اللقيط وبداية نهايته وانهياره من الداخل.
إن فشل الكيان الصهيوني استخباراتيًا ليس مجرد حادث عابر، بل هو مؤشر على وجود أزمة بنيوية في منظومته الأمنية. وبينما يحاول هذا الكيان معالجة هذه الإخفاقات، فإن المقاومين يواصلون تطوير قدراتهم، مما قد يضع هذا الكيان اللقيط أمام تحديات وجودية حقيقية في المستقبل.