فرنسا ترفض الاعتراف بأخطائها
مرة أخرى يعي حادث مأساوي فرنسا أمام تعنتها في رفض أنها كانت قوة استعمارية غاشمة، واصلت في تهميش أجيال من المهاجرين رافضة أن يتحولوا رغم أنهم ولدوا على أرضها فرنسيين بكامل الحقوق.
ما تعيشه فرنسا من دمار منذ ثلاث ليال، هو ليس فقط تعبير عن غضب عن مقتل الشاب نائل على يد شرطي، بل أيضا ثورة متجددة لأبناء مهاجرين رفضت فرنسا منحهم حظ النجاح وأبقتهم في خانة “فرنسيين من أصول..”.
ففي وقت يجلس فيه بريطاني من أصول هندية على نفس الكرسي الذي جلس عليه وينستون تشرتشيل كوزير أول، ظلت فرنسا طيلة عقود من الزمن تضع عراقيل في طريق أبناء المهاجرين لتبوأ مناصب عليا، فلم يسعف هؤلاء الحظ حتى الظفر بمنصب عمدة مدينة من 10 آلاف نسمة فقط.
فبعد البيوت القصديرية في الستينات والسبعينات قامت فرنسا بحشد هؤلاء في أحياء الضواحي كانت ولا تزال تفتقد لرفاه قلب باريس. وليست هذه المرة الأولى التي ينفجر فيها غضب الفرنسيين من أصول أجنبية فعاشت فرنسا نفس الوضع سنة 2005 أين أدى مقتل المراهقين زياد وبونا أيضا من أبناء المهاجرين في محول كهربائي بعد مطاردة لرجال الشرطة إلى موجة احتجاجات عنيفة دامت 21 يوما.
ومثل هذه المرة عاد النقاش بين أطياف الطبقة السياسية الفرنسية عن ملف الهجرة، فاليمين المتطرف يقول إن هذا نتيجة سياسة استقبال المهاجرين متجاهلين أن أغلب هؤلاء ولدوا في فرنسا ويحملون جنسيتها.
في المقابل يرى أقطاب اليسار واليسار المتطرف المتعاطف مع المهاجرين، أنها نتيجة ورفض قبول التنوع في المجتمع الفرنسي. وهو الطرح الأقرب للحقيقة غير أن فرنسا المتعجرفة والتي حافظت في جيناتها على النزعة الاستعمارية ترفض رفضا قاطعا مواجهة الحقيقة، ما يوحي أن حادثة مقتل نائل وقبله زياد وبونا لن تكون الأخيرة.